تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

«داعش» يقلب الحسابات: واشنطن تتمهل.. وطهران مستعدة للتعاون!

 لفتت السفير في تقرير لها إلى أنّ السعودية ما زالت تلوذ بالصمت. والكلام الصادر بالأمس عن رئيس الاستخبارات الأسبق تركي الفيصل يبدو تحليلياً، ولا يعبر عن موقف رسمي يستشعر فداحة المشهد في العراق والمنطقة بعدما أصبحت «دويلة داعش» جارة جديدة للمملكة، فيما تشير تقارير الأمم المتحدة الى حدوث عمليات إعدام واسعة في المناطق التي استولى عليها تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش)».

وبدا في اليومين الماضيين أنّ الهجوم المباغت الذي أطلقه «داعش» وصل إلى حده الأقصى تقريباً عبر محاولة تطويق بغداد من الشمال والسعي الى الاستيلاء على مدينة بعقوبة في محافظة ديالى، المحاذية للحدود مع إيران، بالإضافة الى مدينة سامراء، وذلك في وقت أعلن رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي ما أسماها حملة «تطهير المدن»، مستفيداً من الدعم الذي أمنته المرجعية الدينية عبر دعوتها العراقيين إلى «التطوع» في الحرب ضد الإرهاب.

وعبّرت رئيسة مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان نافي بيلاي عن قلقها الكبير من المعلومات التي تتحدث عن إعدامات تعسفية وخارج إطار القضاء في العراق. وقال روبرت كولفيل، وهو المتحدث باسم بيلاي للصحافيين أمس، إنّ الأمم المتحدة تلقت معلومات تفيد بأنّ «جنوداً عراقيين أعدموا بلا محاكمة خلال الاستيلاء على الموصل وكذلك 17 مدنياً يعملون لدى الشرطة في أحد شوارع المدينة في 11 حزيران (الحالي)».

وبانتظار المؤشرات الديبلوماسية المقبلة لقراءة أي تعاون ثنائي محتمل بين طهران وواشنطن، مثلما نقلت وكالة رويترز عن مسؤول إيراني لم تحدد هويته، صدرت مواقف اميركية خلاصتها ان واشنطن لن ترسل قوات إلى العراق، وأن لديها مجموعة من الخيارات الأخرى التي تدرسها، إضافة إلى أنّ الحل، في المضمون، يجب أن يترافق مع القيام بإصلاحات في العملية السياسية العراقية الداخلية. واللافت أنّ الكلام الأميركي أوحى بتراجع ما، مقارنة بما كان الرئيس أوباما قد قاله قبل يومين بأنّ التطورات العراقية تتطلب أعمالاً «فورية على المدى القصير يتعين القيام بها عسكرياً»، ما يطرح أسئلة بشأن هذا التراجع، ومعناه. لكن الجديد أيضاً أن واشنطن أشارت الى «دول الجوار» لتتحمل مسؤولياتها، متوقعة ان تكون «مشكلة اقليمية طويلة الأمد».

وقال أوباما من البيت الأبيض، أمس، «لن نرسل قوات أميركية مقاتلة إلى العراق»، مذكراً بـ«التضحيات غير العادية» التي قدمتها القوات الاميركية في هذا البلد. وأضاف «لكنني طلبت من فريقي .. إعداد مجموعة من الخيارات لدعم قوات الأمن العراقية». وحذر أوباما من أنه يجب عدم انتظار عمل أميركي «بين ليلة وضحاها» وأن عملية القرار والتخطيط لتحرك ما تتطلب «أياماً عدة». وقال أيضاً «نريد أن نتأكد من أن لدينا فهماً جيداً للوضع. نريد التأكد من أننا جمعنا المعلومات اللازمة لكي تكون تحركاتنا، إذا قررنا التدخل بطريقة أو بأخرى، محددة الأهداف ودقيقة وفعالة». وأضاف أوباما أنه «من دون جهود سياسية سيكون الفشل مصير أي عمل عسكري»، داعياً مرة أخرى إلى حوار حقيقي بين المسؤولين العراقيين. وقال «للأسف، المسؤولون العراقيون عاجزون عن تجاوز ريبتهم وخلافاتهم وهذا ما جعل الحكومة والقوات الأمنية ضعيفة».

وتابع قائلاً إنّ «على دول الجوار عدداً من المسؤوليات لدعم هذه الآلية. لا أحد لديه مصلحة في رؤية الإرهابيين يكسبون موطئ قدم في العراق، ولا أحد سيكون مستفيداً من رؤية العراق ينزلق في الفوضى». وفي سياق حواره مع الصحافيين، قال أوباما: لقد أنفقت الولايات المتحدة الكثير من الأموال على قوات الأمن العراقية .. وواقع أنهم لم يكونوا مستعدين للوقوف والمواجهة، والدفاع عن مواقعهم ... ما يعكس نقصاً في المعنويات وفي مدى الالتزام. وفي الأساس فإنّ هذا يجد جذوره في المشكلات السياسية التي واجهتها البلاد لوقت طويل». ورداً على سؤال حول مخاوف محتملة ازاء الإنتاج النفطي، أشار اوباما الى انه لم يسجل حتى الآن «اي اضطراب كبير». وأضاف «اذا كان تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام قادراً على السيطرة على مصاف كبيرة، فذلك قد يصبح مصدر قلق».

من جهته، قال المتحدث باسم البيت الأبيض إنّه من المتوقع أن يتحدث أوباما إلى القادة الأجانب عن الوضع خلال اليومين المقبلين. وأضاف أن إدارة أوباما لم تبحث بعد أي تدخلات محتملة مع إيران. بدوره، قال وزير الخارجية الاميركي جون كيري إنه يتوقع أن يتخذ أوباما قراراً في الوقت المناسب بشأن الخطوات التي ستتخذها الولايات المتحدة للمساعدة في محاربة الهجوم الضاري للمتشددين الإسلاميين المسلحين في العراق.

وأشار كيري إلى أنه على المالكي أن «يبذل المزيد لتنحية الخلافات الطائفية في بلاده جانباً». وتابع قائلا «رئيس الوزراء المالكي وكل الزعماء العراقيين بحاجة لبذل المزيد لتنحية الخلافات الطائفية جانباً».

وأعلنت الخارجية الأميركية، أمس، أنّ الولايات المتحدة لا تتباحث مع إيران بشأن الأزمة في العراق. على المقلب الآخر، نقلت وكالة رويترز عن «مسؤول إيراني كبير» قوله إنّ بلاده تشعر بقلق بالغ بشأن المكاسب التي يحققها المتشددون المسلحون في العراق لدرجة أنها قد تكون على استعداد للتعاون مع واشنطن في مساعدة بغداد على التصدي لهم.

من جهتها، نسبت وكالة «تسنيم» للأنباء الإيرانية إلى نائب رئيس الأركان الإيراني الجنرال محمد حجازي قوله إن إيران مستعدة لمد العراق «بالمعدات العسكرية والمشاورات». وقال «لا أعتقد أن نشر جنود إيرانيين سيكون ضرورياً».

وعلى الصعيد الإيراني أيضاً، أجرى وزير الخارجية محمد جواد ظريف اتصالات هاتفية، أمس، مع الأمين العام للأمم المتحدة والأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي ونظرائه التركي والقطري والإماراتي حول الأوضاع في العراق. وأفادت وكالة مهر للأنباء أن ظريف حذر في اتصال هاتفي مع الامين العام للأمم المتحدة من «طبيعة الارهاب التكفيري العابر للحدود»، مؤكداً على «مسؤولية الامم المتحدة في تقديم الدعم الجاد والمؤثر للشعب العراقي في مواجهته الإرهاب».

في غضون ذلك، حمل رئيس الاستخبارات السعودية السابق الأمير تركي الفيصل حكومة المالكي مسؤولية سقوط مساحات واسعة من الأراضي في شمال العراق بيد المتشددين الإسلاميين، وقال إنّ بغداد أخفقت في وقف ضم صفوف المتشددين الإسلاميين والبعثيين من عهد صدام حسين. وأشار تركي الفيصل إلى أن الوضع في العراق يتغير بسرعة تحول دون توقع ما سيحدث في الأيام أو الأسابيع المقبلة. وأضاف أنه «من السخريات المحتملة التي قد تقع هو أن نرى الحرس الثوري الإيراني يقاتل جنباً إلى جنب مع الطائرات الأميركية من دون طيار لقتل العراقيين.. هذا شيء يفقد المرء صوابه ويجعله يتساءل.. إلى أين نتجه؟». وأشار المسؤول السعودي إلى أن بلاده تعارض بشدة «داعش»، لافتاً إلى أنّ التنظيم مدرج على «قائمة الإرهاب السعودية ... وربما يجيب هذا على بعض التساؤلات في أذهان الناس بشأن موقف السعودية إزاء تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام».

وأبرزت صحيفة الأخبار: تجربة سوريا تتكرر. وأوضحت أنه لم يكن أحد ليقدّر هذا الاستعجال من جانب الدول الراعية لمعركة تقسيم العراق، في الاحتفال بما حصل. يبدو أن تجربة سوريا لم تعلم أحداً شيئاً حتى الآن. الأتراك يركزون إعلامياً على قنصلهم وموظفيهم في الموصل، لكنهم يدرسون طريقة التدخل لتكريس حضور دائم في مواجهة الحلم الكردي وتحصيل «خوة» من نفط العراق. السعودية قلقة أيضاً على «الحقوق السياسية» للجماعات العراقية، لكنها تقول إنها تخشى «داعش»! وقطر قررت وصف ما يجري بأنه ثورة شعبية تقودها العشائر. أما حجم «داعش»، فيتولى الإخوان المسلمون تسويق أنه «هامشي جداً».

وتابعت الصحيفة: في أماكن أخرى من العالم، يظهر الغرب بقيادة الولايات المتحدة، «حرصاً» على عدم تحميله مسؤولية ما يشهده العراق. لا يريدونه نتيجة لـ«غزواتهم الصليبية». يحاولون إعادة الكرّة. أن يعرضوا خدماتهم حيث يقدرون على جني الأرباح. أما إسرائيل التي لا تعرف ما الذي تقوله نتيجة ما يجري في سوريا، فعينها على الأردن. هي تفكر في كيفية تثبيت احتلالها المباشر وغير المباشر، خشية قيام «فوضى جهادية» بالقرب منها. أما في داخل العراق، فيمكن فهم الصورة على النحو الآتي:

إعلان تيار شعبي من غرب البلاد الولاءَ للهجمة الهادفة إلى إعلان دويلة داخل دولة العراق. وهو ولاء تقوده بعض العشائر حتى إشعار آخر، بينما تتولى «داعش» إدارته على الأرض؛ محاولة قيادات سياسية وعسكرية من نظام البعث السابق العودة إلى الواجهة؛ إطلاق عمليات تطهير ديني يتولاها «داعش»، وتستهدف ردود فعل مشابهة تقود ـــ بحسب ما يتمناه «داعش» ـــ إلى حرب مذهبية مديدة؛ استشعار القوى النافذة في الحكم العراقي، من قوى سياسية إلى المرجعية الدينية، خطراً وجودياً، دفع هذه الأخيرة إلى الدعوة لحمل السلاح والجهاد. يبدو الأمر شعوراً بالخطر على الكيان السياسي الذي يعتقد الشيعة في العراق أنه قام بعد سقوط صدام حسين؛ تحاول حكومة نوري المالكي احتواء الصدمة، والشروع في عمليات عسكرية هدفها «وقف زحف داعش» والانطلاق نحو استعادة مناطق سيطر عليها المسلحون؛ تشير معظم التقارير إلى مساعدات عسكرية وأمنية عاجلة تقدمها إيران لحكومة المالكي. كذلك أُطلِقت من الولايات المتحدة إشارة تفيد بأن المالكي أبلغ واشنطن بأنه سيسمح للقوات الإيرانية بقصف تجمعات المسلحين من الجو إذا اقتضى الأمر. وأرفق طلبه هذا بدعوة واشنطن إلى الإسراع في تسليمه أسلحة اتفق على نقلها إلى العراق في وقت سابق؛ لم تظهر بعد أي مؤشرات على وجود مبادرة سياسية في الأفق تمنع ما هو شبه مؤكد: المواجهة الحتمية.

وعنونت الصحيفة تقريراً آخر: واشنطن تبتز بغداد وطهران... والرياض «تــسخر». وأوردت إعلان الخارجية الأميركية أن الولايات المتحدة لا تتباحث مع إيران بشأن الأزمة في العراق. وذكرت أنه بدا واضحاً أمس أن كلاً من الولايات المتحدة والسعودية، بغض النظر عن دورهما في التطورات الميدانية الأخيرة في العراق، تحاولان تثمير الواقع المستجد لابتزاز كل من بغداد وطهران والعمل على تعديل التوازنات الداخلية وتوزيع الكعكة العراقية بين الأطراف المتصارعة. انعكس ذلك في حسم أوباما مسألة القيام بعمليات عسكرية ضد «داعش»، محملاً ما حصل لـ«فشل القادة العراقيين في تخطي الخلافات». موقف يتقاطع مع مقاربة الرياض التي اتهمت المالكي بالإخفاق في مواجهة التطرف وبـ«حث الأمور على الانفجار في بعض الأحيان». أما أنقرة التي توعدت بردّ قاسٍ على احتجاز مواطنيها في القنصلية التركية في الموصل ملوحةً بعملية عسكرية، فقد تراجعت عن التدخل، بعدما تعهد أردوغان بذل جهود دبلوماسية فقط، للإفراج عن الرعايا الأتراك.

أما إسرائيلياً، فلا تستعجل تل أبيب الموقف مما يجري في العراق، لكنها تتحسس خاصرتها الرخوة في الحدود إن قامت دولة لـ«داعش» في العراق، لهذا يرى عسكريوها ضرورة تعزيز غور الأردن

ولفت المعلق العسكري في صحيفة يديعوت أحرونوت، رون بن يشاي، إلى أن «سيطرة داعش تعني نشوء قاعدة واسعة للجهاد العالمي عند عتبة بابنا وعلى مسافة ليست بعيدة عن أوروبا، كذلك إن أنظمة عربية في المهداف الآن مثل بشار الأسد في دمشق ونوري المالكي في العراق، وأيضاً الحكومة اللبنانية التي تستند إلى حزب الله في لبنان».  بن يشاي أشار أيضاً إلى القلق الإسرائيلي بخصوص «تحول إسرائيل إلى الهدف الأساسي في مرحلة لاحقة». وتحدث أيضاً عن تداعيات ذلك على تعزيز قوة الجهاد العالمي في سيناء، أي على قاعدة أن نجاح أي حركات متطرفة في بقعة جغرافية مثل العراق أو سوريا سينعكس ـ حكماً ـ إيجاباً على الفصائل المماثلة لها في ساحات أخرى. ورأى المعلق العسكري أن «احتلال الموصل محطة فارقة في تفكيك دول كثيرة في المنطقة»، شارحاً أن الدول التي نشأت بعد اتفاقية «سايكس ـ بيكو» آخذة بالتفكك إلى عناصرها العرقية والدينية، «الأمر الذي يعد بسنوات كثيرة مقبلة من الفوضى والحرب». لكنه تجاهل المصلحة الإسرائيلية في سيناريو تشظي دول المنطقة إلى كتل متناحرة تكون فيها تل أبيب هي المسيطرة.

بدوره، رأى المعلق العسكري في صحيفة هآرتس، عاموس هرئيل، أن ثمة ثلاث أفكار تراود الإسرائيليين إثر التطورات الأخيرة في بغداد: «الأولى أنه يجب على إسرائيل بذل جهدها لمواصلة تعزيز قوة الأردن»، مشدداً على أن «بقاء العائلة المالكة الهاشمية مصلحة إسرائيلية من الدرجة الأولى». ولفت في الوقت نفسه إلى أن «التنسيق الاستراتيجي والعلاقات الاقتصادية بين الدولتين تقدمت خلال سنوات الهزة العربية»، موضحاً أن الأردن «بات بحاجة إلى إسرائيل أكثر مما مضى». الثانية، وفق هرئيل، أن «التطورات في الشرق الأوسط تجري بوتيرة عالية للغاية إلى درجة تجعل من الصعب جدّاً توقع التغيرات والتحولات». في ضوء ذلك، يرى أن على تل أبيب أن «تأخذ بالحسبان حدوث مفاجآت مشابهة من ضمنها محاولات إقدام فصائل القاعدة في الجولان على تنفيذ هجمات عدائية، برغم أنها منشغلة حالياً بحربها ضد الأسد وحزب الله».

الثالثة تتصل بالعبرة لجهة مدى الاتكال على الترتيبات الأمنية التي يخلفها الأميركيون وراءهم. هنا أشار إلى ما سماه «انهيار الجيش العراقي الذي تشكل على أيدي الولايات المتحدة في السنوات الأخيرة، ويأتي ذلك بعد انهيار قوات السلطة الفلسطينية في حزيران 2007، وهربها من قطاع غزة بعد المواجهة مع حماس». وتوقف هرئيل عند حقيقة «أن الضابط الأميركي نفسه، الجنرال المتقاعد جيمس جونز، شارك في فحص الخطة العسكرية التي أعدتها واشنطن لمصلحة الطرفين: رام الله وبغداد». كذلك تساءل المعلق في هآرتس عما سيحدث في الضفة من دون مظلة أمنية أميركية، وعملياً مظلة إسرائيلية أيضاً، «وخاصة عندما تبقى السلطة وحدها في إدارة شؤونها».

في السياق نفسه، تناول القائد السابق للجبهة الوسطى في جيش الاحتلال والرئيس السابق لمجلس الأمن القومي، اللواء احتياط عوزي ديان، تطورات الساحة العراقية، وذلك لجهة انعكاسها على الأمن الإسرائيلي بالمعنى المباشر. ورأى أنه في «حال انعدام اليقين ينبغي العمل وفق قاعدتين: جهز نفسك وفقاً لقدرات العدو لا نيّاته. وحافظ بحرص شديد على ذخرك الاستراتيجي خاصة الحدود الآمنة». في ظل هذا التصور، نبّه ديان إلى ضرورة أن توفر الحدود الآمنة لإسرائيل عمقاً استراتيجيّاً أساسيّاً، «أي الدفاع ضد تهديدات بشن هجمات تقليدية من الخارج، وقدرة على قتال فعال ضد الإرهاب».

وعن الواقع الآن، رأى القائد العسكري السابق، في مقالته في صحيفة إسرائيل اليوم، أن «حدوداً آمنة كهذه موجودة في الجبهة الجنوبية بفضل كون سيناء منزوعة السلاح بموجب اتفاقية كامب ديفيد». وعلى جبهتها الشمالية «بفضل امتناع إسرائيل عن تسليم مرتفعات الجولان لسوريا». أما في ما يتعلق بالجبهة الشرقية، أي الأردن، فينظر ديان، إلى أنه «توجد حدود واحدة فقط تستجيب للاحتياجات الأمنية، هي غور الأردن». مضيفاً: «المسافة بين نهر الأردن والبحر المتوسط 64 كم، وتشكل حدّاً أدنى من العمق الاستراتيجي. وغور الأردن، أي من النهر إلى الجبال المطلة عليه، هو حيز دفاعي لا بديل منه ضد جبهة شرقية. والغور وحده بإمكانه أن يشكل غلافاً دفاعياً ضد نشوء كيان إرهابي في الضفة». وخلص إلى أن الوضع في العراق شائك، «لكن الرسالة واضحة، وهي أن السيطرة الإسرائيلية الكاملة على غور الأردن وجعله منطقة أمنية تستند إلى أن نهر الأردن هو خط الحدود، ستوفر الأمن لإسرائيل».

في يديعوت أحرنوت أيضاً، رأى بن درور يميني أن «ما يجري يفرض علينا إعادة التفكير في كل ما نعرفه عن الشرق الأوسط»، ولفت إلى أن المساحة التي تسيطر عليها «داعش» أكبر من مساحة إسرائيل ولبنان معاً. مضيفاً: «المعنى الاستراتيجي والجغرافي السياسي للكيان الجديد أكبر بكثير من أي حدث آخر في المنطقة».

وأبرزت الحياة: أوباما يرهن «التدخل العسكري» باتفاق العراقيين سياسياً. وذكرت أنّ (داعش) واصل تقدمه في محافظة ديالى واحتل بعض القرى، فيما كثفت الحكومة العراقية إجراءاتها حول بغداد المحاصرة بأحزمة الحقد والانقسام الطائفي أو ما كان يعرف بـ «أحزمة الموت» خلال الحرب الأهلية. ويسود العاصمة خوف كبير من انهيار قوات الأمن كما انهارت في الموصل، خصوصاً أن «الجهاديين» يهددون باحتلالها، وأن المالكي أعلن من سامراء أمس أنه بدأ حملة «لتطهير المدن». وطبقاً للصحيفة، زاد الخوف أمس بعدما حضت المرجعية الشيعية العراقيين «من دون استثناء»، على التطوع لقتال «داعش»، فيما طالبهم خطيب الجمعة بـ «مؤازرة الثوار» لإسقاط المالكي.

واعتبرت الحياة أنه كان لافتاً أمس إعلان أوباما، طمأنة العالم إلى تدفق النفط، وتعويضه من مخزون دول الخليج إذا تضرر في العراق، وتأكيده أن واشنطن «لن تشارك في عمل عسكري في غياب خطة سياسية يقدمها العراقيون». ونسبت الحياة إلى مصادر غربية قولها إن الولايات المتحدة تدرس توجيه «ضربات جوية مؤثرة» إلى مواقع «داعش» وحلفائها، فيما أشارت إلى أن إيران ليست في وارد القبول بإسقاط السلطة المؤيدة لها في بغداد، وأنها «ستتدخل عسكرياً لمنع ذلك». كما أن تركيا أبلغت جهات أوروبية أنها «لن تقف مكتوفة الأيدي إذا استمر الوضع الحالي في الموصل والمحافظات المجاورة»، خصوصاً أن حكومة أردوغان تواجه اتهامات بأنها على علاقة «جيدة» مع «داعش».

ورأت كلمة الرياض أنّ الادارة الاميركية بين خيارين أحلاهما مر، إن عاودت التدخل في العراق فهي لن تعرف هل ستخرج ضمن جدول محدد أم أن الأحداث على الارض ستبعثر أوراقها، وإن لم تتدخل فهي ستعرض سمعتها في ادارة الازمات وأيضا التخلي عن حلفائها الى مزيد من الانتقادات كما حدث مع سياساتها (الرمادية) في أحداث الربيع العربي والملف النووي الايراني... الايام المقبلة ستضع السياسات الاميركية في الشرق الاوسط على محك الصدقية، وسنرى كيف سيتعامل البيت الابيض مع الحدث العراقي بعد فشله في التعامل مع الملف السوري.

بدورها، اعتبر افتتاحية الوطن السعودية، أن المالكي وضع الإدارة الأميركية في موضع حرج، أمام الرأي العام الأميركي، والمجتمع الدولي في آن واحد. وأوضحت: بصرف النظر عن تأكيدات أوباما وجزمه بعدم إرسال جندي واحد للعراق، في رسالة للداخل الأميركي، هناك يقين بفشل خطة تأسيس الجيش العراقي، الذي حل بناء على مشورة بول بريمر، حاكم العراق الموقت بعد إسقاط نظام صدام حسين، والخطأ التاريخي الذي اقترفه منذ ذلك الحين، ويدفع ثمنه العراقيون حتى يومنا هذا. الرجل قدم مشورة بحل الجيش العراقي، تلقفها بعدئذ نظام المالكي كـ"هدية من السماء"، لزرع "ميليشيات" طائفية، من شأنها تغيير تركيبة الجيش.

واعتبرت افتتاحية الوطن العمانية: في العراق إرهاب وفي سوريا جهاد!! أنّ المشهد العربي الذي يراه الجميع الآن يؤكد أن منطقتنا خاصة وقعت فريسة للإرهاب الذي أصبح الوجه الحقيقي للاستعمار الجديد الذي يجري تنفيذ خططه في دول المنطقة بهدف إعادة رسم خريطتها وتشكيل هويتها وفق عقل المستعمِر الغربي الذي يرتب المشهد حاليًّا بما يتلاءم مع توجهاته ومشاريعه الاستعمارية الهادفة إلى السيطرة والهيمنة على الثروات ومقدرات الشعوب والسيادة والقرار تحت عنوان الشرق الأوسط الجديد الذي سبق لواشنطن أن بشرتنا به... لذلك يبقى التناقض سيد السياسة للقوى الاستعمارية الغربية، وبالتالي لا اندهاش من قيام مكتب التحقيقات الاتحادي الأميركي بإجراء تحقيقات في ملفات مواطنين أميركيين سافروا إلى سوريا لينضموا إلى الجماعات الإرهابية، في الوقت الذي يؤكد فيه مسؤولون في الإدارة الأميركية أن الولايات المتحدة زودت العصابات الإرهابية في سوريا بأسلحة فتاكة وغير فتاكة... إن الإرهاب له وجه واحد ومصطلح واحد، لا يمكن أن يسوق سحب الخير في مكان ويسوق الكوارث في مكان آخر.

ورأت افتتاحية الخليج أنّ الخطر جدي، وما يجري على الأرض يؤشر إلى أن الذين خططوا ونفذوا يمتلكون قدرات وامكانات ليست هينة، وأن هناك قوى أخرى تقف وراءهم، قد لا يكون بإمكان العراق أو سوريا مواجهة المخطط وحدهما. صحيح إن المخطط الذي يستهدف رسم خريطة جديدة للمنطقة يتخذ من سوريا والعراق منطلقاً، إلا أن ذلك مجرد البداية، وخطوة أولى تتبعها خطوات أكبر وأوسع، وعلى العرب أن يدركوا ذلك، ويحزموا أمرهم، وألا يستهينوا بالأمر. الموقف العربي يجب أن يرتقي إلى مستوى الخطر، من خلال مواقف جدية قادرة على مواجهته ووضع حد له قبل فوات الأوان.

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.