تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

حكومات.. وزارات.. مستوزرين..؟!!

مصدر الصورة
محطة أخبار سورية - خاص

بديـع عفيـف

أجرى رئيس الوزراء الأردني عمر الرزاز تعديلا هو الأول لحكومته منذ تسلمه مهامه في حزيران الماضي، أي قبل أربعة أشهر تقريباً، شمل خروج 10 وزراء ودمج 6 وزارات كما أفيد. وشمل التعديل مثلاً، دمج وزارة التربية والتعليم مع وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، ودمجت وزارة الشباب مع وزارة الثقافة. كما دمجت وزارة البيئة مع وزارة الزراعة... الخ، لعله يوصل رسالة للشارع الأردني تؤكد حرصه على تخفيف النفقات الحكومية. وفي بلد صغير نسبياً مثل الأردن، يعاني من شح الموارد ونقص في المواد الأولية، ومن أزمة اقتصادية شديدة، وصعوبة في المواءمة بين متطلبات الشارع وإجراء إصلاحات اقتصادية مؤلمة؛ بلدٌ يعتمد كثيراً على المساعدات ويعيش وسط منطقة مضطربة، فإن السؤال الجوهري هو؛ لماذا هذا الكم من الوزارات؟! هل يحتمل الأردن وزارة للبيئة وأخرى للشباب؟! لماذا لا توجد إذن وزارة لتنمية البادية أو لبناء محطات للطاقة النظيفة لاستثمار الطاقة وربما تصديرها؟! نرى أنّ ما فعله الرزاز "بتخفيض" عدد وزاراته مهم وإيجابي، وبداية صحيحة، ويجب أن يُعطى الفرصة للعمل.

لكن مشكلة الرزاز تهون على ما يبدو أمام مشكلة نظيره العراقي المكلف عادل عبد المهدي، الذي فتح باب الترشح أمام عامة المواطنين لتقديم طلبات لتولي الحقائب الوزارية في الحكومة التي يعمل على تشكيلها، فتلقّى الرجل في يوم واحد 36 ألف طلب لتولي حقائب وزارية بالحكومة الجديدة؟!

لا نعلم إذا كانت هذه الفرصة تتضمن طلبات وأسماء من لبنان وسـورية والأردن ومصر أو غيرها من الدول العربية!! المشكلة الآن، أنه إذا كان السيد عبد المهدي سيبحث في هذه الطلبات التي لم يكتمل عددها بعد، ويدرسها بعناية، فربما تنتهي الأربع سنوات المخصصة لفترة رئاسته للحكومة قبل أن ينتهي من معاينتها ودراستها؟!

السؤال البسيط، هو: لماذا نحن العرب نحب المناصب ونسعى إليها؟! ربما لأننا نفهمها على أنها امتيازاً وترفاً وليست مسؤولية؟! أو ربما لأنه لا توجد معايير واضحة للتعيين في المناصب الحكومية ولا بنك معلومات للأشخاص المميزين والأكفاء ونظيفي الكف؛ فالأقرباء والأصدقاء والمعارف والمتزلفون استولوا على كل شيء، أو ربما لأننا شعب يؤمن بالتواكل وانتظار نتائج سحب اليانصيب واللقمة السهلة، وليس بالعمل الجاد والمنتج والمميز.

في لبنان، هو الآخر، تُفصّل المقاعد الحكومية على قياس الأشخاص والطوائف والعلاقات الشخصية الداخلية والخارجية، ولذلك تحدث أزمة عند كل تشكيل وزاري، وتمتد المرحلة، حتى أنّ البلد تعيش دائماً فترة تكليف قد تتجاوز فترة التأليف . وها هو الرئيس المكلّف ورئيس حكومة تصريف الأعمال اللبناني سعد الحريري يمارس التصريف وكأن لا استحقاق ولا مواعيد ولا انتخابات أجريت ولا حاجة لحكومة جديدة... رغم أنّ البلد تسير من مأزق إلى آخر والديون الخارجية تتراكم والمشاكل والتحديات الاقتصادية تتزايد، وكذلك الحديث عن الفساد ومخاطر انهيار اقتصادي، ولكن لا حياة لمن تنادي... فمن تنادي؟!!

أما في سورية، فإن الحديث لا يتوقف عن تشكيل حكومة جديدة، بل حتى في اليوم التالي الذي يلي تشكيل أي حكومة، تبدأ الشائعات عن تعديل جديد للحكومة أو تغيير بعض الوزراء، والأسباب أو التهم جاهزة، بغض النظر عن الواقع وما إذا كان هؤلاء الوزراء يستحقون النقد والتجريح والتشويش على عملهم أم لا ـ بالطبع ـ مع التأكيد على أنه لو فُتح المجال للترشح "للاستيزار" لربما ترشح من السوريين ما يتخطّى عدد الإخوة المرشحين في العراق.. فأغلبنا يعتقد أنه يفهم في كل شيء؛ في السياسة والاقتصاد والطب والصناعة والبورصة والمناخ ومحاربة الفساد... الخ!!

وفي هذه الأيام، وبعد اجتماع اللجنة المركزية لحزب البعث، فإن الترقب سيد الموقف والجميع يترقب خبر إعلان تعديلٍ أو تغيير وزاري في سورية. وبالطبع لكلٍ من السوريين رأيه ومقاساته وترشيحاته لأسماء الوزراء القادمين، وشروط تعيينهم، وكيفية ضمان نجاحهم في عملهم، ومعايير هذا النجاح... الخ، وهي بالطبع متباينة وفضفاضة جداً. ولكن الغالبية من السوريين ربما تتفق على أمرين مطلوب من أي حكومة القيام بهما؛ زيادة الرواتب، وتعيين كل من نريد من أقاربنا في وظائف لدى الدولة، وتحديداً في الأماكن التي نريدها سواء في المحافظة أو المنطقة أو قرب المنزل؛ المهم أن لا تتطلب الوظيفة حضور الدوام اليومي ولا تحمّل المسؤولية، وأن "يستفيد" الموظف "غير راتبه" إذا كان الأمر ممكناً، وهذه الأخيرة أصبحت أكثر أهمية في زمن الأزمة والحرب؛ وإلا تبدأ الانتقادات والاتهامات للحكومة لدحض إنجازاتها وتشويه صورتها ورميها بالفساد وكل أنواع الموبقات..! مع أنّ الوزراء في أي بلد في العالم، هم من شعب هذا البلد، وليسوا من كوكب آخر، ولا من دولة غير دولتهم؛ هم يمثلون شعبهم وقيمه وعاداته ومستوى تطوره ووعيه؛ هم  انعكاس لمجتمعهم بخيره وشرّه؛ وقد قيل: كما تكونوا يولّى عليكم..!!

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.