تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

إعادة التموضع.. سمة المرحلة!!

مصدر الصورة
SNS
13/11/2013 قبل أكثر من ثلاثين شهراً، مع بدء الأزمة السورية، كان الكثيرون يبنون حساباتهم السياسية والاقتصادية والجيوسياسية بناء على قاعدة واحدة؛ انهيار الدولة السورية وتغيير الموقع السياسي لسورية في خارطة العلاقات الدولية. كانت عاصفة الحرب الإعلامية تكاد تقتلع كل شيء. مَن يذكر تلك المرحلة وحالة التهييج والضخ الإعلامي، لم يكن يتصور أن سورية يمكن أن تصمد أكثر من شهرين، وهذا ما كانوا يعلقون كلّ آمالهم عليه؛ قطر، تركيا، الأردن، السعودية، إسرائيل، بريطانيا، فرنسا، والولايات المتحدة وبعض الأدوات الأخرى أو مَن أرهبهم هذا الحشد. أجل، أي دولة في العالم وأي شعب في العالم، تقف ضده مثل هذه المجموعة من الدول المعززة مالياً واقتصادياً وعسكرياً وإعلامياً، يفترض أن يخاف ويعيد حساباته! انتظر الجميع موقف سورية، وماذا ستقول وكيف ستتصرف، لاسيما بعد أن ساءت الأوضاع التونسية والمصرية والليبية واليمنية. أياً يكن القرار السوري، كان مخيفاً، وكان من الصعب على الإنسان العادي توقع نتائج متفائلة. لكن القيادة السورية قرأت الأمور ببعد نظر وبرؤية إستراتيجية، وبروية وبحسابات دقيقة لموازين القوى، وقررت قبول التحدي والصمود ومواجهة الحرب المقررة عليها، مدركة منذ البداية أنها ستكون حرباً طويلة. شجع هذا الموقف الحلفاء وأيدوا الموقف السوري واشتعلت الحرب بكل صنوفها على سورية. مرّت عدة أشهر وازداد الموقف السوري شدّة وصلابة.. وبدأت معه حسابات الأعداء تتعكّر وتتغير. مرت سنة أولى على الحرب وانقضى نصف الثانية، وبدأ التعب والتفسخ يظهر في موقف الأعداء وبدأوا يدركون خطأ حساباتهم وتقديراتهم. وما إن دخلت السنة الثالثة على صمود سورية في الحرب الدائرة عليها حتى تغيرت المواقف الدولية والإقليمية للأعداء؛ بدأت الولايات المتحدة تشعر بغباء الدخول في هذه المتاهة وتدرك المخاطر التي ستنجم عن هذه الحرب إن هي واصلت خوضها؛ وكما يظهر المرض في الأماكن الضعيفة من الجسم، ظهر العطب في قطر أولاً، حيث تلقى أميرها ورئيس وزرائه الأوامر الأمريكية بالرحيل، وكان ذلك. واصلت الولايات المتحدة إعادة تصويب موقفها ومحاولة تقليل الخسائر وكان الاتفاق مع روسيا بشأن السلاح الكيماوي السوري، وما سيقابله. ظهرت تركيا بسبب غباء رئيس وزرائها ووزير خارجيته كأحد أكبر الخاسرين، فيما تحتاج السعودية ـ بسبب قلة فهم قادتها ـ لبعض الوقت لتفهم كلفة أعمالها الغبية عليها. أما الغرب فبدأ يتحسب لنتائج الحرب ومخلفاتها عليه. جميع الأعداء الآن في حالة إعادة تموضع على أساس المعادلة الجديدة والتي أسها الانتصار السوري. هذا الانتصار ــ وفي ظل النظام الدولي الجديدـ يعني تغيير خارطة العلاقات الدولية والتحالفات في المنطقة، وذلك يعني حتمياً إعادة الحسابات والقيام بقراءة جديدة لكل المعطيات والمرحلة. بعد الاتفاق الروسي الأمريكي حول السلاح الكيماوي السوري، يأتي الحوار الإيراني مع الغرب، ويأتي التقهقر التركي باتجاه تمني العودة إلى ما قبل بدء الأزمة السورية، ويأتي التراجع الأوروبي ولا سيما الفرنسي البريطاني تجاه سورية، وتدق إسرائيل ناقوس الخطر. وحدها السعودية لا زالت تحتاج لبعض الوقت لتفهم. بكلام آخر، بدأت سورية وحلفاؤها توزيع المكاسب على بعضهم والتقدم باتجاه مهاجمة الأعداء، فيما هؤلاء يتراجعون مهزومين مشتتين يلقون باللائمة على بعضهم البعض. لكن البارز في مواقف أعداء سورية الإقليميين هو الخوف مما ستقدم عليه القيادة السورية في المستقبل. وربما أكثر ما يعبّر عن الحالة المعنوية المزرية وخيبة هؤلاء، هو موقف قرن استشعارهم؛ النائب اللبناني وليد "بيك" جنبلاط. بالطبع، سيحتاج هؤلاء إلى أكثر من إعادة التموضع. عليهم دفع كلفة الحرب على سورية وشعب سورية. وُهْبة شهداء سورية لا تقدّر بثمن، وأحزان شعب سورية كبيرة وعميقة جداً كما جراحه. كلفة تخريب سورية غالية وباهظة، وكلفة إعادة بناء سورية أيضاً باهظة ومرتفعة. السوريون لا ينتقمون وهم في قمة النصر، فهذا ردُّ ضعيف الأخلاق والقيم، لكن السوريين يريدون حقوقهم كاملة ولن يفرطوا بأي منها أبداً، ومَن آذى فعليه أن يتحسس رأسه، وعلى هؤلاء التحضر لدفع ثمن جرائمهم بحق سورية وشعبها.

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.