تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

قانون وسياسة:النووي الإيراني.. وحدود قوة الرئيس الأمريكي الدستورية بمواجهة الكونغرس..!!

مصدر الصورة
SNS-خاص


تناقلت وسائل الإعلام العالمية عن نية الكونغرس الأمريكي فرض عقوبات جديدة على الجمهورية الإسلامية الإيرانية لعرقلة سعي الإدارة الأمريكية لتوقيع اتفاق مع طهران بشأن برنامج إيران النووي، وذلك بتأثير اللوبي الصهيوني المعارض لهذا الاتفاق.. والسؤال هو؛ ما هي حدود صلاحيات الرئيس أوباما في ظل الدستور الأمريكي؟

يعتبر الدستور المطبق في الولايات المتحدة الأمريكية أقدم دستور ما زال نافذاً في دول عالمنا المعاصر، وقد وضع في 17 أيلول 1787، وبموجبه فإن الرئيس هو "وحده" السلطة التنفيذية في البلاد، والوزراء مجرد تابعين له. ولذلك يعتبر الرئيس الأمريكي رئيساً للدولة والحكومة في نفس الوقت. وهذا ما يميز النظام الأمريكي عن بقية الأنظمة الغربية البرلمانية.

ولكن ما يميز المؤسسات الدستورية الأمريكية هو الاستقلال المتوازي عضوياً ووظيفياً فيما بينها إلى أقصى الحدود, مما يجعل إمكانية النزاع فيما بينها قائمة. وبفضل نظام الثنائية الحزبية فإن هذا الاستقلال بقي بعيداً عن  التحول إلى نزاع. لكن تعاظم دور الرئيس يعتبر المثال الأوضح لتعاظم دور السلطة التنفيذية خلال الخمسين سنة الماضية؛ هذا التعاظم لسلطة الرئيس يتم بشكل عرفي بحيث لا يستند إلى أي نص دستوري، بيد أنه ليس مطلقاً بلا حدود؛ فسلطات الرئيس سواء الدستورية منها وغير الدستورية، تبقى خاضعة للرقابة.

وفي كتاب بعنوان: "سلطات البيت الأبيض"، يبيّن الكيفية العملية للتعاظم المستمر لسلطات الرئيس الأمريكي بشكل عرفي حيث يقول: ما إن تظهر مشكلة جديدة في البلاد (إضراب العمال الذي يشل البلاد, أزمة سياسية أو عسكرية أو اقتصادية, زيادة البطالة... الخ) حتى تتجه الأمة الأمريكية نحو الرئيس وتطلب منه التحرك, وهذا التحرك يخلق نوعاً من السابقة التي ترغم الروؤساء اللاحقين على التحرك عند حدوث أزمات مماثلة. هذا العرف الدستوري يعمل على التوسع المستمر في سلطات الرئيس الأمريكي، وغالباً ما يؤكَّد بنصوص تشريعية أو بأحكام قضائية مثل نظرية "السلطات اللازمة". وبحسب الفكرة الليبرالية التي أسس عليها الدستور، فإن كل قانون جديد يمكن أن يحمل في طياته خطراً على الحريات, لذلك من غير المقبول أن يشارك في عملية خلق هذا القانون الجهاز المكلف بتنفيذه؛ فالرئيس لا يملك دستورياً حق اقتراح القوانين ولا التدخل في المناقشات المتعقلة بالقوانين، وأعضاء الإدارة ليس لهم الحق في الكلام أمام الكونغرس، والسلطة الوحيدة للرئيس في العملية التشريعية هي حق الفيتو.

ولكن، وعلى الرغم من ذلك، فإن الرئيس يلعب عملياً دوراً أساسياً سواء في عملية إقرار القوانين أو في عملية تنفيذها. فالرئيس يملك حق الاعتراض أو الفيتو على القوانين والكونغرس لا يمكن له التصدي لهذا الفيتو إلا بأغلبية ثلثي أعضائه, وهو عادة أمر عسير في ظل الثنائية الحزبية. فالفيتو هو أداة قانونية سلبية يتمكن الرئيس من خلالها منع الكونغرس من إقرار قانون لا يناسبه.

ولكن منذ عهد الرئيس روزفلت لم يعد الفيتو أداةً قانونية سلبية. فالتهديد باستخدام الفيتو يمكّن الرئيس من التفاوض مع الكونغرس، وعندما يلوح الرئيس بمعارضته لمشروع قانون ما فإن ذلك يرغم الأعضاء الذين قدموا هذا المشروع على إيجاد تسوية مع البيت الأبيض قبل التصويت عليه، وذلك تجنباً للفيتو الرئاسي مستقبلاً، لاسيما وأن الرئيس يملك بعض وسائل الضغط على أعضاء الكونغرس لإقرار ما يناسبه. ومن هذه الوسائل اللجوء إلى الرأي العام معتمداً على استطلاعات الرأي الأسبوعية حول شعبيته حيث يعمل على توجيه رسالة إلى الأمة يشرح فيها موقفه من هذا القانون, مما يجبر أعضاء الكونغرس على إقرار ما يناسبه من قوانين, تحت طائلة مواجهة الرأي العام في الانتخابات المقبلة التي يمكن أن تكلفهم مناصبهم في حالة معارضة الرئيس. وهذه الوسيلة محصورة في المسائل الهامة فلا يمكن اللجوء إليها بشكل مستمر وإلا ضاعت هيبة الرئيس وبالتالي شعبيته (التي هي الشرط الأول لهيمنته) بسبب كثرة التوجه برسائل إلى الأمة للضغط على الكونغرس.

ولكن غالباً ما يختار الرئيس التفاوض مع أعضاء الكونغرس وخاصة النافذين منهم. ويبقى دور مجموعات الضغط (اللوبي) التي مهمتها التأثير على أعضاء الكونغرس والرئيس على حد سواء، والتي قد تلعب الدور الأبرز في تلك المفاوضات، خاصة أنها تتمتع بنفوذ وقدرة هائلة على رسم السياسيات وإقرار القوانين التي تناسبها.

مما تقدم نجد أن الدستور الأمريكي يمنح  الرئيس فرصة  التوصل إلى اتفاق مع الإيرانيين وذلك من خلال استعمال ما يسمى "الاتفاقات التنفيذية" التي تطورت بشكل كبير في السياسة الخارجية الأمريكية، وهي نوع من المعاهدات البسيطة من حيث الشكل توقّع من قبل الرئيس أو ممثليه ولا تحتاج إلى تصديق مجلس الشيوخ الذي يناط به إقرار المعاهدات الدولية بأغلبية الثلثين.

وهذه الطريقة الالتفافية على الدستور من قبل الرؤساء الأمريكيين دفعت أحد أعضاء مجلس الشيوخ إلى التعليق غاضباً بالقول: إن مجلس الشيوخ أصبح يدعى للتصديق بشكل احتفالي على معاهدة تتعلق بصيد السمك في الوقت الذي يوقع الرئيس الأمريكي الكثير من الاتفاقات التنفيذية التي ترتب التزامات مادية وعسكرية ضخمة على الولايات المتحدة الأمريكية وتتعلق بالسلام العالمي دون أن يكون لمجلس الشيوخ أي دور.

وبالنتيجة، فكل ما على الرئيس بموجب قانون السيناتورCase لعام 1970 فقط إعلام الكونغرس بوجود الاتفاقات التنفيذية المعقودة مع أطراف أجنبية (وليس من الضروري إعلام الكونغرس بالمحتوى الذي يمكن أن يبقى سرياً). فالكونغرس لا يصادق على هذه الاتفاقات التنفيذية وإنما يأخذ علماً بها فقط، ويمكنه الاعتراض عليها خلال /60/ يوماً من دخولها حيّز التنفيذ.

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.