تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

دلائل أقوى على أفول عصر الولايات المتحدة كقوة عظمى..؟!

مصدر الصورة
وكالات -أرشيف

 

        ترتكز الهيمنة الأمريكية على العالم طوال العقود الماضية على عناصر معروفة، أهمها؛ القوة العسكرية والقواعد العسكرية المنتشرة في دول العالم؛ الاقتصاد الأمريكي القوي؛ العملة الأمريكية؛ التكنولوجيا الأمريكية المتطورة، وبالتالي الثقافة الأمريكية المهيمنة. والسؤال ماذا بعد أن بدأت هذه الركائز بالتداعي واحدة تلو الأخرى، بالتزامن مع صعود قوى عالمية جديدة على المسرح الدولي؟!

قبل عدّة أيام، اعتبر وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، أن فشل واشنطن في تمرير مشروع قرارها لتمديد حظر الأسلحة ضد إيران في مجلس الأمن الدولي، خير دليل على أن "عصر أمريكا كقوة عظمى قد انتهى". وفسّر المسؤول الإيراني، وهو خريج المدرسة الأمريكية، كلامه قائلاً: "أظهر الخطأ الحسابي لأمريكا أن عصر القوة العظمى لها قد انتهى... كان الأمريكيون يخطؤون في الحسابات على مدار السنوات الـ17 الماضية، وكان موقفهم الفاشل في مجلس الأمن قبل أيام أحد الأشياء القليلة التي لم يدعمها الأوروبيون".

أجل، لا يمكن المرور دون التوقف عند رفض المجتمع الدولي لمحاولات الولايات المتحدة تمديد حظر الأسلحة ضد إيران (وحدها الدومينيكان صوّتت مع الولايات المتحدة، مقابل 13 دولة معارضة)؛ فهذا مؤشر على تراجع السطوة الأمريكي، والأهم عدم القناعة بالأسلوب والأهداف الأمريكية التي باتت تهدد السلم والأمن الدوليين كما كانت دائماً؛ لم تعد القوة الأمريكية ترهب العالم كما كانت، وأصبح هناك من يتحدّى.

وهذا الأمر، التحدي، يظهر على أرضية تقدم صناعة التكنولوجيا العسكرية بشكل أوضح وتفوق منافسي الولايات المتحدة، وبالأخص روسيا والصين؛ المعلومات والتحليلات تتحدث عن حاجة الولايات المتحدة لعشر سنوات لتتمكن من اللحاق بروسيا في مجال الأسلحة "الفرط صوتية" التي تمتلكها روسيا والغواصات الروسية المزودة بالصواريخ "الفرط صوتية"، بل هناك اتهامات أمريكية لروسيا باستخدام الأقمار الاصطناعية في هذا المجال.

ومثل موسكو، بدأت بكين ترسي قواعد عصر القوة الصينية؛ في الاقتصاد والعسكر والتكنولوجيا والمجال السيبراني والاتصالات... الخ، والحديث العالمي يدور عن "العصر الصيني" المقبل، وإن الولايات المتحدة تحاول تأخير ذلك، لا منعه، لأن لا قدرة لديها على ذلك. وليس من فراغ أن اعتبر الوزير ظريف أنّ العالم دخل عصر "ما بعد الغرب".

ركيزة أخرى من ركائز القوة الأمريكية تتعرض للخطر الشديد؛ فقد أصبح من الواضح والمؤكد أنّ روسيا والصين و(العديد من الدول الأخرى) تتجه نحو التخلي عن العملة الأمريكية، وقد وصلت حصة الدولار في العمليات التجارية بين روسيا والصين إلى الحد الأدنى. وفي ظل ذلك أعرب اقتصاديون عن ثقتهم بأن هذا التعاون سينتهي في النهاية بـ"تحالف مالي"، والذي لن يكون فيه مكان للعملة الأمريكية. وأظهرت بيانات اقتصادية أن حصة الدولار في الحسابات التجارية بين البلدين في الربع الأولى من العام الجاري هبطت إلى دون مستوى 50% إلى 46%، وذلك للمرة الأولى على الإطلاق؛ فقد بلغت حصة اليوان والروبل خلال الفترة المذكورة 24%، بينما كانت حصة اليورو 30%.

ويعدّ هذا التحول جزءاً من استراتيجية روسية تهدف "لتقليص" اعتماد الاقتصاد الروسي على الدولار، وجعله أكثر مرونة في مواجهة التهديد بفرض عقوبات أمريكية جديدة. وكانت موسكو وبكين قد وقعتا في 2014 اتفاقية مقايضة عملات لمدة ثلاث سنوات بقيمة 150 مليار يوان (24.5 مليار دولار). ويرى العديد من الخبراء إن مساعي روسيا والصين للتخلي عن الدولار، هي أحد الأسباب الرئيسية في انخفاض الطلب على الدولار.

وكان صندوق النقد الدولي قد حذر، في تقرير في آب الماضي، من أن طبع تريليونات الدولارات لمحاربة الأزمة وأسعار الفائدة المنخفضة للغاية تقوض مكانة الدولار كعملة احتياط.  كما أن الدين الأمريكي، الذي بلغ 26 تريليون دولار، يُعدّ حملا ثقيلاً على الاقتصاد الأمريكي، وهذا سيضرّ بالدولار في النهاية.

ولعل أزمة فيروس "الكورونا" التي تهدد العالم، حطّت بكامل ثقلها في الولايات المتحدة، وأظهرت عدم استعداد الدولة الأمريكية وعجزها عن مواجهة هذا التحدي؛ طبياً وعلمياً وإدارياً ومجتمعياً. وقد أعرب الاقتصادي ألكسندر أوزان، عميد كلية الاقتصاد بجامعة موسكو الحكومية، خلال منتدى ثقافي، عن ثقته بأن أزمة كورونا "شكلت ضربة قوية للولايات المتحدة، الأمر الذي ساهم في ظهور حركات اجتماعية لم تكن موجودة هناك من قبل". وقال: "هناك حيث تمر أزمة كورونا بصعوبة، في الولايات المتحدة، نشاهد أن حركات اجتماعية ذات توجهات جديدة قد ظهرت، لا أقصد تدمير المحلات التجارية، لكن اتحدث عن محاولات إعادة كتابة التاريخ (الأمريكي)، والذي يعد مؤشرا لاحتمال اندلاع ثورة عظيمة" جديدة.

        وبعيداً عن العسكرة والاقتصاد والمال والفشل في مواجهة أزمة "الكورونا"، فقد نشرت صحيفة "الإندبندنت" البريطانية تقريراً عن قرار "مركز كارتر"، الانخراط في الانتخابات الأمريكية المقبلة لأول مرة في تاريخه، وذلك بسبب "تآكل الديمقراطية" في الولايات المتحدة. وراقبت المنظمة، التي أسسها الرئيس الأمريكي السابق جيمي كارتر، عشرات الانتخابات في الشرق الأوسط وأفريقيا وأمريكا اللاتينية منذ 1989، وذلك في إطار نشاطها من أجل ترقية الديمقراطية في العالم. وأعلن "مركز كارتر" لأول مرة في تاريخه أنه سينخرط في الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة. ونقلت الصحيفة عن مدير المركز، ديفيد كارول، قوله إن نشاط المركز كان ينصب على البلدان التي تواجه فيها الديمقراطية تراجعا أو تهديداً كبيراً. ولم تكن الولايات المتحدة ضمن هذه الفئة من الدول بالنسبة لمركز كارتر، حتى 10 أعوام الأخيرة، إذ بدأت الديمقراطية "تتآكل" في البلاد..؟!!!!

                                                                    بـديـع عفيـف

مصدر الخبر
محطة أخبار سورية

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.