تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

الدعم الإسرائيلي للعصابات المسلحة في ضوء المواثيق الدولية..!!

 

24/12/2014

تداولت تقارير إعلامية وأممية تابعة للأمم المتحدة التعاون الوثيق والدعم الذي يقدمه الكيان الصهيوني للعصابات الإرهابية المقاتلة في سورية وتحديداً في منطقة الجولان، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا كيف ينظر القانون الدولي لهذا التعاون، وما هو التكييف القانوني له، وسبل معاقبة المسؤولين عنه؟

 بموجب القرار 2625 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الخامسة والثلاثين فإنه: "يتعين على كل دولة في علاقاتها الدولية الإمتناع عن التهديد أو استعمال القوة بحق الوحدة الإقليمية أو الإستقلال السياسي لأي دولة أخرى، أو بأي شكل لا يتماشى مع أهداف الأمم المتحدة. ومثل هذا التهديد أو اللجوء إلى القوة يشكل مخالفة  للقانون الدولي ولميثاق الأمم المتحدة، ولا يجوز إطلاقاً استعماله كوسيلة لتسوية القضايا الدولية. وتشكل الحرب العدوانية جريمة ضد السلام وتنطوي على المساءلة بموجب أحكام القانون الدولي. والأهم من ذلك في هذا الصدد أنه لا يحق لدولة أو مجموعة من الدول أن تتدخل مباشرة أو بصورة غير مباشرة لأي سبب كان في الشؤون الداخلية أو الخارجية لأي دولة أخرى. وبالتالي فإن التدخل المسلح وكذلك جميع أشكال المداخلة الأخرى أو محاولات تهديد كيان الدولة أو مقوماتها السياسية والاقتصادية والثقافية يعتبر مخالفة للقانون الدولي".

وسبق للجمعية العامة للأمم المتحدة أن وافقت بالإجماع في دورتها التاسعة والعشرين بتاريخ 14 كانون الأول 1974 بعد عشرين عاماً ونيف من المداولة المضنية على القرار رقم 3314، والذي تضمن تعريف العدوان (Aggression)، ذلك التعريف الذي أقره كل الاجتهاد والفقه الدوليين في العالم وطبقته محكمة العدل الدولية في قضية نيكاراغوا ضد الولايات المتحدة الأمريكية عام 1986 والذي يعتبر بمثابة تفسير من الجمعية العامة للأمم المتحدة لمدلول أحكام ميثاق الأمم المتحدة حول استعمال القوة المسلحة المخالفة لأحكام الميثاق، وفيه أنّ العدوان هو:

"استخدام القوة المسلحة ضد السيادة أو الوحدة الإقليمية أو الاستقلال السياسي لدولة أخرى أو بأي طريقة أخرى لا تتفق مع ميثاق الأمم المتحدة". وجاء في المادة الثالثة ـ فقرة ز، من القرار المذكور؛ يعتبر من الأعمال التالية عدواناً بغض النظر عن إعلان الحرب - ارسال دولة أو تبنيها لمجموعات أو عصابات مسلحة أو جماعات غير منظمة أو مرتزقة للقيام بأعمال مسلحة ضد دولة أخرى إذا كانت الأعمال من الجسامة بحيث تصل إلى ما أدرج أعلاه، أو تورطها في مثل هذه الأعمال.         

  وعندما قدّمت لجنة القانون الدولي مشروع نظام المحكمة الجنائية الدولية، قامت بإدراج جريمة العدوان بين الجرائم التي تقع ضمن اختصاص المحكمة المذكورة وعرفت العدوان بأنه: عمل يرتكبه فرد يكون بصفته قيادياً أو منظِّماً معنياً باستعمال القوة المسلحة من قبل دولة ضد الوحدة الإقليمية أو الاستقلال السياسي لدولة أخرى أو بأي شكل آخر لا يتماشى مع ميثاق الأمم المتحدة. وفي تعريف مؤتمر نزع السلاح عُرف العدوان بأنه:

"الدولة التي تقترف أحد الأعمال التالية:

ـ إعلان الحرب على دولة أخرى.

ـ غزو أراضي هذه الدولة بواسطة قواتها المسلّحة، ولو لم تعلن الحرب عليها.

ـ استعمال قواتها البرية والبحرية والجوية للاعتداء على أراضي أو سفن أو طائرات دولة أخرى، ولو لم تعلن الحرب عليها.

ـ تسليح عصابات في أراضيها للاعتداء على أراضي دولة أخرى".     

    وبناء على ما تقدّم، وفي ضوء هذه القواعد، يمكن القول إن الأعمال التي يقوم بها الكيان الصهيوني لصالح المجموعات الإرهابية تشكل جريمة عدوان وانتهاك صريح لقواعد القانون الدولي. وبما أن الفقرة الثانية من المادة الخامسة من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية تنص على أنه: تمارس المحكمة الاختصاص في جريمة العدوان متى اعتُمد حكمٌ بهذا الشأن (وفقا ً للمادتين122ـ 123) يعرّفُ جريمة العدوان، ويضع الشروط التي بموجبها تمارس المحكمة اختصاصها فيما يتعلق بهذه الجريمة ويجب أن يكون هذا الحكم متسقاً مع الأحكام ذات الصلة في ميثاق الأمم المتحدة.

ولكن، ومع إصرار الدول الخمسة الكبار على المحافظة على دور مجلس الأمن الدولي كذراع وحيد لتحريك المحكمة لجهة جريمة العدوان، فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو؛ ما الاجراء الذي يمكن اتخاذه في حال أخفق مجلس الأمن في تحديد العدوان، أو إذا رفض الإقرار بأن ثمة عمل عدواني قد حدث فعلاً؟ فالمجلس عندما أدان احتلال إسرائيل للأراضي العربية عام 1967 في قراره 242، وصف العدوان الإسرائيلي بالأعمال العسكرية وطالب بوقفها، ولم يستخدم مطلقاُ كلمة عدوان.

وفوق كلّ ذلك، فإن استمرار الكيان الصهيوني في احتلال  الجولان يُعدّ تكريساً لجريمة العدوان نفسها، وخرقاً لمبدأ رئيسي من مبادئ القانون الدولي (التي تحظر أعمال الضم) يقضي  بعدم جواز تحقيق أية مكاسب إقليمية أو امتيازات سياسية للمعتدي، ناهيك عن أن اسرائيل تشكّل في وجودها بحدّ ذاته، كياناً عنصرياً استيطانياً استعمارياً قائماً على الاحتلال والغصب وإجلاء شعب عن أرضه وتشريده، الأمر الذي يعد بحق جريمة أخرى من أخطر الجرائم المرتكبة ضد الإنسانية، ما تزال ماثلة أمام نظر وسمع مؤسسات الشرعية الدولية منذ متنصف القرن الفائت وحتى الآن.

ويبدو أن الأمل في الحصول على إدانة من مجلس الأمن لمثل هذه الأفعال واعتبارها تشكل جريمةَ عدوان والمحاسبة عليها وتحمّل عواقبها، بعيد المنال، ويصطدم بعقبة كأداء مفادها أن يقرر مجلس الأمن أولاً الاعتراف بأن ما يحصل في الأراضي العربية المحتلة هو انتهاك للميثاق الأممي وتهديد للأمن وللسلم الدوليين، وهذا ما يتضح من خلال الواقع أنه شبه مستحيل بسبب تركيبة المجلس ونظام التصويت فيه وتلك إشكالية سياسية أكثر منها قانونية.

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.