تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

الصراع في القرن الإفريقي.. وعليه..

مصدر الصورة
محطة أخبار سورية - خاص

بديــع عفيــف

قبل أيام رأى دبلوماسي إسرائيلي سابق أنّ في تعزيز تركيا لوجودها في السودان والصومال تهديدا لحرية الملاحة في البحر الأحمر. واستعرض الدبلوماسي المشاريع الكبرى التي اتفقت عليها أنقرة والخرطوم خلال زيارة الرئيس أردوغان إلى السودان في كانون الأول  2017، لافتا إلى أن الخرطوم وافقت على تأجير جزيرة "سواكن" لتركيا لفترة غير محددة، وإلى تأجير مساحات زراعية شاسعة للقطاع الخاص التركي لمدة 99 عاما. وأشار كذلك إلى أن تركيا ستقوم ببناء ميناء في جزيرة "سواكن" وستعمل على تطوير الزراعة وإعادة بناء القلعة العثمانية التي كانت مقرا رسميا هناك. ورصد أيضاً أن الخرطوم خفضت بشكل ملحوظ مشاركتها في قوات التحالف العربي بقيادة السعودية في اليمن، وطورت في نفس الوقت علاقاتها في الدوحة المنافسة، حيث إمارة قطر على خلاف مع السعودية ومصر والإمارات العربية والبحرين وتتعرض لحصار من هذه الدول الأربعة.

والحال هذه، فمن الطبيعي ألا تكون كل من مصر والسعودية راضيتين عن الوجود التركي في السودان والصومال، لكنهما غير قادرتين على مواجهته في هذه المرحلة لانشغالاتهما، ولأسباب أخرى.

والملاحظ أنّ تسريبات الدبلوماسي السابق، سبقت أيضاً ما شهدته العاصمة السعودية، الأربعاء 12/12/2018، من إطلاق تكتل إقليمي لسبع دول عربية وافريقية مشاطئة للبحر الأحمر وخليج عدن، يضم السعودية ومصر واليمن والسودان وجيبوتي والصومال والأردن. التكتل المذكور يهدف، حسب ما أعلن، إلى تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة وتأمين الملاحة والتجارة العالمية. اللافت في الأمر، أولاً، أنّ أعضاء التكتل الجديد يدورون في الفلك الأمريكي؛ وإعلان وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، إن هذا الكيان سيجمع هذه الدول حتى تتمكن من التعامل مع التحديات التي تواجهها عبر هذه الممرات المائية، وللعمل على اغتنام الفرص الموجودة فيها، بشكل فعال، ثانياً.

وبالطبع لن ننسى ما تم تسريبه سابقاً عن تمويلٍ قطري للسد الذي تبنيه أثيوبيا على نهر النيل والذي سيؤثر على حصة كل من مصر والسودان من مياه النهر، بما يشير إلى الحرب الدائرة في منطقة القرن الإفريقي وعليه. ومع ذلك، فإن ثمة شركاء آخرين أصبحوا موجودين في تلك المنطقة، لا يقلّ وجودهم أهميّة وتأثيراً عن وجود الآخرين بل ربما يتخطاهم؛ جمهورية الصين الشعبية والولايات المتحدة الأمريكية؛ الصين تؤسس قاعدة في جيبوتي لتكون نقطة انطلاق نحو التوسع في القارة السمراء، وهي بدأت بالفعل تنشط هناك عبر مشاريع إنمائية مختلفة. الاقتصاد الصيني المزاحم لنظيره الأمريكي يبحث عن المصادر والمواد الأولية وعن أسواق تصريف المنتجات ولحماية طرق التجارة، وقد وجد ضالته في الأرض البكر؛ الذهب واليورانيوم والنفط والصمغ والممرات المائية وغير ذلك الكثير؛ وبالطبع لن تترك الولايات المتحدة الساحة لغريمتها التي تسير بخط تصاعدي وتكاد تتربع على عرش اقتصادات الدول المتقدمة وأن تزيح الاقتصاد الأمريكي وتكون الأولى عالمياً. تريد واشنطن إقامة القواعد في الصومال وجيبوتي، لأغراض متعددة عسكرية واقتصادية وسياسية، منها؛ محاولة السيطرة على طريق البحر الأحمر، ومراقبة السفن الإيرانية وتهديد  طهران؛ حماية أصدقائها في المنطقة؛ مواجهة التغلغل الصيني في إفريقيا، وربما الوجود الروسي.

 الصراع على القرن الإفريقي يتزايد وكل طرف له مصالحه وأهدافه وإمكاناته، لكن دخول القوى العظمى ساحة المنافسة على الموارد والأسواق وطرق التجارة، يجعل الأطراف الأخرى الصغيرة، هامشية ويقلل من فرصها وميزاتها..؟!!

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.