تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

حواجز تعترض تحقيق تركيا لهدف إبطاء التضخم

مصدر الصورة
وكالات

تتزايد الشكوك في قدرة تركيا على إبقاء التضخم في مسار نزولي خلال 2023 رغم تسجيل تراجع جديد في المؤشر، بالنظر إلى الأزمات المتراكمة التي تستوجب المزيد من الإنفاق، فضلا عن فقدان الليرة لثبات قيمتها رغم المحاولات المضنية لتعديل بوصلتها.

أنقرة – اعتبر خبراء أن انحسار نمو التضخم في تركيا لا يعكس بالضرورة واقع السوق المحلية التي تأثرت بأزمات كثيرة في السنوات الأخيرة وخاصة تداعيات الوباء ومن ثم قرارات البنك المركزي المثيرة للجدل وبعدها الحرب في أوكرانيا وأخيرا كارثة الزلزال.

وواصلت أسعار الاستهلاك انخفاضها في مارس الماضي للشهر الخامس على التوالي بمساعدة استقرار أسعار الغذاء والوقود، رغم أن ضغوط العملة وخطط الحكومة لإشعال جذوة الاقتصاد قبل الانتخابات تشكل حاجزاً أمام المزيد من الانخفاضات.

كليمنس غراف: ارتفاع الأسعار لا يزال أحد نقاط الضعف الأكثر إلحاحا

 

وأظهرت بيانات صادرة عن هيئة الإحصاء الحكومية أن مؤشر التضخم وصل إلى 50.51 في المئة بوتيرة سنوية، فيما ارتفعت أسعار المستهلك بنسبة 2.29 في المئة خلال شهر.

وكان من المتوقع أن تظهر البيانات ارتفاع التضخم على أساس سنوي بنسبة 51.3 في المئة الشهر الماضي، وفقا لمتوسط التقديرات في مسوحات أجرتها كل من رويترز وبلومبرغ.

وتراجع التضخم في نوفمبر الماضي لأمر مرة منذ مايو 2021، وهو ما عزز وضع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بشكل مؤقت قبيل الانتخابات المقررة منتصف مايو المقبل، رغم أنه يبدو في موقف صعب لكسب أصوات ناخبين أرهقت قدرتهم الشرائية.

وبالمقارنة مع الذروة المسجلة في أكتوبر الماضي حين بلغ ارتفاع أسعار الاستهلاك 85.5 في المئة، وهو مستوى غير مسبوق منذ شهر يونيو 1998، يمثل هذا الانخفاض المستمر بشرى سارة للرئيس أردوغان قبل ستة أسابيع من الانتخابات الرئاسية.

ويبرر خبراء تباطؤ التضخم بـ”تأثير القاعدة”، مشيرين إلى أنه إن كانت الأسعار واصلت الارتفاع شهرا بعد شهر، حيث كان هذا الارتفاع أقل حدة منه في الفترة ذاتها من العام السابق.

لكن اقتصاديين مستقلين من مجموعة الأبحاث حول التضخم (إيناغ) يشككون في الأرقام الرسمية، ويؤكدون أن أسعار المستهلك ارتفعت بنسبة 112.51 في المئة على أساس سنوي، وبلغ مقدار ارتفاعها في مارس 5.08 في المئة.

ويواجه الاقتصاد التركي الذي يمر أصلا بفترة صعبة تبعات الزلزال المدمر الذي ضرب جنوب البلاد في السادس من فبراير وأودى بحياة أكثر من 50 ألف شخص.

وقدر البنك الدولي أن الزلزال والهزات الارتدادية تسببا في أضرار تجاوزت 34 مليار دولار، أي نحو 4 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي لتركيا. لكن أردوغان قدر الأضرار الإجمالية في بلاده بحوالي 104 مليارات دولار.

وذكرت منظمة الأغذية والزراعة (فاو) الجمعة الماضي أن هذه الكارثة خلفت أضرارا تتجاوز 20 في المئة من الإنتاج الزراعي التركي بما في ذلك المحاصيل والثروة الحيوانية ومصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية، فضلا عن البنية التحتية الريفية.

وقالت إن “الزلزال أثر بشدة على 11 مقاطعة زراعية كبيرة وتضرر جراءه أكثر من 15.3 مليون شخص وأكثر من 20 في المئة من إنتاج البلاد الغذائي”.

ومطلع الأسبوع الماضي قيم وزير الصناعة والتكنولوجيا مصطفى ورانك خسائر قطاع الصناعة بالمناطق المنكوبة بنحو 9 مليارات دولار، وهو رقم قد يبدو أقل من الخسائر الحقيقية التي قد تكون أكبر.

ويشير كليمنس غراف وباساك إيديزجيل الخبيران في غولدمان ساكس إلى أن تباطؤ التضخم يرجع في معظمه إلى “التأثيرات الأساسية للغذاء والوقود”.

لكنهما ألقيا بظلال من الشك على استمرار الأسعار في مسارها التنازلي، مشيريْن إلى التسارع الشهري في كل من التضخم العام والأساسي. وقالا في مذكرة الجمعة الماضي إن ارتفاع الأسعار لا يزال مصدر أحد “نقاط الضعف المالية الأكثر إلحاحاً” في تركيا.

وتباطأ التضخم في الأشهر القليلة الماضية مقارنة بالقفزة غير المسبوقة في الأسعار العام الماضي، والناجمة عن الحرب في شرق أوروبا وسياسة تركيا النقدية غير التقليدية.

ويبدو أن تعزيز الحكومة للإنفاق المالي قبل الانتخابات في منتصف مايو المقبل وفي أعقاب الزلزالين المدمرين يشير إلى أن التضخم سيظل مرتفعاً.

وقال اقتصاديون في يوني كريدت في تقرير إنهم يتوقعون أن يختتم التضخم السنوي العام عند 50 في المئة، رغم أن “السياسة النقدية الأكثر تشديداً قد تخفض توقعات التضخم وتخفضه إلى 24 في المئة خلال العام المقبل”.

ويتوقع المزيد من المحللين حدوث انعكاس حاد في سعر الفائدة الرئيسي في تركيا خلال النصف الثاني من هذا العام. ويرى بنك أوف أميركا أن الفائدة سترتفع إلى 50 في المئة في الربع الثالث من 8.5 في المئة حالياً، وفقا لاستطلاع بلومبرغ.

سيلفا بحر بازيكي: الموقف النقدي الفضفاض والإنفاق يبقيان على التضخم

وقالت سيلفا بحر بازيكي الخبيرة الاقتصادية في بلومبرغ إن “الموقف النقدي الفضفاض الذي ينتهجه البنك المركزي وكذلك الإنفاق المالي قبل الانتخابات سيعززان الطلب وسيبقيان على الضغوط التضخمية”.

وتتوقع أن يبدد هذا التراجع الناجم من التأثيرات الأساسية في النصف الثاني من هذا العام وأن تكون زيادة الأسعار بنحو 40 في المئة.

وأوضحت أنه حتى مع انخفاض المعدل الرئيسي في مارس، سيظل التضخم نحو 10 أضعاف المعدل المستهدف للبنك المركزي البالغ 5 في المئة.

ومع ذلك، يمكن لصناع القرار النقدي أن يلاحظوا التراجع الآلي المقبل فرصة للوصول إلى الفائدة المنخفضة التي تفضلها القيادة السياسية.

ويرفض أردوغان الاعتقاد السائد بأن ارتفاع تكاليف الاقتراض يمكن أن يحد من التضخم، وقد مارس نفوذاً أقوى على إدارة الاقتصاد في السنوات القليلة الماضية.

ووضعت دورة التيسير النقدي الليرة تحت ضغط، ويحاول صناع السياسة الحفاظ على استقرار العملة في الفترة التي تسبق الانتخابات من خلال اللوائح والاستجوابات بشأن معاملات البنوك في العملات الأجنبية.

وتعتبر العملة التركية من بين الأسوأ أداء بين نظيراتها في الأسواق الناشئة في الشهر الماضي، إذ فقدت اثنين في المئة من قيمتها مقابل الدولار.

ويتوقع اقتصاديون ومحللون يتابعون الشأن التركي أن تنخفض قيمة الليرة انخفاضا حادا بعد الانتخابات بغض النظر عن نتيجتها.

مصدر الخبر
العرب

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.