تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

وزارة..وقانون.. وأخطار بيئية أكبر فهل من مجيب؟

مصدر الصورة
sns

من المهم إصدار التشريعات والقوانين ولكن الأهم وقبل كل شيء تنفيذها أو بالأحرى إصدار التعليمات التنفيذية المناسبة التي تضمن تنفيذ هذه التشريعات والقوانين على أكمل وجه لا أن تأتي هذه التعليمات لتفرغ هذا القانون أو ذاك من مضمونه... ومن المهم كذلك إحداث الهيئات والمؤسسات وأحيانا الوزارات المتخصصة ولكن الأهم أن تعطى هذه الوزارة الصلاحيات والإمكانيات الكفيلة بتحقيق الأهداف التي أنشئت من أجلها.. وهذا الأمر ينطبق على المرسوم التشريعي رقم 50 لعام 2002 أو ما يسمى بالقانون البيئي كما ينطبق على وزارة الدولة لشؤون البيئة التي تبرز أهميتها من خطورة الوضع البيئي الذي تشهده سورية ودول العالم في السنوات الأخيرة..

وزارة قديمة.. حديثة

لاشك أن مجرد إحداث الوزارة يؤكد بشكل أو بآخر اهتمام الجهات المعنية وإدراكها لأهمية حماية البيئة والحفاظ عليها والحد من التلوث البيئي الذي أصبح يشكل خطرا حقيقيا على البشر والشجر والحجر في سورية ومعظم دول العالم.. ولسنا نذيع سرا إذا قلنا أن الاهتمام بالجانب البيئي في سورية لم يصل إلى مستوى يتناسب والمخاطر البيئية التي تواجهنا.. ولاسيما أن وزارة البيئة لم تصل بعد إلى الاستقرار المناسب فبعد أن تم في وقت سابق تشكيل وزارة خاصة بالبيئة جاء قرار دمجها بوزارة الإدارة المحلية ليتم فصلها مرة أخرى وتشكيل وزارة جديدة تحت اسم وزارة الدولة للبيئة وبالتأكيد هذه المعطيات تشير بشكل أو بآخر إلى إمكانية ضمها إلى وزارة أخرى أو حتى إلغائها ولاسيما إذا عرفنا أن الحكومة تعاملت في موازنتها المالية للعام 2010 مع وزارة البيئة وكأنها جزء لا يتجزأ من وزارة الإدارة المحلية رغم مرور أكثر سبعة أشهر على فصلهما حيث حددت موازنة وزارة الإدارة المحلية والبيئة تحت بند واحد وبمبلغ لا يزيد عن 43،9 مليا ليرة سورية.

وهنا لابد من الإشارة إلى أن بيان الحكومة المالي حول موازنة 2010 الذي يناقشه مجلس الشعب حاليا يؤكد أن المشاريع الاستثمارية المخططة في مجال البيئة للعام القادم تتضمن متابعة العمل ببناء مقرات مديريات البيئة في المحافظات وتأمين محطات رصد تلوث الهواء ومتابعة تجهيز المخابر البيئية في المحافظات كافة.

وفي هذا المجال يستغرب الخبراء والمختصون أنه في الوقت الذي وصلت فيه دول العالم إلى مراحل متطورة من البحث والتجارب البيئية ما تزال الخطط الاستثمارية البيئية تلهث وراء تأمين مقرات لمديريات البيئة في المحافظات مع إشارة خجولة إلى تأمين المخابر والتجهيزات اللازمة لدارسة الوضع البيئة وقياس مدى التلوث وكأن بناء المديريات يحمي البيئة من المخاطر التي تهددها.

المالية تعرقل!

رغم مرور أكثر من 7 سنوات على صدور المرسوم التشريعي رقم 50 لعام 2002 "قانون البيئة الذي نص في أحد مواده على إنشاء حساب خاص باسم "صندوق دعم وحماية البيئة" في مصرف سورية المركزي ما يزال هذا الصندوق حبرا على ورق، حيث تؤكد مصادر وزارة البيئة أن هذا الصندوق موجود كهيكلية  ولكنه غير مفعل، لأن موارد هذا الصندوق المؤلفة ـ بحسب المرسوم 50 ـ من العائدات على المركبات والغرامات التي تفرض على المشاريع الصناعية التي تحدث تلوثا في البيئة لا تذهب إلى الصندوق، موضحة أن وزارة المالية رفضت تحويل هذه الرسوم مباشرة إلى الصندوق وإنما يتم تحويل هذه الأموال إلى الخزينة الدولة، ومن ثم تقوم وزارة المالية بصرف ما تريده من أموال من أجل المشاريع الدراسات البيئة الحكومية التي تنفذها وزارة البيئة الأمر الذي يحدث إرباكا كبيرا في تمويل هذه المشاريع ويضع العديد من التساؤلات أمام هذا الإجراء.

ويشير الخبراء إلى ضرورة الإسراع بتنفيذ مضمون المرسوم 50 والعمل على توجيه أموال الصندوق لمواجهة الكوارث البيئية وتمويل المشروعات التجريبية والرائدة في مجال حماية الثروات الطبيعية وحماية البيئة من التلوث ونقل التقنيات الحديثة لأغراض حماية البيئة، وتمويل تصنيع النماذج الأولى للمعدات والأجهزة والمحطات التي تعالج ملوثات البيئة، وإنشاء وتشغيل الرصد البيئي، وإقامة المحميات الطبيعية بهدف المحافظة على الثروات والموارد الطبيعية، وتمويل الدراسات اللازمة لإعداد البرامج البيئية وتقييم التأثير البيئي ووضع المعدلات والمعايير المطلوب الالتزام بها للمحافظة على البيئة، والمشاركة في المشروعات البيئية التي تقوم بها الوحدات الإدارية والبلديات، إزالة التلوث، الأغراض الأخرى التي تهدف إلى حماية وتنمية البيئة.

خسائر فادحة

ولا يتوقف عدم تنفيذ مواد المرسوم 50 عند هذا الحد بل يتعداه ليشمل مجالات أخرى حيث نص المرسوم على منح تعويضات للمتضررين من التدهور البيئي والكوارث البيئية إلا أنه لم يتم حتى الآن صرف أي مبلغ في هذا الإطار بحجة الأنظمة والقوانين المعمول بها وتم الاكتفاء بفرض عقوبات كبيرة وغرامات مالية تصل إلى مليوني ليرة سورية لكل منشأة تضر في البيئة وفي حال التكرار تكون العقوبة الحبس شهراً وإلزام صاحب المنشأة بإزالة الضرر البيئي والمخالفة، فإن المرسوم.

وعن حجم الخسائر التي يتسبب بها التدهور البيئي يؤكد الخبراء أنه لا يوجد أرقام رسمية  عن خسائر سورية جراء التدهور البيئي لأن التقرير البيئي السنوي غير معتمد من وزارة البيئة أصلا، ولم يتم إصداره حتى الآن، ولكن هناك جهات دولية تقدر الخسائر السورية بـ  33 مليار ليرة سورية سنوياً. 

الثواب والعقاب

ويطالب الخبراء في شؤون البيئة ضرورة تعديل بعض مواد المرسوم 50 والعمل على تلافي النواقص الكبيرة التي ظهرت فيه ولاسيما اقتراح محفزات للمستثمرين من أجل تنفيذ مشاريع بيئية تساهم في الحد من التلوث البيئة وذلك على مبدأ الثواب والعقاب.

وتشير مصادر وزارة البيئة إلى أنه سيتم في العام القادم إصدار المخطط البيئي المتكامل لاستعمال الأراضي، بحيث يسهل للمستثمر اختيار الأراضي التي يقيم عليها مشروعه الصناعي، وهذا المخطط يبين المكان المناسب لإقامة الصناعات ويبعد التداخل بين الأراضي الزراعية والأراضي ذات المنشآت الصناعية، ويكون عند المستثمر مخطط واضح للأراضي الصناعية، حسب الموارد المتاحة لكل منطقة، في المحافظات، بحيث ينشأ المشروع الصناعي، ويعرف مسبقاً الأماكن التي يجب أن ينشأ فيها مشروعه الصناعي، ولا يوجد أي اعتراض بيئي عليه.

إننا نحتاج إلى إنجاز مشروع بيئي وطني كبير، يضمن استمرار الحياة بجميع أشكالها في بلدنا، بغض النظر عن تكاليفه، لأنه مهما كانت المبالغ التي سندفعها في هذا الإطار، فإنها سترتد خيراً وأماناً وسلامة على الوطن وعلى أبنائه جميعاً، فهل ستسمع الجهات المعنية صوتنا أم أنها ستستمر في تخبطها بانتظار فرج يأتي من غامض علمه؟

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.