تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

هل يغدو ترامب غورباتشوف الغرب..؟!

مصدر الصورة
محطة أخبار سورية

 

تستمر التحولات في العلاقات الدولية بعيداً عن تكتلات حقبة الحرب الباردة وفترة الأحادية القطبية التي تلتها؛ زلزال سقوط الاتحاد السوفيتي لم يضعضع حلف وارسو فقط، بل بدأت تظهر جلية التشققات في حلف الناتو أيضاً؛ عقدين من الزمن، عادت روسيا والصين لتقودا العالم عبر سياسة جديدة تختلف عما قام به الغرب الاستعماري الذي بدأ يأكل نفسه. الخلافات بين الدول الغربية لم تعد سراً، وليس من الممكن السيطرة عليها كما يبدو؛

خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي؛ الخلافات بين تركيا ودول الأطلسي، وإبعاد أنقرة عن النادي الأوروبي؛ الحرب التجارية بين ضفتي الأطلسي التي تهدد الاقتصادات العالمية؛ انقسام دول الاتحاد الأوروبي نفسها حول مواضيع عديدة أهمها الأزمة المالية وملف الهجرة غير الشرعية ومواضيع أخرى عديدة؛ من يقود أوروبا الآن؟! لا أحد يريد أن يتصدى لهذه المهمة ويقود القارة العجوز؛ ميركل منهكة وتعاني غروب نجمها.. والصبي الفرنسي لا يعرف ماذا يجري خلفه؛ الدول التي انضمت للاتحاد ألأوروبي تبحث عن قطعة الجبن فقط، ولا تريد تحمّل أي مسؤوليات...

ماذا يعني ما نشرته صحيفة "واشنطن بوست" نقلا عن مصادر في وزارة الدفاع ألأمريكية، أن البنتاغون يدرس عواقب وتكلفة سحب قواته من ألمانيا على نطاق واسع، بسبب تزايد الخلافات بين قادة البلدين وغلاء كلفة بقائها، ثم نفي الخبر؛ ماذا يعني اتهام البعض للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بأنها تقوم بتدمير الاتحاد الأوروبي بشكل متتابع، من خلال سياستها في مجال الهجرة، التي لا تأخذ بعين الاعتبار خطر الانشقاق في الاتحاد الأوروبي..؟!!

لكنّ الأهم في كل ما يحصل هو التوجهات الحقيقية للرئيس الأمريكي؛ دونالد ترامب الذي يمتلك عقلية خاصة، تُفكّر بالمال أولاً، نفض الغبار عن العلاقات الأطلسية المتكلسة؛ الرئيس الأمريكي أعاد قراءة العلاقات مع أوروبا تحت شعار أمريكا أولاً، وطالب الشركاء القدامى بدفع المزيد أو أنّ بلاده ستتخلى عن حمايتهم..!! ورداً على مطالب ترامب سمعنا عن مجلس للأمن الأوروبي وعن جيش أوروبي... لكن هل أوروبا قادرة على الاستقلال عن الولايات المتحدة؟ بل هل تريد ذلك؟!!

التباعد الأمريكي الأوروبي سببه كما يبدو السياسات الاستعلائية التي ينتهجها الرئيس ترامب تجاه الأوروبيين ومحاولة فرض الأمر الواقع عليهم، وسياساته تجاه بقية دول العالم الفاعلة وتحديداً الصين وروسيا. حلف الناتو يزداد قلقا إزاء احتمال توصل الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأمريكي دونالد ترامب خلال قمتهما المرتقبة في العاصمة الفنلندية هلسنكي في السادس عشر من الشهر الجاري إلى اتفاقات لا تأخذ مصالح الحلف في الاعتبار. القلق الأوروبي عبّر عنه منسق الحكومة الألمانية لشؤون التعاون عبر الأطلسي بيتر باير عندما اعترف أنهم سمعوا عن لقاء ترامب ـ بوتين من خلال وسائل الإعلام: "نحن في الحلف نشعر بقلق متزايد حيال اتفاقات يمكن أن يتوصل إليها ترامب وبوتين في لقائهما". الدول الأعضاء في الناتو لم يتم إشراكها في التحضير للقمة الروسية الأمريكية وتحديد أجندتها.. هذا الوضع يشبه ما أحاط بلقاء ترامب وزعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون في سنغافورة في 12 حزيران الماضي، أضاف باير.

التذمر الأوروبي سببه أنّ ترامب لا يقيم للشركاء وزناً؛ عيناه تلمع على الرئيس بوتين، وهذا سبب آخر للقلق الأوروبي. وقبل لقاء بوتين ـ ترامب في هلسنكي، سيحضر ترامب قمة "الناتو"، فهل سيكرر ما فعله أثناء قمة السبع قبل التوجه إلى لقاء الزعيم الكوري الديمقراطي كيم جون أون؟! لم تشر أيٌ من وسائل الإعلام إلى تحضيرات لقمة قادة الناتو؛ لم نسمع غير مطالب ترامب المتكررة بضرورة زيادة الإنفاق الدفاعي من قبل الشركاء، فيما أرسل مستشاره للأمن القومي جون بولتون للتحضير لقمته المهمة مع نظيره الروسي.

 ترامب في قمته مع زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون في سنغافورة في 12 حزيران، أنجز الكثير ونتائج القمة "الإيجابية"، بالنسبة له، تتوالى، وآخرها إعلان الخارجية الأمريكية أن واشنطن وبيونغ يانغ توصلتا إلى اتفاق على تشكيل فرق عمل لتنسيق وترشيد الجهود الرامية إلى تحقيق نزع السلاح النووي من شبه الجزيرة الكورية. ومن المؤكد أنّ قمة بوتين ـ ترامب ستتمخض عن نتائج مهمة أخرى، وإلا لما اتفق الطرفان على عقدها بعد تحضيرات لافتة، وهذا ما يقلق الأوروبيين، أن يتمكن الرئيس الروسي من تثبيت الفصل بين شطري الأطلسي والتعامل مع كل شطر بمعزل عن الآخر.. ثم أن يتمكن بوتين من إضعاف أوروبا وتجزئة مواقف قادتها والتعامل معهم ثنائياً وعزلهم عن بعض، فيما يكثر الحديث في وسائل الإعلام وتتحدث التحليلات عن ملامح تفكك أوروبا، لاسيما بعد التصويت البريطاني على الخروج من الاتحاد الأوروبي.

أيام قلائل وتتضح ملامح كثيرة، قد لا تكون فاصلة، ولكنها تبيّن إلى أين تجري الرياح الترامبية؛ إلى أي مدى سيستمر تدهور العلاقات الأطلسية وبين دول الاتحاد الأوروبي؟! إلى أي حدّ ستتقدّم العلاقات الروسية الأمريكية؟! هل سيتمكن ترامب من خلال تطوير علاقات ثنائية مع روسيا من إبعاد موسكو عن بكين، وعلى أي قارعة سيترك أوروبا؟! هل سيُرشّح ترامب لجائزة نوبل للسلام أم أنه سيدشّن حروباً أخرى كما أشيع عن أفكار طرحها لغزو فنزويلا؟؟! ثمة ملامح لتوافق روسي أمريكي ظهرت نتائجه في عملية تحرير جنوب سورية..؟!!

 

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.