تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

حديث الثلاثاء....حَبّك بورص ..ـة

مصدر الصورة
SNS

بحمد الله وعونه وهمة الحكومة صار عندنا في سورية سوق للأوراق المالية (بعد أن صار عندنا قبلها كذا.. مول) حيث تباع وتشترى الأسهم، صحيح أن البورصة السورية الجديدة ما زالت تحبو وأداؤها متواضع مقارنة بالآخرين وأن عدد الشركات التي يتم تداول أسهمها لا تتجاوز الثمانية ’ أكثر من نصفها لبنوك ذات أصول غير سورية.. إلا أن الصحيح أيضا هو مؤشرات العمل والتداول التي تؤكد أن (شطارة) السوريين وموهبتهم الفطرية للعمل بالتجارة وبيع وشراء الأسهم قد وجدت مكاناً جديدا لهم يمارسون فيه هذه الموهبة علناً ودون وجل، إذ إنهم على مدى سنوات طويلة خاضوا في تعاملات مالية كثيرة، جزء كبير منها كان مستتراً ومخالفاً للقانون، قاد بعضهم إلى محاكم الأمن الاقتصادي كجامعي أموال ومهربين للدولار ... وغيره . لكن الأهم من ذلك كله هو أن "عائلة فستق" بأعضائها كافة من حكومة وتجار يتبادلون المديح والإشادة على هذا الإنجاز الاقتصادي التاريخي الذي سبقنا به دولة الصومال الشقيقة، فهي وحدها بين دول المنطقة لم تؤسس سوقاّ للبورصة بعد.
 
والحديث الرائج هذه الأيام بين الناس (بعد أن هدأت شائعة التغيير الحكومي.. مؤقتاً) هو الأزمة الاقتصادية العالمية وتداعياتها على الاقتصاد السوري، والطلبات التي توجه إلى الحكومة من قبل التجار والصناعيين كممثلين "لكبار الكسبة" ولسليلي "البورجوازية والرأسمالية "من أجل تقديم تسهيلات وإعفاءات وميزات تساعدهم على تجاوز الأزمة المالية العالمية ومنعكساتها عليهم. ورغم اندفاع بعض أعضاء الحكومة إلى تلبية هذه الطلبات كما فعلت وزارتا الزراعة والاقتصاد بالاتفاق على تلبية طلبات مصدري غنم العواس، بأن سمحت لهم بتصديره ضمن شروط خلبية صغّرت البوابة.. بأن جعلتها باباً مفتوحاً.. طارت من خلاله أسعار اللحوم محلقة نحو ألف ليرة للكيلو غرام الواحد.. حارمةً "صغار الكسبة" وسليلي "البروليتاريا" في سورية من أهم مصدر غذائي لهم. ولولا ستر الله ودور عمنا أبي منير في مسك العصا من الوسط لوجدنا أن طلبات التجار والصناعيين قد لبيت بالكامل ومنحت لهم كما يشتهون وأكثر...
 
أما الذي لا يفهمه الناس وغالبيتهم من العاملين والمنتجين الحقيقيين من فلاحين بسطاء وعمال و"صغار كسبة" فهو لماذا على الدولة أن تدعم دائماً مطالب التجار والصناعيين لما فيه مصلحتهم فقط؟؟ أين مصلحة باقي أبناء الوطن؟؟ ولماذا لا تؤخذ هذه المصلحة بعين الاعتبار عند اتخاذ قرارات اقتصادية هامة؟؟ هل عامة الناس مسؤولون ومكلفون دائماً بأن يدفعوا من جيوبهم من أجل المحافظة على ثروات التجار والصناعيين؟؟ وهل تتضرر مصلحة الوطن إن تقلصت هذه الثروات قليلا؟؟ ألا يجب على هؤلاء أن يتحملوا ولو جزءاً مما يتحمله المواطنون ذوو الدخل المحدود؟؟ أليست الشراكة في الوطن تقتضي أن يتحملها الجميع غُنْماً وغرماً ؟؟ أم أن لبعضهم الغُنْم دائماً ولأغلبهم الغرم دائماً؟؟ وإلى متى سيستمر المسؤولون الحكوميون يبررون قراراتهم المجحفة بحق الناس والتي تؤخذ لمصلحة فئة قليلة بتبريرات ما أنزل الله بها من سلطان؟؟
وعندما ارتفع سعر النفط قفزت الأسعار إلى مستويات لم يكن يتخيلها أحد، وبيعت جميع البضائع والمصنوعات المخزنة في مستودعات التجار والصناعيين بأسعارها الجديدة!! وسدد الناس من جيوبهم الارتفاعات في الأسعار، وها هو النفط عاد إلى سيرته الأولى، والكساد يضرب أطنابه في التجارة العالمية مخفضاً أسعار البضائع إلى مستويات لا يمكن تصورها إلا في سورية، فالأسعار ما زالت كما هي ويجأر التجار والصناعيون بالشكوى من أن مؤشر ثرواتهم قد بدأ بالانخفاض، ويحتاج الأمر إلى قرارات حكومية لإنقاذ هذه الثروات والمحافظة على مستواها كما هي!!!
 
 وسواء انخفضت الأسعار عالميا أم ارتفعت فإنها في سورية دائما إلى صعود، ولتذهب إلى الجحيم جميع تلك النظريات والمناظرات الاقتصادية التي يخوض فيها المثقفون الاقتصاديون من الثلاثاء إلى الثلاثاء. وللأسف كما قلنا فهناك من يسمع للتجار ويعمل على تلبية مطالبهم، أما مطالب الفلاحين الذين أصابت الجلطة كثيرين منهم بعد رفع أسعار الأسمدة فلا أحد يرد عليها أو يعالجها، بل تتخذ القرارات لمنحهم دعماً يحصّلونه بعد جني المحصول.. إن كانوا قادرين على الانتظار والاستمرار بالعيش حتى موعد الجني؛ وهذا يعني أن جزءاً كبيراً من أراضي سورية الزراعية لن تجد من يزرعها في الموسم القادم. وسيستمر التجار والصناعيون في أعمالهم .. ينمون ثرواتهم على حساب شريحة كبيرة من الناس’ وسيستمرون في تقديم مساعداتهم الهزيلة لبعض الجمعيات الخيرية والمنظمات غير الربحية (وبما لا يؤثر على ثرواتهم) خاصة إذا كانت نشاطاتها تنظم أو تقام في الفنادق الكبرى ذات النجوم الخمس أو أكثر.. ودعم هذه النشاطات معفى من الرسوم والضرائب الحكومية.
 
 
وعود على بدء فالبورصة السورية حسب ما نعتقد ستبقى لفترة طويلة قادمة، تعمل على عدد قليل جداً من الشركات السورية إذ إن غالبية الشركات السورية سواء كانت تجارية أم صناعية أم خدمية هي شركات عائلية لا يمكنها أن تتحول إلى شركات مساهمة، لأن الصناعي أو التاجر هو كبير العائلة الذي يسعى لكي يبقى هو صاحب القرار الوحيد في شركته أو مؤسسته مهما كبرت أو صغرت، ويبقى هو أو أبناؤه في منصب: رئيس مجلس الإدارة، والمدير العام التنفيذي، ومدير التوزيع، ومدير العلاقات العامة، ومدير التسويق ... الخ  ومن لا يصدق فليسأل مسؤولي التسويق في المؤسسات الإعلانية والإعلامية ليعرف صعوبة إقناع شخص واحد هو نفسه صاحب المناصب آنفة الذكر لا يعرف رغم كل هذه المناصب أهمية الإعلان عن شركته أو نشاطاتها أو منتجاتها في وسائل الإعلام المختلفة .. لأنه -حسب قاعدة عمله- يمنح مثل هذا الترف لأحد أصدقائه (وغالبا يكون من المسؤولين) الذي يطلبها لمصلحة هذه الوسيلة الإعلانية أو تلك... وفهمكم كفاية...!!!
 
وأخيرا نرجو من الله أن يقنع لنا الحكومة بأن تنظر بعين الرأفة والعطف إلى مصلحة بقية أفراد الشعب.... وعلى المستوى نفسه الذي تنظر فيه بعين التلبية والتنفيذ إلى مطالب التجار والصناعيين ومن لف لفهم... إلى يوم الدين... اللهم آمين.
 
 
* قفشة 1:
لا ندري إن كان أحد جهابذة الاقتصاد في سورية قد رصد وحلل وناقش ودرس... الأسباب الحقيقية الكامنة وراء هذا الترابط بين تقلص عدد مصانع الإنتاج الوطني أو المساحات المزروعة في سورية وزيادة الدكاكين والمحلات والمؤسسات الناطقة بالبضائع الصينية ذات الجودة المنخفضة في جميع المحافظات السورية... !!! ومن يقف وراء ذلك؟؟
 
* قفشة 2:
 هل من علاقة بين البورصة والمثل القائل "حَبّك بورص" ؟؟؟؟. نرجو من لديه معلومات إفادتنا.        

الكاتب: محطة أخبار سورية - خاص

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.