تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

الغرب إلى أيـن..؟!!

مصدر الصورة
محطة أخبار سورية

عدد أحد الكتّاب قبل أيام في مقال له ستة مؤشرات على تفكك الغرب؛ كاتب آخر تحدث عن حرب باردة بدأت تظهر تباشيرها بين دول الغرب؛ تم تأسيس مجلس عسكري بين فرنسا وكندا؛ الحرب التجارية المعلنة بين أوروبا والولايات المتحدة؛ خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي؛ تركيا الأطلسية في حضن موسكو... الخ. في المقابل، كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يتقلّد أرفع الأوسمة في جمهورية الصين الشعبية، ويوقع اتفاقيات بالجملة ويعرب عن أمله في أن تصل المبادلات مع الصين إلى 100 مليار دولار.. ويتحدث مع نظيره الصيني عن ضرورة التعامل بالعملات المحلية وعن علاقات استراتيجية "قوية ومستقرة" بين البلدين. ما الذي يجري في العالم؟!

دأبت الولايات المتحدة في الماضي على ترهيب أوروبا بـ"البعبع" السوفيتي، ولكن السوفييت لم يعودوا هناك، فيما روسيا الوريثة، تعمل بصمت مع الأوروبيين وتنتشر في العديد من دول أوروبا عبر العلاقات الاقتصادية والتجارية وتجارة الغاز والنفط. المخاطر التي اعتادت الولايات المتحدة اتهام السوفييت ومن ثم الروس أنهم يشكلونها على أوروبا، يوماً بعد يوم، أصبحت هي من يجسدها وبشكل لا يحتمل. التفاهم بين الرئيس بوتين والمستشارة الألمانية انجيلا ميركل أسهل بكثير منه بينها وبين الرئيس دونالد ترامب؛ التبادل التجاري بين برلين وموسكو، والذي يصل سبعين مليار دولار، أكبر وأهم من التبادل التجاري بين ألمانيا والولايات المتحدة؛ والأمر ينطبق كذلك على العلاقات الفرنسية الروسية والفرنسية الأمريكية..؟!!

شعار ترامب "أمريكا أولاً"، لم يرقْ للأوروبيين وليسوا مضطرين للخضوع للابتزاز الأمريكي. الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، هدد بالأمس بقيام المشاركين في قمة مجموعة السبع الكبار في كيبيك الكندية، بالتوقيع على الوثيقة النهائية دون الرئيس ترامب، وقال: "قد يكون الرئيس الأمريكي لا يعارض العزلة ونحن من جانبنا لا نعارض التوقيع على اتفاقية بين الدول الست". الغرب يتشظى لصالح صعود الصين وروسيا. دول الغرب الأساسية تتباعد عن الولايات المتحدة وعن بعضها البعض، وتتخذ مسارات جديدة تقودها نحو الصين وروسيا.

في حقبة الحرب الباردة في ثمانينات القرن الماضي، كان ممنوعاً التقارب بين روسيا والصين. وفي حقبة الحرب الباردة الجديدة بين دول الغرب، فإن الصين وروسيا تقودان العالم نحو نظام دولي جديد أكثر عدالة وأقل سيطرة من القوى الاستعمارية. تتحدث روسيا والصين عن ضرورة "منع التدخل في شؤون الدول الأخرى، إن كانت الداخلية أو الخارجية وحل النزاعات السياسية عبر الطرق الدبلوماسية حصرا"؛ منطق يخالف النهج الأمريكي والغربي السائد بشكل عام, فيقرّب الروس والصينين من الجميع.

القواعد الصينية آخذة في الانتشار في العالم؛ اقتصاد وتجارة ومصالح مشتركة في افريقيا وآسيا وحتى أوروبا؛ القوة الاقتصادية الصينية تتكامل مع القوة العسكرية الروسية؛ الروس الذين تسللوا بهدوء وسبقوا الأمريكان بسنوات في مجال الصناعات العسكرية؛ في الصواريخ الباليستية والنووية والفرط صوتية والغواصات وغيرها؛ النواة الروسية الصينية كمحور دولي، تثير شهية الدول المجاورة فتتقرب منها شيئاً فشيئاً؛ عواصم الإقليم والعالم تريد الحماية وتريد المنافع الاقتصادية، وأيضاً تريد الاحترام الذي توفره طريقة تعاطي البلدين مع الآخرين.

المؤسسات الغربية أصابها العقم وأصابها الغرور أيضاً، ولذلك تبدو غير قادرة على إنتاج قيادات جديدة أو مواكبة التحديات الماثلة في الاقتصاد والسياسة والسلاح والمناخ والإرهاب وغيرها من مشاكل العصر. في السنوات الماضية، ظهرت نظرية في الغرب تدعي أنّ الدول الديمقراطية لا تتصارع فيما بينها، ولكنها تتصارع مع الدول غير الديمقراطية؛ يبدو أنّ الكثير من نظريات الغرب وأدبياته السياسية وغير السياسية سوف تسقط تباعاً.. والمسألة هي مسألة وقت لا أكثر..؟!!!

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.