تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

وهمُ القوة.. إردوغان وشعارات التضليل ..إلى متى..؟!!

مصدر الصورة
وكالات - أرشيف

منذ سنوات درج الرئيس التركي رجب طيب إردوغان على إطلاق شعارات براقة تبيّن من خلال الممارسة أنها لم تكن كذلك، بل هي تسميات لسياسات وأعمال يمكن وصف معظمها بـ"الإجرامية" بامتياز، وقد تركت آثارها المدمرة في أكثر من بقعة من العالم، في سورية ومصر والعراق وليبيا، وأخيراً وليس آخراً،  في القوقاز.

ولعل أهم الشعارات التي رفعها رئيس النظام التركي هي "صفر مشاكل مع الجيران"؛ إنه شعار براق وجميل ويجذب ويدهش. ولكن ماذا كانت الترجمة العملية له على أرض الواقع؟ كانت باختصار التدخل في شؤون الدول المجاورة وإثارة المشاكل والفتن وزعزعة استقرار هذه البلدان لإيجاد ذريعة للتدخل والسيطرة وممارسة الاستعمار من جديد ونهب الثروات واستغلال الأوضاع لتحقيق أطماع توسعية لم يعد أردوغان يخفيها، أو يخجل منها.

 وبعد شعار صفر مشاكل مع الجيران، تحدّث إردوغان عن "نصرة المقهورين"؛ فهل هناك أجمل من هذا الشعار البراق، وهل هناك أكثر منه إغراء لجذب البسطاء والتسويق لسياسات رئيس النظام التركي؟! قال إردوغان "نكافح ليلاً ونهاراً حتى تتبوأ بلادنا المكان الذي تستحقه في النظام العالمي. ونقف بجوار المقهورين في كل مكان من سورية إلى ليبيا ومن شرق المتوسط إلى القوقاز". ولعله واضح جداً ما يدور في رأس الرئيس التركي، وكيف أنّ  حديثه عن مكانة تركيا العالمية، سبق كلامه الدعائي الإعلامي عن "نصرة المقهورين".

لكن نفاق إردوغان تجلّى بشكل فاضح عندما ادعى أنّ بلاده ستعمل "على تطهير أوكار الإرهاب في سورية بنفسها، إن لم يتم الوفاء بالوعود المقدمة لها في هذا الصدد"، لأن الجميع بات يعلم ويدرك أن تركيا هي من تدعم الإرهابيين وتحميهم وتستخدمهم أين وأنى تشاء؛ وأنّ إردوغان نفسه، هو من لا ينفّذ الوعود التي قطعها للرئيس الروسي بوتين بشأن فصل الإرهابيين عن المعتدلين في محافظة إدلب السورية، التي تحتلها قواته وتنهب خيراتها وتعمل على تتريكها ومدناً أخرى تحتلها شمال سورية.

تحدث أردوغان وكأنه حامي الحمى ونصير المظلومين ورسول السلام، وادعى أنّ بلاده "لن تقبل بأي خطوة من شأنها التسبب بمأساة إنسانية جديدة في إدلب السورية"، ونتساءل: من يؤخر الحل في مدينة إدلب، ومن يعيق الدولة السورية عن ممارسة سيادتها على أرضها وشعبها وخدمة مواطنيها، أليس النظام التركي ورئيسه..؟! ولكن إردوغان عاد وكرر وأكد في نفس الخطاب، أنّ هدف حكومته هو إيصال تركيا إلى مستوى أقوى الدول في العالم في المجالات السياسية والاقتصادية، وهو حق لا نجادل بمشروعيته، ولكن لا أن يكون على حساب حقوق وسيادة الدول الأخرى واستغلال ونهب خيرات الشعوب واستغلالها وتدمير منشآتها.

إردوغان يهرب من المشاكل الداخلية التي تواجه نظامه ؛ المعارضة والموضوع الكردي والاقتصاد المتداعي، وتراجع الليرة التركية، والتضخم والخوف والفقر والبطالة والقلق الشعبي مما هو آتٍ، والانتخابات القادمة، والناس الذين أدخلهم السجون وعائلاتهم... الخ؛ رئيس النظام التركي  يتجه إلى الحروب الخارجية، في حيلة قديمة معروفة، وهي تنجح الآن بحدود، ولكن السؤال إلى متى سيستمر نجاحها وقد طفح الكيل..؟!

إنّ كثرة الحروب الخارجية والعداوات وخسارة الأصدقاء، والأهم انعدام الثقة بالنظام التركي، تقود إلى استنزاف الدولة وتراجع الاقتصاد وانهيار الجيش.. والتوسع الخارجي إلى درجة تفوق إمكانية تحمّل الاقتصاد، تاريخياً، هو أحد أسباب انهيار الامبراطوريات الكبرى. التعويل على سرقة النفط السوري والليبي، وابتزاز اليونان وأوروبا، وبيع الأسلحة لأذربيجان، وغير ذلك من الطرق الاستعمارية البغيضة لم ولن تعوّض خلل الاقتصاد التركي وتراجعه، ولن ترفع قيمة الليرة التركية التي فقدت 24% من قيمتها منذ بداية العام الحالي، و"التدخلات العدوانية " التركية المتكررة والمتزايدة لن تعيد ثقة المستثمرين ولن تشجعهم على ضخّ أموالهم في الاقتصاد التركي في ظل الخوف من التوتر وعدم الاستقرار.

يشعر رئيس النظام التركي بفائض من القوة ليس حقيقياً، والدول الأخرى بدأت تعبّر عن انزعاجها من السياسات التركية، ومن التوسع العدواني الاستعماري التركي. في لحظة ما ستدفع تركيا ثمن سياسات إردوغان وطموحاته: التقسيم. قد لا يكون هذا هو التوجه الدولي حالياً، ولكن الضغوط التي تخلقها وتشكلها سياسات وطموحات الرئيس التركي إقليمياً وعالمياً أصبحت مقلقة ومستفزة، وربما أعدّت الخطط لمواجهتها وإيقافها. في نهاية الحرب العالمية الأولى، خسرت تركيا مساحات واسعة من إمبراطورية "الرجل المريض"؛ وبعد مائة عام يبدو أن سياسات التوسع الجديدة التي ينتهجها النظام التركي ستقود إلى تشظي تركيا نفسها.. ومن يعش ير..؟!!

بـديـع عفيـف

 

 

مصدر الخبر
محطة أخبار سورية

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.