تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

"يافا: ميكانيكية الليمون".. صفعة من الداخل الإسرائيلي على زيف الصهيونية

مصدر الصورة
sns - وكالات

 

محطة أخبار سورية

يعتبر فيلم " يافا: ميكانيكية الليمون" للمخرج الإسرائيلي إيال سيفان، صفعة من الداخل الإسرائيلي على الزيف الذي تدعيه الدعاية الصهيونية وتريد أن يكون " مادة تستبدل بها حقائق الذاكرة" على حد تعبير سيفان.

 

ويكشف الفيلم عن الآلية التي يتم من خلالها الاستيلاء على ليمون يافا، الذي تحول مرادفاً للاستيلاء على الأرض، ويبدو في بحثه المكثف والغني عن الحقيقة المتوارية واستجلاء صورتها أقرب إلى الأبحاث التي قام بها مؤرخون جدد يعيدون كتابة التاريخ الإسرائيلي بناء على حقائق تاريخية وليس على أساطير اعتبرها المخرج قواماً للصهيونية. 

 

ويصور الفيلم، الذي قدم أخيراً بعرض خاص في باريس بعد عرضه في القناة الخامسة الفرنسية في نسخة مختصرة الشهر الماضي، آلية استملاك إسرائيل لليمون الذي كانت بساتينه الممتدة تصل بين يافا وتل الربيع، وتحوله إلى غابات من الأبنية الحجرية تابعة لعاصمة الدولة العبرية.

 

وتظهر الصورة الدعائية الإسرائيلية عن ليمون يافا التي خلت من البساتين بعد أن عمدت العصابات اليهودية إلى تفجير الآبار المائية التي كانت تروي منها الشجر قبل النكبة وبعد أن هجر سكان يافا بلدهم ولم يبق من سكانها الـ 85 ألفاً سوى ثلاثة آلاف.

 

وتذكر صور الفيلم النادرة بتلك التي استخدمت في شريط "الأرض بتتكلم عربي" للمخرجة الفلسطينية ماريز غرغور ابنة يافا التي كان أهلها آخر من غادر من أبناء المدينة جواً على متن طائرة فلسطينية أقلعت إلى بيروت من مطار القدس في 1948.

 

ويجري المخرج مقابلات مع عدد من السكان الأصليين لمدينة يافا الذين تحولوا من ملاك إلى أجراء بعد مصادرة أرضهم في 1948، وهم يستذكرون بحسرة ماضيهم الجميل حيث كان الجميع من مختلف الأديان يعمل جنباً إلى جنب بسلم وأمان.

 

ويعتمد الشريط على مادة أرشيفية مهمة كلفت 100 ألف يورو، وتضمنت صوراً نادرة من الأرشيف غير الإسرائيلي وإنما الغربي.

 

وتأتي الصورة والأفلام الدعائية التي كانت مخصصة للخارج بما تتضمنه من محتوى لتكشف ذاتها.

 

ويعيد الفيلم إنتاج الكثير من الأشرطة الدعائية القصيرة التي تصور قدوم اليهود إلى الصحراء ليستثمروها ويخرجوا منها الليمون. وهو يعرض كيف أصبح له سمعة عالمية وادعت الحركة الصهيونية وإسرائيل امتلاكه وسجلته باسمها وكأنه لم يكن موجوداً من قبل وخلقت بدل الواقع صورة دعائية تؤكد على هذه الملكي.

 

ولأكثر من مرة، ضحك الجمهور في القاعة حين أورد الشريط الأفلام الدعائية التي كانت تصور المستعمرين وهم يرقصون ويعزفون على أنغام الأكورديون "في أوقات الراحة من قطاف الليمون".

 

ومقابل الصورة المضيئة التي تكشف سعادة الانتماء للمشروع الصهيوني، ونساء نضرات يقطفن الفواكه في الحقول بحماسة بالغة، كانت تلك الأفلام كما في الأجزاء التي اقتبسها إيال سيفان، يظهر الفلسطيني دائماً على أنه العامل والأجير وليس صاحب الأرض، وإنما الفقير ذو الثياب الرثة والذي يعمل عند صاحب الأرض المستعمر الإسرائيلي.

 

ويعلق إيال سيفان على هذه النقطة بالقول إن الإسرائيليين أنفسهم كانوا يضحكون بسخرية من هذه الصور لعدم مطابقتها للواقع، لكنها أشرطة كانت مصنوعة لتصدر للخارج.

 

ويصور سيفان في شريطه المكثف والغني بالمعلومات، كيفية مصادرة الإسرائيليين لأراضي يافا التي سقط عليها في أيام 3 آلاف قذيفة، كما يقول شاهد إسرائيلي، ما أدى إلى هروب معظم سكانها لتصبح الأراضي أملاك غائبين يسمح القانون الإسرائيلي بمصادرتها.

 

ويكشف الشريط أيضاً كيف كان هذا مدعوماً من الصهاينة المسيحيين في الغرب الذين عملوا عن طريق الإنكليز خصوصاً على نشر الدعاية التي صنعت "لأرض الميعاد" صورة توافق المخيلة الغربية الاستشراقية والمناقضة الواقع.

 

وقد تحول الليمون الذي لم يعد موجوداً في يافا وظل اسمه مرتبطاً بها إلى فخر الصناعة الإسرائيلية، إلى درجة أن إسرائيل عرفت بتصديرها لبندقية "عوزي" ولليمون يافا كما يرد في الفيلم.

 

ويعرض الفيلم حقائق كثيرة تثير أسئلة جديدة تحتاج أبحاثاً موسعة، وتنتظر من يؤرخها عبر مقابلات وتعليقات على الصورة من قبل عدد من الشخصيات الفلسطينية والإسرائيلية، مثل إلياس صنبر وكمال بلاطة وحاييم غوري. وهؤلاء جميعاً يؤكدون أن الذاكرة الجماعية الإسرائيلية تم تبديلها بايكونوغرافيا مصنوعة بدقة لتحل محل الذاكرة الفعلية.

 

ويتناول الفيلم أيضاً دعوات مقاطعة البضائع الإسرائيلية ومنها الليمون اليافاوي المصدر للخارج.

 

ويؤيد المخرج هذه الدعوات مؤكداً أن "هناك دولة وحيدة في العالم شكلت من خلال القانون الدولي وعبر التصويت في الأمم المتحدة"، في إشارة إلى إسرائيل.

 

وأضاف أن "هذه الدولة إذا لم تحترم القانون الدولي وتتوقف عن ارتكاب الجرائم بحق الفلسطينيين فهي ستقضي على نفسها بنفسها".

 

وقال المخرج إيال سيفان إن "فكرة الفيلم قديمة وليست جديدة" وولدت حين قرأ في الصحف أيام اتفاقات أوسلو أن "شركة تصدير برتقال يافا التي كانت تابعة للدولة العبرية سيتم خصخصتها". وأضاف أن هذه النقطة جذبت اهتمامه بالموضوع ليبدأ رحلة بحث طويلة تأجلت مرات قبل أن تتم.

 

وسيفان المعروف بمعاداته للصهيونية، يواصل في فيلمه انتقاد للمجتمع الإسرائيلي الذي بنى عليه أفلامه السابقة، التي يبلغ عددها 18 فيلماً.

 

ولا ينفي المخرج علاقة عنوان فيلمه بفيلم ستانلي كوبريك "ليمونة ميكانيكية"، الذي ينتقد فيه المجتمع البريطاني، بل يقول إن العنوان مقصود.

 

ويقول المخرج إن "مهمتي هي الشغل على الصورة ولا أنزعج حين يقال لي أني أتلاعب بالصورة، هذه مهنتي أصلا".

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.