تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

بصمت أعلى من الضجيج.. رحل برهان بخاري

 

مات برهان بخاري ... المثقف والأديب والصحفي والمفكر الموسوعي .. مات وما زالت كثير من أعماله وأفكاره الخلاقة تنتظر من يتبناها ... مات دون أن يسأل عنه أحد ... مضى وحيداً ... لملم أصدقاؤه -الذين سمعوا خبر وفاته - بعضهم وحملوا نعشه ليواروه الثرى تاركينه وحيداً ليعودوا كلاً من طريق ... برهان الذي أعطى دون حدود ... لم نقدم له على طريق رحلته الأخيرة سوى الورود ... ورداً سيرمى على ضريحه لن يفيده في شيء ... لكن من أرسل الورد .. سجل اسمه في قائمة من قاموا بالواجب تجاه أبي عرفان ... وكأن الواجب تجاه المثقفين والمبدعين السوريين على مساحة الوطن يبدأ وينتهي بإكليل ورد "يُبروِظ" مرسله في مقدمة الحدباء البيضاء حاملة ضحايا هازم اللذات ومفرق الجماعات ...

 

نعم يا سيدي مات برهان البخاري الرجل الذي ضج رأسه بالأفكار والابداع ، وسطر يراعه آلاف الصفحات وضمت مكتبته الشخصية مئات الآلاف من الكتب والمصنفات . مات برهان دون أن يكلف أحدهم عناء السؤال عنه وعن صحته التي تدهورت في أيامه الأخيرة .. لم يكن برهان يحتاج إلا ... لمن يسأل عنه ... لمن يسمع منه ... لمن يتبنى أفكاره الموسوعية الخلاقة... لم يكن برهان فقيراً .. لم يكن محتاجاً ... بل على العكس كان غنياً بعقله وأفكاره وإبداعه وحب أصدقائه ومريديه .. نعم مريديه الذين كان لهم شرف التعلم على برهان بخاري وقبس أفكاره ... ورغم هذا كله مات برهان وحيداً ، لأن أهله وأصدقاؤه ليسوا إلا جزءاً منه أما اولئك الذين اناط بهم الوطن وقائده مهمة لم شمل المثقفين والمبدعين ورعايتهم ودعم إبداعهم فقد التفتوا الى قضايا أخرى لن نخوض الآن في تفاصيلها ...

مبدعو سورية على مساحة الوطن من مثقفين وصحفيين وفنانين وكتاب .. اولئك الذين تبنى الأوطان بأفكارهم وإبداعهم تكاد لا ترى احداً يسأل عنهم ... إلا بعد موتهم ... ولولا أن سيد الوطن يكرم هؤلاء ( منى واصف .. دريد لحام .. حنا مينه .. رفيق سبيعي ..وليد اخلاصي ..فاخر العاقل..عبد الكريم اليافي ..وغيرهم والقائمة تطول )  لما عرف أحدهم التكريم من الهيئات والاتحادات والوزارات التي يجب أن تكرمهم إلا .. بعد مماتهم.

 

شوبان وموزارت يحتفل بالذكرى المائة أو المئتين لوفاتهم أو مولدهم لست أدري وتقام الأسابيع الثقافية على ذكراهم بمشاركة سفارات بلدان ولدوا بها وعاشوا على أراضيها أما مبدعو سورية فلا أحد يسأل عنهم ويموتون وحيدين في غرف العناية المشددة أغلب الأحيان  . كم هو مخجل - وهذا ليس انتقاصاً من هؤلاء المبدعين العالميين – أن نحتفل بهؤلاء وننسى خيرة مبدعي سورية ولا نسأل عنهم ... إلا بعد موتهم ونكرمهم بإكليل ورد ومشاركة وجدانية – لدقائق – في أماسـي عزائهم ... أين هي وزاراتنا أين هي اتحاداتنا ونقاباتنا أين .. وأين ؟؟

 

كم هو مؤسف أن تتنطح بعض وزاراتنا واتحاداتنا لتأخذ مهام وزارات أخرى ناسية دورها ومهامها ... فما نعرفه يا سادة أن دائرة دفن الموتى تتبع للمحافظة أو لوزارة الأوقاف والمهمة الأولى لهذه الدائرة إكرام الميت بدفنه وترحيله وحمله مع أكاليل الورد أو بدونها إلى مثواه الأخير .. أما أن تكتفي بعض وزاراتنا واتحاداتنا ونقاباتنا بهذا الدور .. فإنه والله أمر مخجل لنا .. ولكم.. وللوطن ...

 

أما أنت يا أخي عرفان  الذي حمّلك المرحوم الأمانة فجلّ ما نرجوه منك أن تجمع كل ما كتبه والدك برهان من موسوعات وكتب وقصص وشذرات وتسعى لنشره لأنه لم يعد ملكاً للمرحوم ولا ملكاً لك بل هو ملك أبناء سورية جميعاً بل ملك الانسانية جمعاء .. ورحمك الله يا برهان .

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.