تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

شرعية "عاصفة الحزم" في المواثيق الدولية..!!


30/3/2015

 

طالعنا وزير خارجية الكويت بمرافعة قانونية عن شرعية حق السعودية وحلفائها في شن عاصفة الحزم على اليمن وذلك خلال انعقاد اجتماع وزراء الخارجية العرب في شرم الشيخ تحضيراً للقمة العربية ألأخيرة، وأن هذا الفعل يتفق مع أحكام ميثاق جامعة الدولة العربية والأمم المتحدة. بيد أن مراجعة بسيطة لهذه  المواثيق التي استند إليها الوزير في بيانه تظهر زيف تلك الادعاءات ومحاولة  تبرير هذا الاعتداء؛  فالمادة الثامنة من ميثاق جامعة الدولة العربية تقضي أنه: "تحترم كل دولة من الدول المشتركة في الجامعة نظام الحكم القائم في دول الجامعة الأخرى وتعتبره حقاً من حقوق تلك الدول وتتعهد بأن لا تقوم بعمل يرمي إلى تغيير ذلك النظام فيها". وتشير المادة الخامسة من الميثاق إلى أنه: "لا يجوز الالتجاء إلى القوة لفض المنازعات بين دولتين أو أكثر من دول الجامعة، فإذا نشب بينهما خلاف لا يتعلق باستقلال الدولة أو سيادتها أو سلامة أراضيها ولجأ المتنازعون إلى المجلس لفض هذا الخلاف كان قراره عندئذ نافذاً وملزماً".

          وبالتالي أين مطالعة وزير خارجية الكويت من هذه المواد، لا سيما وأن  الجامعة العربية قامت بالأساس على المبادئ التالية:

1ـ المساواة بين الدول الأعضاء.

2ـ المحافظة على سيادة الدول.

3ـ مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأعضاء.

4 ـ حل المنازعات بالطرق الودية.

فهل احترمت الدول المشاركة في عاصفة الحزم  تلك المبادئ؟ خاصة أن  ميثاق الأمم المتحدة الذي استند إليه الوزير في بيانه يقول في المادة الأولى الفقرة السابعة؛ إنه: " ليس في هذا الميثاق ما يسوغ (للأمم المتحدة) أن تتدخل في الشؤون التي تكون من صميم السلطان الداخلي لدولة ما, وليس فيه ما يقتضي من الأعضاء أن يعرضوا مثل هذه المسائل لأن تحل بحكم هذا الميثاق، على أن هذا المبدأ لا يخل بتطبيق تدابير القمع الواردة في الفصل السابع". وهذا الفصل خوّل مجلس الأمن وحده اتخاذ التدابير القمعية. والمجلس المذكور لم يتخذ مثل هذا القرار. وبما أن هذا  الاعتداء على اليمن تم من خارج المجلس أو ترخيص منه،  فهو يشكل انتهاكاً لسيادة اليمن وسلامة أرضيه، ويكون من  حق الشعب اليمني ممارسة حق الدفاع المشروع عن النفس.

 كما أن اتفاقية الدفاع المشترك المبرمة عام 1950، تنص على أن كل الدول المتعاقدة تعتبر كل اعتداء مسلح يقع على أي منها اعتداء عليها جميعا ً، وتلتزم بالتالي عملاً بحق الدفاع الشرعي بأن تبادر إلى معونة الدولة أو الدول المعتدى عليها، وبأن تتخذ على الفور منفردة أو مجتمعة جميع التدابير لرد الاعتداء. وهذا النص يطبق على الاعتداء الخارجي وليس الخلاف الداخلي المحكوم أصلاً بديباجة ميثاق جامعة الدول العربية التي تنص على: "احترام استقلال تلك الدول وسيادتها"، وهو من المبادئ الراسخة  في القانون الدولي، بعدم التدخل في شؤون الغير، والتي يبدو أن مملكة آل سعود لم يصل إلى علمها؛

فمن يراجع تاريخ المملكة الوهابية وتحديداً بين أعوام 1963 وحتى 1973 يجد أن السعودية قد اعتبرت توقيع ميثاق الدفاع المشترك ين الجمهورية اليمنية والجمهورية العربية المتحدة عام 1962 تهديداً لأمنها. وأعلن مليكها آنذاك التعبئة العامة وطلب من الولايات المتحدة الأمريكية العون والمساعدة لمواجهة هذا التحالف العربي. وقامت السعودية بتمويل جيش الإمام يحيى بالأسلحة والذخائر والمؤن ضد الجمهوريين. واستمر هذا الدعم على الرغم من قناعة واشنطن أن دعم الإمام يحيى ميؤس منه. وعندما اتفق الملك فيصل مع الرئيس عبد الناصر لحل القضية اليمنية، لم تلتزم السعودية بهذا الاتفاق وكانت تسوف في التنفيذ، بل أنها وفي معرض الاتفاق على انسحاب كل القوات الأجنبية من اليمن، لم تدرج السعودية "المرتزقة" العاملة إلى جانب الملكيين في عداد تلك القوات.

وفي عام 1965 تم توقيع اتفاقية بين مصر والسعودية نصت على منح الشعب اليمني حق البت في مسألة نظام الدولة عن طريق الاستفتاء الشعبي. وكان ينبغي على السعودية أن توقف فوراً المساعدات العسكرية للملكيين وتمتنع عن استخدام أراضيها لشن عمليات عسكرية ضد اليمن الجمهورية. وقد التزمت مصر بالاتفاقية لكن السعودية لم تلتزم بل استغلت حرب الخامس من حزيران عام 1967 وانشغال مصر بالحرب مع الكيان الصهيوني لتقديم مزيد من الدعم للملكيين. وواصلت خنق حركة الجمهوريين. ولم يهدأ بال السعودية حتى استقر لها الأمر والإتيان بحكومة موالية لها في اليمن الشمالي؛ إذ كان هدف السعودية من كل هذه الحرب على اليمن جعله تابعاً لها ضمن اتحاد، عوضاً عن محميات عدن الشرقية. فقد كانت ترغب في إيجاد منفذ مباشر لها على المحيط الهندي واستغلت السعودية أحداث عام 1969 لافتعال عصيانات ضد حكومة اليمن الجنوبي؛ فقامت في صيف عام 1968 بدعم حركة العصيان في حضرموت. واشتد تدخل السعوديين بعد استلام مقاليد السلطة في جنوب اليمن من قبل الجناح اليساري للجبهة القومية الذي سار بالبلد في طريق التحولات السياسية والاجتماعية العميقة.

وبتاريخ 27 /11 /1969 هاجمت وحدات من الجيش السعودي نقطة الوادي في حضرموت في اليمن الجنوبي، وعند فشل الهجوم قامت المملكة الوهابية بدعم جيش الإنقاذ المعارض. وجرت محاربة حكومة اليمن التقدمية بذريعة إنقاذ البلد من نفوذ الشيوعية. وفي العام 1972 جرت حرب شاملة بين البلدين، وعند تيقن السعودية من استحالة إسقاط النظام في جنوب اليمن بالقوة أقامت معه علاقات دبلوماسية، ولكن ذلك لم يحد من العداء للجمهورية اليمنية.

من كل هذا، نجد أن الحرب السعودية اليوم هي استمرار لهذا الحقد والعداء والطمع التاريخي لآل سعود باليمن وحضارته وشعبه وموقعه الجغرافي و"ثرواته الطبيعية" وإن اختلفت الذرائع والأسباب والأسماء.

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.