يمكن وصف موضوع المخالفات المتعلقة بسقاية المزروعات من المياه الآسنة في منطقة القامشلي بأنه الموضوع الغائب الحاضر ,فهو الغائب بحكم المعالجة والمتابعات الرسمية والورقية وهو الحاضر بواقع الحال , فهذه المخالفات تتكرر في كل عام وعمر الكتب الرسمية والمراسلات المتوفرة في الدوائر الزراعية تشير إلى ما هو أبعد من عام 2001, لكن السقاية بهذه الطريقة والمخالفة لازالت مستمرة حتى يومنا هذا , وقد حذرت كثير من الصحف الرسمية مرات عديدة وأشارت إلى خطورة السقاية بالمياه الآسنة وانعكاساتها على الإنسان والتربة الزراعية والخوف من انتشار الأوبئة والأمراض , كذلك فقد صدرت عدة كتب وزارية بهذا الشأن ككتاب وزارة الاقتصاد والتجارة رقم 176/14 تاريخ 16/ 1/2009 وكتاب وزارة الإدارة المحلية والبيئة رقم 208تاريخ 26/1 /2009 الذي يلزم الجهات المسؤولة في المحافظة باتخاذ الإجراءات اللازمة لمعالجة هذه الظاهرة وقمع أي مخالفة والتشديد في تطبيق القوانين والأنظمة وذلك حرصا على سلامة المواطنين وكتاب وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي رقم 884/ تاريخ 30/3/2006 الذي يتضمن ضرورة تكثيف الجولات على الحقول الزراعية لمنع استخدام مياه الصرف الصحي التي تؤثر على صحة الإنسان والحيوان واتخاذ الإجراءات اللازمة بحق المخالفين.
رغم تعدد القرارات الوزارية بمنعها, استمرار سقاية المزروعات بالمياه الآسنة
مصدر الصورة
SNS
ومع بقيت كل الإجراءات الورقية هي دون جدوى فأعداد كبيرة من الفلاحين الذين تجاور أراضيهم سرير نهر الجغجغ أو أحد تفرعاته لا يزالون يقومون في كل عام بسقاية المزروعات الصيفية والشتوية بما فيها الخضار بأنواعها ,فيحدث أن تباشر إحدى الجهات المعنية بمتابعة الموضوع والمخالفة والبحث في آليات المعالجة حيث تصدر بعض المذكرات التي توجه إلى مديرية الزراعة والإصلاح الزراعي ممثلة بوحداتها الإرشادية للمعالجة ,وتقتصر المعالجة والحلول على إجبار صاحب المخالفة والعلاقة من الفلاحين على كتابة تصريح خطي بعدم متابعة السقاية أو مصادرة المحركات النقالة المنصبة على سرير النهر وأحيانا تعاد لأصحابها بعد يوم أو يومين كما حدث في صيف العام الماضي في قرية (خربة عمو ) أو كما يحدث من قبل الشركة العربية لتنمية الثروة الحيوانية في هذا الموسم الذي تؤكده الدوائر الزراعية .
محطة أخبار سوريا (SNS) تلقت شكوى من قبل المواطن محمود.م المقيم في الحي الواقع بين المتحلق الجنوبي للمدينة وحي طي حول معاناة أهالي الحي من الروائح الكريهة حيث تتحول الأراضي المجاورة لسكنهم إلى برك للمياه الآسنة الممتلئة بالأوبئة كما يذكر .
وهذا ما يؤكده عبد صالح .م " نحن نعيش هذه الظاهرة في كل عام وخاصة في فصل الصيف وفي مرحلة ارتفاع الحرارة ,ولا نرى نهاية لهذا النفق سوى أننا محكومون بعامل المكان وليس لدينا القدرة المالية على تبديله".
من جانب أخر فقد تحدث أحد المهندسين الزراعيين من دائرة الزراعة الذي رفض ذكر اسمه حول أسباب ضعف المعالجة والحد من هذه الظاهرة رابطا الحل "بجهات أخرى مثل دوائر البيئة ومؤازرة الشرطة والمواطن الذي يجب أن يبلغ عن هذه الظواهر ويكافحها ,مع الإشارة إلى أن القانون التطبيقي الرادع غير صارم بل وناقص".
وتجدر الإشارة بأنه حتى الآبار الزراعية المجاورة لسرير نهر الجغجغ هي آبار المياه فيها غير صالحة للاستهلاك البشري , حيث تشير الوثيقة الصادرة عن المؤسسة العامة لمياه الشرب والصرف الصحي بالحسكة لأحد الآبار في حي العنترية بالقامشلي بأن العينة المأخوذة غير صالحة للاستهلاك البشري من الناحية الكيمو فيزيائية .
وعلى أثر الشكاوي المقدمة في هذا العام ومن خلال متابعتنا لهذا الموضوع بين دائرة مصلحة الزراعة ومجلس المدينة عبر دائرته الصحية ودائرة البيئة في القامشلي تبرز إشكالية إدارية أخرى وهي عدم قدرة الجهات المذكورة على تحمل مسؤوليتها تجاه الموضوع , حيث تتقاذف هذه الدوائر المسؤولية في إيجاد آلية لحلول كاملة ,أحد المواطنين المجاور بسكنه لبعض الأراضي الزراعية التي تسقى بالمياه الآسنة وتصله الروائح النتنة وقد يصله الناتج الزراعي الغذائي لا يزال يحمل شكواه إلى الجهات المعنية ويتساءل : متى سيغلق هذا (الملف) بشكل نهائي؟