تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

إيران أمّـة متجددة.. فـلا خـوف..؟!

مصدر الصورة
محطة أخبار سورية

 

في خريطة العالم المهتزة الممتدة من أفغانستان إلى العراق، تظهر إيران وحدها أنها ليست دولة فاشلة. إيران أمة عريقة ولها جذورها وحضارتها التي تعتز بها. وقبل أيام وفي مظاهرات ضد النظام في إحدى المدن الإيرانية، حطّم المتظاهرون تمثالاً للصحابي سلمان الفارسي لأنه خرج عن القيم والمعتقدات الإيرانية، وهذا مؤشر كبير للكيفية التي يفكر بها الإيرانيون. ولذلك فإنّ اللعب في الشأن الداخلي وتغذية الخلافات الأهلية ليس مسألة سهلة، ويحتاج أسباباً جوهرية ووجيهة لتحقيق نجاحات ذات مغزى تهدد القوة الإيرانية.

في إيران مشاكل داخلية وضائقة اقتصادية ومشاكل في إيجاد وظائف وفقر وتراجع لقيمة الريال! أجل، وهذا أقرت به الحكومة الإيرانية قبل غيرها، وهي بصدد معالجته، ولا توجد دولة في العالم ربما لا تعاني ما تعانيه إيران وربما أكثر؛ في إيران متطرفين ومعارضين للنظام الإيراني بوجهيه المحافظ والإصلاحي! أجل، وهؤلاء لا تعجبهم القاعدة الإسلامية التي يقوم عليها النظام، ويريدون مساحات أكبر من الحريات والنقد والديمقراطية، وربما تقليد الغرب وبتشجيع منه ومن المعارضة الإيرانية التي تقيم في هذا الغرب وتتغذى من دعمه وتتربى على مفاهيمه.

لكن المشكلة أنّ الغرب الذي تقوده إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بتوجيهات إسرائيلية علنية، لا يريد في حقيقة نواياه وأهدافه، لإيران التقدم والاستقرار؛ ما يطلبه ترامب وإسرائيل هو تحجيم الدور الإيراني، والحدّ من القدرات الإيرانية، وانكفاء إيران داخل حدودها؛ وأن تطيع طهران وتنفذ التعليمات والأوامر الأمريكية، وأن تدفع الجزية السنوية، تماماً كما يفعل "غنم الخليج"؛ النظام السعودي والبحريني والقطري..!!

ولذلك تتكاثر الضغوط على إيران؛ شروط وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو الاثنا عشرة التي أعلنت قبل أسابيع، تمثل أمر إذعان واستسلام يتعين على طهران القبول به، قبل البدء بأي تفاوض؛ ولكن إذا ما قبلت بها، فعلام التفاوض ولماذا؟! الإدارة الأمريكية ألغت الاتفاق النووي الموقّع مع إيران والدول الخمس الأخرى، وطالبت طهران بشروط جديدة، وأعادت فرض عقوبات جديدة قديمة لتركيع إيران، وحاولت تسعير الوضع الداخلي في الجمهورية الإسلامية، وتأليب الأوروبيين وتهديدهم لمحاصرة إيران، لكنها حتى الآن لم تحقق ما تريد؛ فهل يمكن أن تلجأ للحرب العسكرية .

ورد في القانون الدولي أنّ "الحرب" آخر وسيلة للتفاوض؛ فهل يمكن للإدارة الأمريكية اللجوء "للحرب" العسكرية كوسيلة للتفاوض مع الأمة الإيرانية؟! الجواب المباشر والبسيط هو بالنفي؛ إذ لا المقدمات ولا الأوضاع الدولية ولا الإمكانات، ولا النتائج المتوقعة تسمح بتصور ذلك.

قبل اللقاء مع الرئيس الكوري الشمالي كيم جونغ أون، رفع الرئيس ترامب السقف إلى أقصى حدّ، ثم تبيّن أنّ التصعيد ولهجة الحرب كان موقفاً أو طريقة تفاوضية للرئيس الأمريكي. وقبل أيام كرر ترامب الأسلوب ذاته ودعا الرئيس الإيراني للقاء دون شروط مسبقة؛ إذن التهديد، استعراض العضلات، ومن ثم الدعوة للحوار والابتزاز.

الأمر الآخر، أنّ الولايات المتحدة وحلفاءها الخليجيين وإسرائيل يستطيعون التفكير بالحرب، بل وبدء الحرب على إيران، ولكن من الصعب عليهم بعد ذلك التيقن مما سيحدث، أو تحديد وجهة الحرب، أو كيف ستنتهي، ومن ستأخذ وتطحن بطريقها وما هي الخسائر المحتملة؛ إذا كانت الحرب السعودية الإماراتية الدولية على اليمن الفقير ما تزال مستمرة منذ أكثر من ثلاث سنوات، ولم تحقق شيئاً، بل تحولت مستنقعاً للمهاجمين الغزاة، فماذا عن انعكاسات الحرب على أمة بحجم إيران وقدراتها وطاقاتها، لا سيما مع وقوف دول مثل الصين وروسيا في صفها  لمنع مزيد من الفوضى في المنطقة، والحد من المخاطر التي تهدد النمو والمشاريع الكبيرة لهذين البلدين؛ من طريق الحرير إلى خطوط إمدادات النفط والغاز..!!

يمكن لأمريكا وإسرائيل وبعض الخليجيين تأخير النمو والتقدم الإيراني وعرقلة الحضور الإيراني في المنطقة، ولكن لا يمكنهم منع التقدم الإيراني العلمي والتكنولوجي والحضاري وتحجيم الدور الإيراني.

بالمحصلة، تمتلك إيران قدرات ذاتية علمية واقتصادية وعسكرية وموارد طبيعية وبشرية تؤهلها للمزيد من التطور والتقدم ولا تعتمد على الآخرين في ذلك. ويكفي أنّ لديها من العلماء في الرياضيات مثلاً، أكثر مما تمتلكه الدول العربية مجتمعة. أما بالنسبة للمتظاهرين الإيرانيين، فلربما أنّ السلطات تركتهم يأخذون دورهم لمعرفة أين مكامن الضعف والخلل في الداخل، والتي يسعى الغرب والأعداء للّعب عليها واستغلالها لتخريب البلاد وإضعافها..!!

 

 

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.