تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

رأي البلد : تركيا ومحاولات القفز من القعر!

مصدر الصورة
SNS

 ت!

                                                                                                                                                                                 19/11/2013

ما أصعب أن يختار المرء طريقاً ويسير به ثم يكتشف بعد وقت طويل ومتأخر أنه وصل إلى المكان النقيض لما كان يريد! فكيف إذا اختار بلد أو أمة سياسة اعتبرها إستراتيجية له وحقق عكسها ونقيضها تماماً؟!!

هذا ما حدث تماماً مع الحكومة التركية برئاسة رجب طيب أردوغان حيث رفعت شعاراً اسمه: صفر مشاكل مع الجيران، وكانت النتيجة بعد عدة سنوات من اتباع هذا الشعار الذي هندسه وزير الخارجية التركي أحمد داؤود أوغلو، هي: صفر علاقات مع الجيران. من الصعب جداً تصور الحالة التي تمر بها الحكومة التركية على الصعيد الداخلي والخارجي بعد الفشل الإستراتيجي الذي منيت به. ولعل السبب الرئيس لفشلها هو الأهداف الحقيقية المبطنة التي أرادت الوصول إليها تحت هذا الشعار البراق، والمنبثقة من إعادة الاحتلال العثماني بصورة جديدة وتحت مسمى الدين والديمقراطية وما شابه.

لكن أهم أسباب الفشل ربما هو انقلاب الحكومة الأردوغانية على علاقاتها مع سورية. فقد فتحت سورية الأبواب لتركيا لتتمدد في السياسة والاقتصاد وكانت قاب قوسين أو أدنى من تحقيق قفزات نوعية في المحيط الإقليمي خلال السنوات التي سبقت الأزمة السورية. وعندما تبنى أردوغان سياسة معاكسة ونقيضة بالتعاون مع قطر والإخوان المسلمين والولايات المتحدة، أغلقت سورية الأبواب أمام تركيا، واُغلقت أيضاً أبواب أخرى في وجه تركيا، من قبل كل الجيران والإقليم وحتى الدول الكبرى. الحقيقة أن الفشل التركي في سورية هو أسوأ كابوس تعاني منه حكومة أردوغان ومنظّر سياساتها داؤود أوغلو.

تركيا تحاول الآن العودة إلى ما كانت عليه قبل عشر سنوات، وتريد وتتمنى أن تمحي الفترة الماضية من تاريخها وذاكرتها، ولكن هذا شبه مستحيل.. إن مشكلة تركيا الحالية والمستعصية هي الخروج من المستنقع الذي وضعت نفسها فيه، ولذلك نرى مسؤوليها يبحثون عن أي ثغرة أو سبب لتحقيق ذلك، ويعظّمون أي إنجاز ولو كان سخيفاً للإيحاء بأنهم ليسوا في مأزق، كما الغريق الذي يتمسّك بأي قشّة للنجاة. ويمكن النظر في هذا الإطار إلى الهجمة الدبلوماسية التركية على العراق وكردستان العراق، والتي تناقض ما كان الأتراك يتحدثون عنه قبل أشهر.

لا يوازي الإخفاق التركي الآن سوى الإخفاق السعودي الذي تواجهه القيادة السعودية وتسعى للتهرب منه عبر محاولة استمرار النزيف في سورية، والتعمية على الأوضاع الجديدة والناشئة في الإقليم والعالم بسبب المتغيرات الدولية وصمود وصعود محور المقاومة المدعوم من روسيا والصين ودول البريكس.

لن تستطيع تركيا أو السعودية إيقاف احتفال حلف المقاومة والممانعة بالنصر أو حتى تأخيره، ولكنهما قد تتمكنان من التشويش على الحفل مثل "أزعر الحارة" الذي يزعج الجيران، فيضطرون للعمل معاً لوضع حدّ له، وإن بالقوة!! 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.