تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

البيان ثلاثي.. والعدوان رباعي..!!

مصدر الصورة
محطة أخبار سورية

         مرّة أخرى تصدر الدول الاستعمارية الثلاث الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا بياناً ضد انتصارات الجيش العربي السوري. الدول الثلاث الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي المفترض أنها مسؤولة عن حماية السلم والأمن الدوليين، تضرب عرض الحائط بميثاق الأمم المتحدة والشرعية الدولية وتقرر دعم المسلحين في محافظة إدلب السورية، المصنفين إرهابيين وفق شرعة المنظمة الدولية وقراراتها؛ لم يعد مهماً بالنسبة لهؤلاء، ولا يشعرون بالخجل أو المسؤولية إن كان العدوان الذي يهددون به سوف يخدم تنظيمات صنّفها العالم إرهابية. فلماذا التهديد بالعدوان على سورية التي تقارع الإرهاب منذ ثماني سنوات باعتراف الأمين العام للأمم المتحدة نفسه، الذي أقرّ بذلك قبل أيام؟!

          الحقيقة أنّ البيان صدر عن دول العدوان الثلاث، لكن هناك طرفاً رابعاً مستتراً ـ ظاهراً يقف خلف البيان؛ الكيان الإسرائيلي، وهو شريك بالعدوان الإعلامي والتهديد والتحريض والتخطيط والتنفيذ للعدوان العسكري، المحتمل جداً لعدة أسباب:

          أولاً، إنّ التهديد الأساسي ضد الجيش العربي السوري، صدر من قلب مدينة القدس المحتلة على لسان مستشار الأمن القومي الأمريكي جون بولتون، الذي على ما يبدو نطق بلسان قادة العدو الإسرائيلي وكرر ما يعلنونه باستمرار؛ ممنوع على سورية أن تعيد بناء قدراتها الذاتية الاقتصادية والعسكرية وممنوع عليها أن تستعيد دورها الإقليمي والدولي؛ فالمشروع التخريبي الذي قادته الدول الغربية وبعض الدول الإقليمية والعربية المستمر منذ ثماني سنوات لتدمير سورية وشلّ دورها التاريخي وتغيير نهجها السياسي، فشل فشلاً ذريعاً، وما تم التخطيط له ارتد على أطراف العدوان على سورية، ولاسيما تلك الأطراف والأدوات التي استخدمها الغرب في حربه المجنونة ضد هذا البلد الصامد. وبعد فشل الأدوات، يحاول الأصلاء مواصلة الحرب على سورية في محاولة لوقف انتصاراتها المتكاملة مع محور المقاومة وعبر الدعم الروسي المتواصل وغيره من الأصدقاء الآخرين.

ثانياً، تريد الولايات المتحدة، أو الإدارة الأمريكية بالتحديد تحويل الأنظار عن الفضائح التي تواجهها في الداخل الأمريكي، ولاسيما فضائح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب واحتمال عزله، والمشاكل والتحديات الخارجية وانحدار العلاقات الأمريكية مع دول العالم، الأصدقاء منها قبل الأعداء. وللهروب من هذه التحديات، فإن الفكرة القديمة الجديدة، هي شنّ حرب خارجية ضد عدو يتم صنعه عبر وسائل الإعلام ومن خلال أسباب أصبحت ممجوجة وسخيفة ومعروفة ومكررة وواهية والعالم يعرف زيفها. وفي هذا السياق، جاءت تهديدات القادة الأمريكيين لسورية، والتراجع عن سحب القوات الأمريكية المحتلة للأراضي السورية في محاولة لتأجيل الحل في سورية وعرقلته، وابتزاز الدولة السورية والضغط على روسيا وإيران والحدّ من الانتصارات التي تتحقق على الأرض السورية، والتخفيف من الهزيمة الكبيرة للمشروع الأمريكي الإسرائيلي الغربي.

ثالثاً، إنّ هزيمة المشروع الغربي تجعل دول العدوان الرباعي عاجزة عن حجز مكان لها في سورية المستقبل، وهذا يجعلها في موقف حرج جداً، وهي لذلك، تحاول استخدام كل الأساليب والحيل لفرض وجودها في المنطقة وفي سورية تحديداً؛ وما الرفض الفرنسي لعودة النازحين السوريين ومحاولة إقامة قواعد على الحدود الأردنية ـ السورية إلا محاولة يائسة للعب دور ما، وتحقيق بعض المصالح، والحصول على جزء من كعكة إعادة الإعمار في سورية، والتي تثير شهية هذه الأطراف التي تعاني من تراجع اقتصادياتها بشكل كبير. ولا تستطيع بريطانيا التي تعاني مشاكل جمّة سياسية واقتصادية واجتماعية بعد قرار خروجها من الاتحاد الأوروبي الوقوف جانباً، كالعنزة الجرباء وهي كذلك، وهي تبحث عن مصالح لها في بقاع العالم المختلفة ومنها سـورية.

رابعاً، إنّ العدوان الرباعي على سورية يهدف للحدّ من الدور الروسي المتنامي في العالم، والذي بدأ تظهيره بشكل كبير من سورية، بعد صمود الدولة السورية والانتصارات التي حققها الجيش العربي السوري بدعم روسيٍ شامل. والحرب الغربية ضد روسيا ليست خافية، وتبدأ بفرض العقوبات وتمرّ بالاتهامات التي أطلقتها بريطانيا ضد موسكو بتسميم الجاسوس الروسي ولا تنتهي بمحاولة محاصرة حلف "الناتو" لروسيا عبر التوسع شرقاً، وصولاً إلى موضوع التدخل في أوكرانيا وغيره من القضايا التي تبيّن كيف يحاول الغرب محاصرة روسيا والضغط عليها لمنع تعزيز دورها العالمي، لاسيما بعد التعاون الروسي الصيني الاستراتيجي، والروسي التركي، والروسي الألماني المستجد... الخ.

لن يكون العدوان الرباعي نزهة ولن ترضخ أطراف محور المقاومة ولا روسيا للضغوط والابتزاز؛ فالعدوان إن وقع، هو عدوان على سورية وإيران والمقاومة وكل الشرفاء في العالم، وهو عدوان على موسكو قبل الجميع لأن لها قواعد وقوات على الأرض السورية، وهو إهانة للدولة الروسية وضربة لدورها المستقبلي، وتحدٍّ كبير لها وللرئيس بوتين شخصياً.

إنْ وقع العدوان الرباعي على سورية، فليس من المؤكد أنّ الرد سيكون دفاعياً، ولكنه لن يكون كذلك في المستقبل القريب بالتأكيد، وتحديداً ضد المحرّض والمخطط الأساسي له، ولاسيما بعد تحرير إدلب والشرق السوري؛ لقد تمادى الأعداء كثيراً ولا بد من وضع حدٍّ لتطاولهم وعدوانهم، وأطراف محور المقاومة وروسيا يملكون الكثير من القدرات العسكرية والاقتصادية والأصدقاء الدوليين، ويمكنهم القيام بالرد الموجع.. ولكنّ مسألة التوقيت هم من يحددونها ويقررونها ولن ينجرّوا إلى معركة أو حرب حسب التوقيت الإسرائيلي والقرار الغربي.. وفي المحصلة، فإن من يضحك أخيراً يضحك كثيراً..؟!

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.