تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

ماذا بعد قمّة الكوريتين..؟

مصدر الصورة
محطة أخبار سورية - خاص

بديع عفيف

أشادت وكالة الأنباء الكورية الشمالية باللقاء التاريخي الذي عقد أمس بين زعيم الشمال كيم جونغ أون، ورئيس كوريا الجنوبية مون جيه إن، واعتبرت أنه قد فتح الطريق نحو عصر جديد. وقالت الوكالة إن القمة "بداية الحركة نحو الوحدة الوطنية والسلام والازدهار". وأشارت إلى أنه جرى خلال اللقاء تبادل مفتوح للآراء "حول قضايا مختلفة، بينها نزع السلاح النووي من شبه الجزيرة الكورية وضمان السلام في المنطقة".

من جهته، قال وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس إن الولايات المتحدة مستعدة لأن تبحث مع الحلفاء وكوريا الشمالية سحب قواتها من شبه الجزيرة الكورية، في إطار مفاوضات معاهدة السلام، فيما اقترح السيناتور الجمهوري الأمريكي ليندسي غراهام، منح الرئيس دونالد ترامب جائزة نوبل للسلام في حال التسوية في شبه الجزيرة الكورية.

بلى، هو حدث تاريخي كبير بكل المقاييس، والآمال كبيرة وعريضة، ولكنّ الأمور في خواتيمها؛ إذا تم استكمال المحادثات واللقاءات مع الأمريكان وتمخضت جولات المفاوضات عن اتفاق في شبه الجزيرة الكورية، عندها تكون هناك بداية جديدة للتاريخ في جنوب شرق آسيا؛

الترحيب الدولي بالقمة الكورية كان شاملاً والفرحة كذلك، ولكن كان هناك بعض التشكيك والمشككين بالوصول إلى النتائج المرجوة، بسبب تجربة الماضي؛ البعض شكك بجدية كوريا الديمقراطية (الشمالية) وصدق نواياها، والبعض الآخر شكك بصدق الولايات المتحدة؛ كلٌ لديه أسبابه ومبرراته، ولكن التجربة مع الأمريكيين تجعل الكثيرين يعّدون للعشرة قبل تصديق الأمريكيين، ولدينا مثالين يمكن الاسترشاد بهما؛

أولاً، المصالحة الأمريكية مع كوبا؛ وثانياً، الاتفاق النووي مع إيران؛ في كلتا الحالتين، تحاول الولايات المتحدة التراجع عن الالتزام بالاتفاقات الموقعة؛ لم تتحول زيارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما إلى كوبا إلى سلام حقيقي وعلاقات "دافئة" بين وشنطن وهافانا، فيما تحاول الولايات المتحدة تعديل الاتفاق السداسي (الخمسة الدائمين في مجلس الأمن+ألمانيا) مع إيران أو إلغائه؛ وفي كلتا الحالتين تعطي الولايات المتحدة مبررات لعدم الوثوق بها؟

لكنّ الأمر مع بيونغ يانغ، مختلف؛ فالولايات المتحدة، ورغم الدوي الإعلامي، إلا أنها تأتي صاغرة إلى المحادثات مع كوريا الشمالية، لسبب بسيط، هو أن الأخيرة، لديها السلاح النووي الردعي، والباليستي المدمّر، ويمكنها أن تردّ وتوجع إنْ اعتديَ عليها، أو أن تفاوض من موقع قوة، كما يحصل الآن. ولذلك، فإن المتوقع أن تثمر المفاوضات بين كوريا الجنوبية والأمريكان من جهة، وكوريا الشمالية ومن خلفها الصين وروسيا من جهة أخرى. لا يهم أن تسمى المفاوضات ثلاثية أو رباعية أو خماسية، لأن الضمانات التي ستطلبها بيونغ يانغ لتقديم أي تنازلات، ستقدمها بكين وموسكو وليس سواهما.

قد يكون من المُبكر الحديث عن الآفاق المستقبلية لما بعد اتفاقٍ مرجح في شبه الجزيرة الكورية، ولكن من الطبيعي أن يُقدِّم الاتفاق الكوري الشمالي مع الولايات المتحدة مساحة للأخيرة للتفرغ للشرق الأوسط وتحديداً إيران، وهي تحمل بيديها جزرة كبيرة وهراوة أكبر. هذا من جهة. ومن جهة أخرى فإن الأمر الآخر الذي لا يقلّ أهمية هو التغييرات التي ستطرأ على سياسة كوريا الشمالية وعلى علاقاتها مع دول عديدة في العالم، ومنها إيران وسورية. فمنطقياً، وبوجود الضغوط عليها، سيكون من الصعب أن تواصل بيونغ يانغ سياستها الحالية. وللتذكير، فقد طالب الكيان الإسرائيلي الولايات المتحدة، عندما اشتدت الأزمة بينها وبين كوريا الشمالية في الأشهر الماضية، طالب واشنطن بضرب بيونغ يانغ بسبب علاقاتها مع إيران، ولدورها في تسليح سورية وإعطائها منظومة صواريخ سكود الشهيرة..؟!

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.