تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

هل ستشهد الصناعة السورية انطلاقة جديدة في ظل شعار «العودة إلى الداخل..»؟

مصدر الصورة
تشرين

محطة أخبار سورية

 شكلت الحكومة قبل أيام فريقاً متخصصاً لإدارة الأزمة الاقتصادية وركّز بشكل خاص على دعم الصناعة المحلية، وضم الفريق خبراء ورجال أعمال من القطاع الخاص بما يزيد على نصف أعضاء الفريق ككل.

وعقد الفريق الذي حمل اسم (الفريق الوطني لترويج وتسويق المنتجات السورية وحماية الصناعة الوطنية) أولى اجتماعاته برئاسة وزير الاقتصاد والتجارة الدكتور محمد نضال الشعار، وكانت مهمته: إقامة النشاطات الترويجية للمنتجات السورية والبحث عن أسواق مستهدفة وتحديد المنتجات القابلة للتصدير إليها وإنشاء مراكز للتخزين والبيع فيها إضافة إلى تقييم الصناعات الوطنية الواعدة التي تستحق الدعم من قبل الحكومة والمساهمة في تحديد عناصر هذا الدعم وطرق تطبيقه وتحديد المعايير اللازمة لمنح الدعم ومراقبة أداء هذه الصناعات. ‏

وعدَّ الوزير الشعار أنّ عنوان المرحلة القادمة هو: (العودة إلى الداخل وتمكينه وتطويره ومن ثم الانطلاق إلى الخارج) معتبراً أن تشجيع الصادرات يتطلب صناعات وطنية واعدة وقوية من خلال تحديد هذه الصناعات لدعمها وتمكينها والارتقاء بقدرتها التنافسية في الأسواق الداخلية والخارجية مشيراً إلى أنه سيترك للقطاع الخاص حرية التصرف لكونه أدرى بمصالحه وبالوسائل التي تمكنه من تحقيق جملة عملياته الصناعية والتجارية بالشكل المناسب وسينحصر دور الدولة بالميسر لأعماله ودعمه بما تملك من وسائل تتعلق بالبنية التحتية والاقتصاد بشكل عام. ‏

وقد أمهل الوزير الشعار هذا الفريق ثلاثة أسابيع لتقديم برنامج عمل جدي تحت طائلة إلغاء الفريق. ‏

تفادي الفشل ‏

وقبيل تشكيل الفريق أرسلت وزارة الاقتصاد والتجارة كتباً لغرف التجارة والصناعة تدعوهم فيه باقتراح الآليات التي تراها مناسبة لحماية الصناعة الوطنية ونوعية هذه الصناعات التي تحتاج للحماية بالطرق المختلفة والتي لن يغيب عنها رفع الرسوم الجمركية أو حظر استيراد بعض المنتجات بطريقة تختلف عن الطريقة التي طبقتها الحكومة في منتصف شهر أيلول الماضي ولم يكتب لها النجاح. ‏

ويبدي ليـون زكي عـضـو مكتب اتحاد غرف التجارة السورية ملاحظة يخبرنا بها ويأمل أن تأخذها الحكومة في عين الاعتبار وهي تدرس هذه الطريقة الجديدة في حماية الصناعة عبر الرؤية الجديدة، حيث يقول: «لكي نتفادى الضجة والاعتراضات التي صدرت على القرار السابق المشابه في منتصف أيلول من العام الحالي والتي أدت إلى تراجع الحكومة عنه بعد عشرة أيام، لا بد من مراعاة أمرين أساسيين: ‏

 

أولاً: تحديد الأصناف لتشمل فقط تلك المنتجات التي تنتج محلياً، وعدم حظر استيراد أي منتج لا يصنع محلياً. ‏ ثانياً: إعـطـاء مهلـة زمنيـة محـدودة لإدخــال البضـائــع التـي تم تثبيتها وقيد التجهيز، والمدفوع جزء أو كامل قـيمتها وهي قـيد الشحن، ولابد مـن إعـطاء مهلة لتفادي الأضرار. ‏

إذا لم تؤخذ هاتان النقطتان المهمتان بعين الاعتبار فإن القرار سيواجه اعتراض الأغلبية العظمى من الفعاليات الاقتصادية وسيفشل!». ‏

ويضيف: «إذا كانت غاية القرار تشجيع الصناعات المحلية وإعادة تفعيل المصانع المتوقفة، فهي غاية وطنية نشجعها، ولكن كيف يمكن أن نحقق ذلك عندما يكون القرار لفترة زمنية محدودة غير قابلة للتجديد؟! إن إعادة تفعيل وتأهيل أي مصنع بحاجة لأشهر لتأمين المواد الأولية واليد العاملة والتسويق... وليس هناك من عاقل يدخل بهذه المتاهة وهو يعرف مسبقاً بأنه سينتج لفترة زمنية محدودة غير قابلة للتجديد ومن ثم سيتوقف ويسرح العمال مجدداً». ‏

 

التصدير ‏

ويقول رجل الأعمال بهاء الدين حسن: «المشكلة ليست في تلبية احتياجات السوق السورية فقط، بل في الأسواق التي نصدّر إليها فمعظمها توقف عن الاستيراد بسبب الاضطرابات التي تعاني منها تلك البلدان، ومنها ليبيا واليمن والبحرين، وهي تشكّل نسبة كبيرة من حجم صادراتنا الصناعية وهذا أثّر على مداخيل الصناعة من القطع وعلى الصادرات بشكل عام». ‏

ويعدّ الصناعي هيثم الحلبي أنّ دعم الصناعة المحلية يتطلب دعم الصناعات التصديرية منها ويقول: «الطلبات الخارجية تشكل مورداً مهماً من موارد شركات الصناعة النسيجية السورية, حيث تقوم الشركات الأجنبية بإرسال المواد الأولية ونصف المصنّعة كالخيوط والأقمشة إلى مصانع النسيج السورية، وتقوم الأخيرة بدورها بتصنيع المواد حسب طلب الشركات الأجنبية ثم تعيدها إلى مصدرها مصنّعة بالكامل. ‏

وأوضح هيثم الحلبي أنّ الأزمة السورية وضعت عبئاً كبيراً على حركة الطلبات الخارجية في مصانع النسيج السورية, حيث بات القائمون على الشركات الأجنبية خائفين من الشركات السورية لأنها لن تستطيع إنجاز أعمالها التصنيعية بنجاح بسبب الأوضاع الراهنة. ‏

ويرى المحلل والخبير الاقتصادي فؤاد اللحام أنّه من المهم جداً في هذه المرحلة تقديم قروض قصيرة الأجل وبشروط ميسرة للمنشآت الصناعية المتعثرة حالياً، بهدف تحريك الإنتاج والأسواق والمحافظة على وجودها، وكذلك يجب الإسراع في إحداث المؤسسة الخاصة المستقلة لدعم المؤسسات الصغيرة، والمتوسطة، وتخفيض الرسوم الجمركية على مستلزمات الإنتاج الصناعية، وبناء الخبرات الوطنية في مجال التحديث والتطوير الصناعي والتحسين المستمر في مناخ الاستثمار في سورية. ‏

ويرى ضرورة تكليف فريق عمل فني مهمته وضع تصورات وآلية عمل لتعديل بعض مواد اتفاقيات الشراكة وتحرير التبادل التجاري، ومعالجة النتائج السلبية التي أدّت إليها هذه الاتفاقيات، والإسراع في إحداث مركز التحديث الصناعي ليتولى تحديث وتطوير الشركات الصناعية من أجل متابعة نشاطها وزيادة قدرتها التنافسية، وتشكيل مجلس خاص للتنمية الصناعية لمتابعة الخطط والاستراتيجيات والسياسات الخاصة بالتنمية الصناعية، ومتابعة تنفيذها وإعطاء مسألة التمويل الصناعي بجميع مستوياته الاهتمام المطلوب من المصارف والصناديق العامة والخاصة. ‏

ويركّز على أن تعزيز القدرة التنافسية للصناعة السورية يجب أن يكون في رأس أولويات السياسات الاقتصادية والصناعية، سواء تم توقيع اتفاقيات الشراكة وتحرير التبادل التجاري أم لا، لأن وجود ومصير الصناعة السورية أصبح في ضوء الظروف والمستجدات الإقليمية والدولية منذ تسعينيات القرن الماضي وحتى اليوم يتوقف على قدرتها التنافسية. ‏

ويضع رئيس غرفة صناعة حلب فارس الشهابي الأولويات أمام رئيس الفريق والذي هو وزير الاقتصاد ويعرض علينا هذه الأولويات كما قدمها للوزير وهي: "الإسراع في إصدار قوانين الاستثمار المحفزة، حماية صناعة القيمة المضافة وصناعة العمالة الكثيفة، توطين صناعة السيارات، التركيز على الصناعات الزراعية والغذائية، حل معضلة القطاع العام، تذليل عقبات الإدارة المحلية، حل مشكلة المازوت وتخفيض أسعار حوامل الطاقة الصناعية، تفعيل دعم التصدير، رفع الرسوم الجمركية ومنح إعفاءات ضريبية، العودة إلى دولار التصدير، تخفيض كلف الاقتراض، تسهيل شروط تأسيس المصارف، تطوير البنى التحتية والإسراع بإصدار المخططات التنظيمية، وتطوير ضواحي المدن، الإسراع بعقد اتفاقيات مع الدول الصديقة». ‏

صنع في سورية ‏

ويعدّ خلدون الموقع رئيس مجلس الأعمال السوري- المصري وعضو الفريق الوطني لبرنامج ترويج (صنع في سورية) أنّ الترويج للصناعات السورية يبدأ بتسجيل (صنع في سورية) كعلامة مسجلة تتبع لوزارة الاقتصاد، وخاصة في الأسواق الخارجية، وبالأخص منها المستهدفة والمبينة أعلاه ما يعطي المعارض المقامة تحت اسمها المصداقية في النوعية والجودة للمستورد والمستهلك في البلد المقام به المعرض. ويتوجب إيجاد آلية للتأكد من تقانة التصنيع للمنتجات السورية المعدّة للتصدير، وخاصة ما يتعلق منها بتنفيذ المنتجات المتعاقد عليها في المعارض المذكورة. ‏

 

ويعدّ أن دعم الصناعة المحلية يتم بشكل رئيسي في هذه المرحلة من خلال المعارض، ففي المرحلة الحالية يتوجب علينا تحديد الأسواق ذات المردودية المضمونة والمختبرة ومنها مصر – العراق – إيران – روسيا – (الجزائر والسودان بحسب ما يردنا من دراسة بخصوصها عن الوضع الحالي فيه)، وفي المرحلة اللاحقة يجب استهداف الأسواق الإفريقية والأسواق الأخرى التي يثبت للجنة مردوديتها التنافسية، كما أنه من المفيد عدم تشتيت الدعم في المرحلة الحالية، والتركيز على الأسواق التي تحقّق المردودية الأعلى والمضمونة لرفع تسويق وسوية المنتج السوري فيها. ‏

 

وحول نوعية المعارض المقترحة، فهي معارض قطاعية: صنع في سورية، والمعرض التخصّصي للألبسة والنسيج السوري، والذي يشمل الملابس بجميع اختصاصاتها (الرجالي – النسائي – الولادي – اللانجري – الجوارب النسيج – النسيج المنزلي – أقمشة الستائر والمفروشات – البياضات.. إلخ) وذلك للاستفادة من المنتجات السورية التخصّصية الرائجة في البلد الآخر. ‏

 

أما بالنسبة للقطاعات الأخرى: الكيماوية والصناعات الغذائية والهندسية، فيمكن دمج قطاعين أو ثلاثة أو أربعة، نظراً لعدم قدرة منتجات أي من هذه القطاعات منفردة من إقامة معرض لها خارج سورية. ‏

 

وهي معارض تضم المنتجات السورية فقط، وتكون في الأسواق التي تتمتع فيها المنتجات السورية بسمعة جيدة قائمة وتنافسية وسبق واختبرت مثل (مصر– العراق – الجزائر – ليبيا). ‏

وهي المعارض التي تضم منتجات بلدان أخرى أيضاً، ويفضل منها المعارض ذات الشهرة، والتي تقام ضمن مواعيد محددة وموسمية، ووضع وتفعيل أسس أو ضوابط المشاركة السورية، أو إقامة معارض في الأسواق الخارجية. ‏

المؤتمر الغائب ‏

رجل الأعمال الصناعي محمد الشاعر سألناه عن المؤتمر الصناعي الثالث الذي كان من المفترض أن يعقد قبل نهاية العام الحالي، فقال: برأيي لو تم وضع توصيات المؤتمر الصناعي الثاني موضع التطبيق من قبل الحكومة، لكانت الصناعة السورية حقّقت نمواً سنوياً لايقل عن 15%، مضيفاً: وهي لم تكن طلبات تعجيزية، والصناعي السوري عادة يعطي أكثر مما يأخذ، وهذا ما يشهد به واقع الصناعي السوري في السعودية ولبنان وغيرها من الدول فإنتاجه كماً ونوعاً متميّز عن غيره. ‏

 

فلو نظرنا إلى ما تقدمه تركيا ولبنان للصناعيين لعرفنا أين موقعنا، فلبنان على سبيل المثال يعفي الصناعيين من الضريبة كاملة حتى عام 2018، والمصرف المركزي هناك يدعم القروض الصناعية وبأقل الفوائد، بينما ما يحصل عندنا يتبين لك من خلال هذا المثال، فقد ألغي الرسم الجمركي على أحد المواد الأولية الخاصة بصناعتنا اعتباراً من 1 آب ، ولكن ما حصل أنني استوردت هذه المادة فدفعت رسوماً أخرى مقدارها تقريباً 4.5% رغم أن البيان الجمركي ينص على أن الرسم هو صفر. ‏

 

ويرى الشاعر ضرورة الخروج بخطة قومية للصناعة ومستقبلها حتى عام 2025، دون الاقتصار على مؤتمرات للتوصيات. ‏

 

ويوضح: علينا أن نقرّر ما هي الصناعات المستقبلية في سورية، لماذا ليس لدينا مدينة تكنولوجية ولا توجد مدن صناعية تخصّصية، ولا خطط استراتيجية واضحة أو متفق عليها لكي تتبناها الحكومة وقطاع الأعمال. ‏

ويبين الشاعر أنّ الصناعة السورية قادرة على فرض وجودها في الداخل والخارج، فصناعة المنظفات-كما يقول-تعتبر من أقوى الصناعات على مستوى سورية والمنطقة، وتصدّر سورية إلى كل الدول العربية تقريباً، ولا تستورد سوى من دولتين تقريباً، وحجم المستوردات إلى حجم الإنتاج لا يشكّل أكثر من 2-3%، إضافة إلى ذلك فإنّ حجم الصادرات يشكّل نحو50% من الإنتاج السوري الذي يبلغ سنوياً نحو 300 ألف طن، وتستوعب السوق المحلية 150 ألف طن تقريباً. ‏

 

وصناعة المنظفات السورية، دفعت شركات عالمية لإجراء دراسات وأبحاث خاصة عن سورية، كما عقد في سورية ثلاثة مؤتمرات متخصّصة في هذا القطاع منذ عام 1998، في الوقت الذي لم يعقد فيه على مستوى الدول العربية الأخرى سوى مؤتمر واحد. ‏

ويضيف: سورية على سبيل المثال أول دولة في المنطقة وغرب آسيا تستخدم الحبيبات العطرية المكبسلة، وهي تقنية حديثة جداً بدأت عالمياً عام 2010، وكانت سورية من أوائل دول العالم في تطبيقها، وهناك دراسات تفيد بأن سابع منتج في العالم طبّق هذه التقنية هو المنتج السوري. ‏

 

وهذه الجودة أدت إلى نهضة في الصادرات ضمن هذا القطاع بدليل أن 25% من المنظفات اللبنانية والأردنية هي منتجات سورية، ونصدّر للعراق نحو 30-40 ألف طن سنوياً، وهناك مصانع كبرى للمنظفات أقيمت في عدد من الدول الإفريقية أقيمت برؤوس أموال وخبرات سورية. ‏

 

ومما ساعد على تقوية التنافسية في قطاع المنظفات السوري، التعاون الكبير بين صناعييه من خلال لجنة صناعة المنظفات في غرف الصناعة، وقد كانت أول لجنة تتأسّس في سورية عام 1996، وهي تتعاون علمياً في الأبحاث والدراسات والمواد الأولية ولديها ميثاق شرف بخصوص هجرة العمالة فيما بينها. ‏

 

قاطرة النمو ‏

كثير من الصناعيين ممن التقيناهم، كانوا يركزون على ضرورة أن تحسم الحكومة أمرها وتعود إلى القناعة التي طالما رددتها الحكومات السابقة وهي أن "الصناعة قاطرة النمو في سورية» فهي التي تساهم في تسويق وتصنيع وتطوير الزراعة وغيرها من الجوانب التي نريدها أن تقود الاقتصاد السوري. ‏

وفي الوقت ذاته يؤكد الصناعيون أنّ أمام الصناعة السورية فرصة ثانية أتيحت لها بعد فترة وجيزة من الانفتاح لتعود من جديد إلى الداخل، لعلها تستفيد من أخطائها السابقة في فترة الثمانينيات بحسب مايرى خبراء، حيث أضاع كثير من الصناعيين السوريين الفرصة آنذاك فلم يطوروا صناعتهم، وهاهي الفرصة تتكرر اليوم لتمنحهم الفرصة بتقدم منتجات ذات نوعية وذات أسعار منافسة تضمن لها القدرة على المنافسة في حال انفتحت الأسواق السورية من جديد على الخارج. ‏

 

*- حمود المحمود

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.