تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

قـرار نقـل الفائض الإعــلامي ومشـروعيته في القانـون..!!

مصدر الصورة
محطة أخبار سورية

أثارت قضية الفائض الإعلامي في الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون وقرار السيد المدير العام نقل العاملين المدرج أسماؤهم في تلك القوائم إلى باقي الجهات العامة في الدولة جدلاً واسعاً لدى الرأي العام حول مشروعية  هذا القرار واتفاقه مع القانون؟!

من المسلم به في الفقه والقانون الإداري في سورية أن من حق الإدارة نقل العاملين عندما تكون بصدد تنظيم المرفق العام وتأمين سيره بانتظام وباضطراد مادامت هذه القرارات ملتزمة بالقواعد القانونية المنصوص عليها في قانون العاملين الأساسي رقم 50 لعام 2004 وعلى هذا استقرار اجتهاد المحكمة الإدارية العليا برقم /51/ لعام 1967 من أنه:

"تستقل الإدارة ـ وهي وحدة تضم كل الأجهزة العاملة في الدولة ذات الاختصاصات الواحدة (يعني الفئة الوظيفية) في تقدير ملاءمة تعيين أي فرد لأي وظيفة في أي مرفق من مرافق الدولة بوصفها قوامة على هذا المرفق وتستعمل سلطتها التقديرية في حدود حاجاته إلى الموظفين لكي يأتي سيره مضطرداً ومنتظماً وفي نطاق ما يقتضيه من صفات يجب توفرها في هؤلاء الموظفين".. وذلك على اعتبار أن مبدأ عدم رقابة ملاءمة القرارات الإدارية يجب أن يكون مطلقاً وغير خاضع لأي استثناء، وبالتالي لا يجوز للموظف أن يقيم دعوى الإلغاء ضد القرارات الإدارية التي تتعلق بتنظيم المرافق العامة وسيرها ومنها نقل العامل إلى جهة عامة أخرى إذا اقتضت المصلحة العامة ذلك.

ولكن حرصاً من المشرّع على عدم التعسف في استعمال هذه الصلاحية من قبل القائمين على الإدارة فيما يخص مسألة النقل خارج ملاك الإدارة، نص في المادة 31 من قانون العاملين الأساسي فقرة ج على أنه:

"إذا كان نقل العامل سيتم إلى خارج الجهة العامة التي يعمل لديها أو إذا كان هذا النقل سيتم ضمن الجهة العامة المذكورة ولكن خارج حدود المحافظة فإنه يشترط من أجل هذا النقل إذا لم يكن بناء على طلب العامل الحصول على موافقة لجنة تشكل على الوجه التالي:

  1.  الوزير المختص أو من يفوضه في الجهات العامة ذات الطابع الإداري أو رئيس فرع الجهة العامة المختصة في المحافظة في الجهات العامة ذات الطابع الاقتصادي رئيساً.
  2. أمين فرع حزب البعث العربي الاشتراكي الذي تتبع لها الجهة العامة التي يعمل لديها عضواً.
  3. رئيس اللجنة النقابية في الجهة التي يعمل لديها العامل أو رئيس اللجنة النقابية المختصة في حال عدم وجود لجنة نقابية لأي سبب كان عضواً".

 

وفي ضوء هذه القواعد يحق للجهة العامة نقل أي موظف وبدون طلب منه متى تم التقيد بالقواعد المذكورة أعلاه. وفي حال عدم التقيد بذلك يكون القرار الإداري مشوباً بعيب الشكل أو الإجراءات حيث تقضي المحكمة ببطلان القرارات الإدارية المخالفة لهذه القواعد المنصوص عليها في القانون. وهذا العيب يجعل الصك المشوب به جديراً بالإلغاء ولا يخرج النزاع في هذه الحالة عن ولاية مجلس الدولة بهيئة القضاء الإداري. وقد اعتبر مجلس الدولة الفرنسي أنه إذا كانت الإدارة قد شكلت هذه اللجنة لكن السلطة المختصة أو مصدرة القرار لم تتقيد بالاقتراحات المقدمة من قبل هذه اللجنة، فإن قرارها يبقى سليماً، لكن المحكمة الإدارية العليا في سورية فرقت بين حالتين:

الأولى، إذا كانت القواعد الشكلية أو الإجرائية قد وضعت لصالح الأفراد وكان من شأن التزامها صدور قرار مغاير لذلك الذي صدر دون اتباع لهذه القواعد، كنا بصدد قاعدة جوهرية يترتب على إغفالها تعريض القرار للإلغاء.

الثانية، إذا كانت هذه القواعد قد وضعت لصالح الإدارة، فلا تعد من قبيل الإجراءات الجوهرية حتى لو ترتب على التزامها إمكان صدور قرار مغاير للأول، ما دام هذا القرار لم يؤثر في كثير أو قليل على مصالح الأفراد؛ الأمر الذي يستتبع عدم جواز الطعن فيه بالإلغاء من جانب الأفراد.

وذلك على اعتبار أن المادة 31 فقرة 1 من ذات القانون تنص على أنه:

" تؤلف وظائف الفئة الواحدة في جميع الجهات العامة ملاكاً مسلكياً واحداً مشتركاً، ويجوز بناء على مقتضيات المصلحة العامة أو طلب العامل الخطي، نقل العامل من وظيفة إلى أخرى في الجهة العامة الواحدة، أو من جهة عامة إلى أخرى". وبما أن المنقول يحتفظ بأجره وبقدمه المؤهل للترفيع، يبقى تقدير جوهرية التقيد بما ورد في الفقرة ج من ذات المادة أو عدمه، خاضعاً لتقدير القضاء الإداري بصفته قاضي المشروعية.

           وختاماً، في ظل الضبابية التي تشوب إجراءات نقل الفائض في الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون، وعدم طرحها أمام الرأي العام، يمكن القول في حال عدم تشكيل اللجنة المذكورة في الفقرة ج من المادة 31 عند إصدار قرار نقل العاملين خارج ملاك الهيئة؛ نكون أمام مخالفة لقاعدة قانونية تهدد الأثر القانوني للقرار سواء بشكل مباشر في حال المخالفة المباشرة للقاعدة القانونية، أو الامتناع عن تطبيقها، أو بشكل غير مباشر عندما تلجأ الإدارة إلى التمسك بأسباب غير صحيحة لتبرير التطبيق الخاطئ لهذه القاعدة القانونية.

 

 

  

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.