تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

العرب: هل يؤثر تغيير الوجهة الاقتصادية للصناديق الخليجية على مصر

مصدر الصورة
العرب

يؤكد خبراء في القاهرة أن تغيير الوجهة الاقتصادية لصناديق الثروة الخليجية سوف تكون له تأثيرات كبيرة على الاقتصاد المصري الذي يراهن عليها للدخول كمستثمر إستراتيجي في شراء بعض الكيانات التابعة للدولة، والتي طرحتها الحكومة للبيع مؤخرا من أجل الحد من احتداد أزمة شح العملات الأجنبية التي بسببها دخل اقتصاد البلاد في دائرة واسعة من الغموض.

القاهرة - تبحث بعض الصناديق السيادية الخليجية عن تنويع استثماراتها في مختلف الأسواق العالمية للبقاء في قائمة اللاعبين الكبار في المجال الاقتصادي، وبدأت تتجه نحو الشرق الأدنى، فمن المتوقع أن تستثمر نحو 1 – 2 تريليون دولار في آسيا خلال الأعوام الخمسة المقبلة، وستكون الحصة الأكبر من نصيب الصين.

وأعلن الرئيس التنفيذي لبورصة هونغ كونغ نيكولاس أجوزين أن الصناديق السيادية الخليجية (تشمل صندوق الاستثمارات العامة السعودي وجهاز قطر للاستثمار والهيئة العامة للاستثمار الكويتية ومبادلة الإماراتية) لم تستثمر حتى الآن سوى 1 – 2 في المئة فقط من رأسمالها في آسيا، في إشارة إلى أن هناك خططا طموحة للتوسع لا تزال في خطواتها الأولى.

ومن المرجح نمو رأسمال تلك الصناديق إلى 10 تريليونات دولار بحلول نهاية العقد الحالي، بعد أن كانت 4 تريليونات، وسوف تعيد النظر في توجهاتها فيما يتعلق بالاستثمارات المباشرة، حيث تميل نحو أسواق جديدة.

علي الإدريسي: على مصر إيجاد مستثمر لشراء شركات حكومية

لذلك لم يتحقق ما توقعه بعض المحللين في القاهرة من سباق بين تلك الصناديق الخليجية لاقتناص فرص استثمارية لـ32 شركة أعلنت مصر عن بيع حصص منها.

وقال على الإدريسي أستاذ الاقتصاد بإحدى الجامعات الخاصة في مصر لـ”العرب” إن “تباطؤ بيع الشركات والأصول المصرية جاء نتيجة خفض صناديق الثروة الخليجية والمستثمرين الأفراد لقيم الصفقات المعروضة مثل ما حدث لشركة باكين التي اشتراها مستثمرون إماراتيون، ما يبرهن على أنها حولت وجهتها الاستثمارية تجاه أسواق أخرى”.

ويلعب تأخر قرار تحرير سعر صرف الجنيه المصري دورًا ملموسًا في إرجاء ضخ استثمارات من قبل صناديق خليجية في السوق المصرية ويرون أن الاستثمار غير مجدٍ في الوقت الراهن ما لم يتم تبني خطوات جادة تتواءم مع حاجات الاستثمار.

ويدفع التأخر في التعويم بعض الصناديق الخليجية إلى البحث عن دول لديها أوضاع اقتصادية مستقرة، وتملك مؤشرات واعدة ولا تعاني من التحديات الموجودة في مصر، ولا ينتاب مستقبلها الاقتصادي الغموض، وعلى رأسها الصين.

ومن أبرز التحديات الاقتصادية التي تعرقل تدفق استثمارات المؤسسات والصناديق إلى مصر وجود سعرين للصرف في البلاد، وزيادة معدلات الضرائب في الأسواق، ويمثل التراخي في الإقبال على شراء بعض الأصول المصرية جرس إنذار للسلطات المصرية ينبه إلى أن مناخ الاستثمار بحاجة إلى أجواء اقتصادية مواتية بصورة أكبر.

وقد وسّعت مصر في السنوات الماضية عمليات تهيئة مناخ الاستثمار، لكن لم تنجح في جذب العديد من المستثمرين، وأصدر المجلس الأعلى للاستثمار الذي يرأسه الرئيس عبدالفتاح السيسي مؤخرا 22 قرارًا في مختلف القطاعات الاقتصادية بهدف تحقيق نقلة نوعية في معدلات الاستثمار، لكن لم يتم تنفيذها حتى الآن.

وأضاف الإدريسي في تصريح لـ”العرب” أن “الاقتصاد المصري يعاني من أزمات حقيقية، في مقدمتها سعر الصرف الطارد للاستثمارات الأجنبية، والكل يرى ذلك عدا الحكومة التي تعتبر أن البلاد لا تعاني من أزمة عملة وأنها نجحت في إحكام قبضتها على سعر الدولار الذي لم يتحرك في المصارف رغم شحّه الشديد”.

وبات حدوث تحرير جديد لسعر الصرف صعبا بعد أن استبعد الرئيس السيسي خفض قيمة الجنيه أمام العملات الأجنبية مرة أخرى قريبًا، معتبرا أن قضية سعر الصرف “أمن قومي”، وجاء ذلك في خضم احتدام نقص الدولار في الأسواق وانهيار قيمة العملة المحلية، ما أدى إلى ارتفاع نسبة التضخم وضعف القدرة الشرائية.

من أبرز التحديات التي تعرقل تدفق استثمارات المؤسسات والصناديق إلى مصر وجود سعرين للصرف في البلاد

ولفت علي الإدريسي، في تصريح لـ”العرب”، إلى عدم وجود بديل أمام الحكومة المصرية لإفساح المجال أمام دخول الصناديق الخليجية كمستثمر إستراتيجي في شركاتها التي تعتزم بيعها أو طرحها في أسواق المال، فالمستثمر الأوروبي أو الأميركي لا يفضلان السوق المصرية إلا في الاستثمار عبر الأموال الساخنة، بينما أصبحت أسواق مثل السعودية والإمارات هي الأفضل وفي صدارة الأسواق التي يستهدفها هؤلاء.

وما يؤكد أن صناديق الثروة الخليجية غير مقتنعة بالأوضاع الاقتصادية في مصر، أنه رغم التصريحات الرسمية الإيجابية والوعود البراقة في مصر بشأن وثيقة سياسة ملكية الدولة التي تقضي بتخارج الدولة من شركاتها وقبلها برنامج الطروحات الحكومية وعرض أفضل شركاتها وأكثرها تحقيقًا للربحية للبيع، فإن ذلك لم يحفز الصناديق الخليجية على ضخ المزيد من الاستثمارات الكبيرة، وهو دليل على أن الأمر مرتبط بمناخ الاستثمار، وليس البحث عن جني الأرباح فقط.

لكن الخبير الاقتصادي المصري عبدالنبي عبدالمطلب يرى أن السلطات المصرية لا تراهن كثيرا على الصناديق الخليجية لحل أزمة نقص العملة في البلاد أو شراء حصص كبيرة من شركاتها المطروحة للبيع، ولو كان الأمر كذلك لاتخذت خطوات فعلية لإزالة العقبات الاستثمارية أمام دخولها إلى الأسواق.

عبدالنبي عبدالمطلب: القاهرة تأمل في الحصول على مساعدات من الخليج

وأشار في تصريح لـ”العرب” إلى أن مصر مازالت تراهن على دول الخليج لتقديم المنح والمساعدات وليس الاستثمارات في المقام الأول، بينما المسؤولون في الخليج أكدوا أن ضخ الأموال خلال الفترة المقبلة سيكون فقط في إطار استثماري.

ويقول خبراء إن الأسواق الآسيوية الكبرى مثل الصين لا توجد فيها فرص استثمارية مجزية وواعدة للصناديق الخليجية، والأزمة الاقتصادية بمصر مؤقتة والاستثمار فيها تقابله أرباح كبيرة في المستقبل.

وقد يتصدر صندوق الثروة السيادي السعودي النصيب الأكبر للاستثمارات الخليجية في الصين خلال السنوات المقبلة بعد أن وقعت الرياض اتفاقيات استثمارية بقيمة 10 مليارات دولار مع بكين مؤخرا لتوطيد العلاقات بين البلدين.

وغير مستبعد أن تصبح السوق الإيرانية أكثر قدرة على جذب استثمارات خليجية باعتبارها من الدول الواعدة، ويعزز تطوير العلاقات بين دول خليجية وطهران إمكانية حدوث طفرة استثمارية قريبا.

ولفت عبدالمطلب إلى أن الشفافية وتحسين بيئة الاستثمار هما سلاح القاهرة لجذب الصناديق الخليجية إليها، كما أن سبب غموض الموقف الحالي بشأن الاقتصاد المصري يكمن في عدم التوصل إلى اتفاق بين الحكومة وصندوق النقد الدولي بخصوص المراجعة الأولى المتعلقة ببرنامج الإصلاح في البلاد.

ويمكن للقاهرة اعتبار الاستثمارات الخاصة أو المتعلقة بالأفراد بديلاً للصناديق السيادية التي تتعامل بنظام مؤسسي وتتحكم فيها حكومات الدول التابعة لها، على غرار جذب عدد من الشركات بنظام الرخصة الذهبية.

وسوف تظل استثمارات الصناديق الخليجية وعمليات شراء حصص في الكيانات المصرية عالقة، انتظارًا لتقديرات بعض التقارير الدولية الموثوق بها، من جانب صندوق النقد أو وكالات التصنيف الائتماني، والتي توضح الرؤية المستقبلية للاقتصاد، فلم يعد التعاون بين الدول قائمًا على الأُخوة بل على المصالح في المقام الأول.

مصدر الخبر
العرب

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.