تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

التطورات العالمية والإقليمية باتت تتسم بطابع غير قابل للتنبؤ أكثر فأكثر..؟!

مصدر الصورة
محطة أخبار سورية

العنوان أعلاه مقتبس من كلام لنائب وزير الدفاع الروسي ألكسندر فومين نشره موقع قناة "روسيا اليوم" الإلكتروني. الجنرال الروسي، قال كلاماً مهماً جداً لخّص فيه الوضع الدولي والعلاقات الدولية في الحقبة الراهنة، فماذا يرى من مخاطر محدقة؟!

أولاً، تجري عملياً بلورة نموذج متعدد الأقطاب للنظام العالمي؛

ثانياً، يترافق ذلك مع ظهور مراكز جديدة للنفوذ الاقتصادي والسياسي واشتداد المنافسة بين الدول؛

ثالثاً، يقود ذلك إلى تقويض هيمنة الولايات المتحدة وحلفائها على الساحة الدولية وتصدّع الأحادية القطبية التي سادت العلاقات الدولية خلال ما يقارب من عقدين؛

رابعاً، هذه التحولات تجعل التطورات العالمية والإقليمية تتسم بطابع غير قابل للتنبؤ أكثر فأكثر؛

خامساً، ينتج عن ذلك أنّ الأوضاع السياسية والعسكرية المعاصرة في العالم تتميز بالاضطراب وبطابع معقد؛

سادساً، إنّ سعي الولايات المتحدة وحلفائها للحفاظ على سطوتهم واحتكارهم للقرار الدولي والتجارة الدولية والسياسات الدولية دفعهم لمحاولة لتعديل أعراف القانون الدولي المعترف بها وإعادة النظر في مبادئه.... وتجاهل مبادئ الأمن الدولي المتساوي وغير القابل للتجزئة.

وفي ضوء ما تقدّم، يمكننا أن نشير إلى عدد من التطورات التي تنتهجها بعض الدول الكبرى لحماية مصالحها ومواجهة التحديات العالمية الجديدة والمتزايدة، حتى لو أدى ذلك إلى انتهاك القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة وهدّد الأمن والسلم الدوليين؛

أولاً، رفع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب شعار أمريكا أولاً الانعزالي؛ الخروج من معاهدة الصواريخ المتوسطة وقريبة المدى؛ الانسحاب من الاتفاق النووي الموقّع مع إيران وفرض حصار قاسٍ على طهران؛ حماية ولي العهد السعودي بغض النظر عما ارتكبه الأخير في الداخل السعودي، وفي اليمن، وأخيراً دوره في قضية قتل وتقطيع الصحافي السعودي جمال خاشقجي؛ فرضُ عقوبات متنوعة على العديد من الدول، في مقدمتها المنافس الاقتصادي؛ الصين، والمنافس العسكري؛ روسيا.

في الواقع إنّ كل المؤشرات وتصريحات وتقديرات المسؤولين الأمريكيين وغيرهم، تتحدث عن احتمال حرب بين الولايات المتحدة والصين خلال السنوات العشر القادمة. سلوك الإدارة الأمريكية يؤكد بدون أدنى شك أنّ لا احترام لأي قيم أخلاقية أو قانون أو مواثيق دولية إذا كانت لا تتطابق مع المصالح الأمريكية وتخدمها؛ ولأجل ذلك فإن الإدارة الأمريكية لا تتوانى عن استخدام القوة أو التهديد باستخدامها للوصول إلى غاياتها.

ثانياً، الصين التي تتقدّم على المسرح العالمي، ومثلها روسيا، ومعاً يهددان الهيمنة الأمريكية والغربية بإيجاد ودعم نظام عالمي متعدد الأقطاب يكون اكثر توازناً وعدالة؛ تعلمت بكين وموسكو درس الحرب الباردة وأنّ الخلاف بينهما يخدم الولايات المتحدة؛ ولذلك يعزز البلدان علاقاتهما السياسية والعسكرية والاقتصادية والتجارية والعلمية ويحاولان تقليل خلافاتهما إلى الحدّ الأدنى؛ البلدان ينشدان الوصول إلى تجارة بينية تصل إلى مائة مليار دولار سنوياً..!!

الصين، أيضاً، تستقطب العالم بالاقتصاد والمشاريع الاقتصادية المشتركة والاحترام المتبادل؛ القواعد الصينية بدأت تنتشر في آسيا وإفريقيا وحتى أوروبا؛ بكين ردّت على العقوبات الأمريكية بالمثل وبمنتهى التحدي؛ التوقعات تشير إلى أنها قد تصبح القوة الاقتصادية الأولى في العالم خلال عقد من الزمن.

أما روسيا فقد تجاوزت الولايات المتحدة بالقدرات العسكرية في عدد من المجالات، أهمها الأسلحة النووية والفرط صوتية؛ الحضور العسكري الروسي في سورية منذ العام 2015 سلّط الضوء على القدرات العسكرية والأسلحة الروسية الحديثة والأرخص من نظيرتها الأمريكية؛ 13 دولة تريد شراء منظومات صواريخ "أس 400" الدفاعية، رغم العقوبات الأمريكية التي تهددها..؟!!

المنظومة الغربية تتفكك، والخلافات عبر الأطلسي لم تعد خافية على أحد؛ مؤسسة الناتو لم تعد تعمل كما كانت في السابق؛ أوروبا تبحث إنشاء جيشها وقواتها وتنشد ما يحافظ على استقلالها في وجه الخصوم، ومن بينهم الولايات المتحدة كما روسيا والصين؛ ورغم ذلك، فإن أوروبا ذاتها تتراجع وتفقد مكانتها؛ الوحدة الأوروبية تتآكل؛ بروز اليمين الشعبوي المتشدد؛ الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي ليس دليل عافية، وخلافات روما مع بروكسل لا تعكس الألفة؛ المظاهرات والتخريب في فرنسا وبلجيكا يهدد بربيع فرنسي وآخر أوروبي على شاكلة الربيع العربي؛ هل تجاوز إيمانويل ماكرون والمستشارة أنجيلا ميركل الحدّ في تحدّ السيد الأمريكي؟ ربما!!

في المقابل، يتمدد الروس والصينيون إلى الشرق والغرب والجنوب؛ الاتحادات أكثر من أن تُعدّ؛ الثنائية والثلاثية والإقليمية والعابرة للقارات؛ منظومة شنغهاي، الاتحاد الأوراسي، البريكس، روسياـ تركيا، الثلاثي الضامن(روسيا، إيران، تركيا)... الخ. لكنّ الأهم هو الحرب الجديدة التي بدأت تتبلور على العملة الأمريكية: الدولار. لقد بدأت عدة دول بالتخلي عن التعامل بالدولار الأمريكي في علاقاتها التجارية البينية، أو هي في الطريق إلى ذلك؛ الصين وإيران، تركيا وروسيا، إيران وتركيا، وغيرها العديد من البلدان. روسيا من جانبها، بدأت أيضاً بالتخلي من السندات الأمريكية وبتكديس الذهب. أجل التطورات العالمية والإقليمية باتت أكثر خطورة وتعقيداً وتتسم بطابع غير قابل للتنبؤ أكثر فأكثر...؟!

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.