تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

الولايات المتحدة .."تلفزيون الواقع" بإشراف ترامب

مصدر الصورة
محطة أخبار سورية

أعلن وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو عن انسحاب الولايات المتحدة من معاهدة الصداقة الموقعة مع إيران عام 1955، رداً على ما اعتبره "استغلال إيران لمحكمة العدل الدولية"، حيث أمرت المحكمة الأربعاء الولايات المتحدة بوقف العقوبات على السلع "الإنسانية" الموجهة لإيران وضمان سلامة الطيران المدني وحركة الملاحة الجوية.  

بدوره، أعلن مستشار الرئيس الأمريكي للأمن القومي جون بولتون أن الرئيس ترامب قرر الانسحاب من البروتوكول الملحق باتفاقية فيينا حول العلاقات الدبلوماسية بعد رفع دولة فلسطين قضية ضد الولايات المتحدة، "متحدية نقل سفارتنا من تل أبيب إلى القدس".

وقبل ذلك، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الانسحاب من اتفاقية المناخ الموقعة في باريس؛ كما أعلن الانسحاب من الاتفاق الموقع من الدول الست مع إيران بخصوص برنامجها النووي.

ليس ذلك فحسب، فقد أعلن جون بولتون، أن الإدارة الأمريكية سنبدأ في مراجعة جميع الاتفاقيات الدولية التي قد تعرض الولايات المتحدة لأحكام قضائية يزعم بأنها ملزمة في حل النزاع في محكمة العدل الدولية.

وقبل أيام أيضاً، وفي تصريح يخالف أبسط الأعراف الدبلوماسية، قال الرئيس ترامب أمام تجمع انتخابي في ولاية ميسيسبي وسط الولايات المتحدة: "نحن نحمي السعودية. ستقولون إنهم أغنياء. وأنا أحب الملك، الملك سلمان. لكني قلت له "أيها الملك، نحن نحميك، ربما لا تتمكن من البقاء لأسبوعين من دوننا، وعليك أن تدفع لجيشك". وربما بنفس اللهجة خاطب ترامب الأصدقاء في اليابان ودول الاتحاد الأوروبي، ولاسيما ألمانيا. القاعدة "الترامبية" تقول إنّ على الجميع أن يدفعوا لقاء خدمات السيد الأمريكي التي فرضها عليهم، أو تلك التي يحتاجونها، لا فرق بين الأمرين، ولا بين الأصدقاء والأعداء.

هذه هي أمريكا بدون حجاب، بدون تشفير، بدون ادعاءات الديمقراطية وحقوق الإنسان ومثاليات العقود الماضية؛ ترامب ليس غامضاً وليس موارباً، أعلنها بوضوح: أمريكا أولاً، ونقطة على السطر. ولطالما كانت أمريكا أولاً ولكن لم يكن ذلك معلناً أو "واقعياً" كما هو الآن في القول والفعل.

الرئيس ترامب القادم من عالم المال والأعمال والشهرة والنساء والمصارعة، يمارس الرئاسة بطريقته وأسلوبه الشخصي، هو أكثر من يشبه أمريكا، ويعبّر عنها؛ هو نفسه الرئيس الذي يصبّح على العالم ويمسّيه كل يوم على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، ويشغل الناس بعباراته الواضحة التي تعكس الخط البياني الانحداري الذي تسير وفقه القوة العظمى في العالم، بعيداً عن "الدولة العميقة" في بلاده، أو ربما بإشرافها الخفي.

لم تعد أمريكا الحلم الذي يراود الجميع؛ بشعةٌ جداً أصبحت صورة الولايات المتحدة الجشعة، الساعية لاستغلال الآخرين، كلهم، دون رحمة؛ الحرب الأمريكية ضد العالم كله؛ في المناخ والأمن والتجارة والاقتصاد والإعلام والسياسة والسلاح؛ العقوبات الأمريكية تطال أغلب دول العالم بشكل أو بآخر... إنه الانحدار الذي يسبق السقوط.

الإدارات الأمريكية السابقة، وبعد أحداث 11أيلول (سبتمبر)، طرحت سؤالاً بدا للكثيرين غبياً جداً لأنهم يعرفون جوابه، لكن الإدارة الأمريكية كانت لا تعرف جوابه، أو تظاهرت بأنها لا تعرف: لماذا يكرهوننا؟! ربما لم يعد مهماً بالنسبة للإدارة الحالية معرفة الجواب، وربما لا يهمها كره الآخرين أو محبتهم؛ المهم المصالح الأمريكية، أمريكا أولاً. ولكن حماية هذه المصالح تطرح سؤالاً آخر: هل معاداة دول العالم وشعوبه وممارسة الهيمنة عليهم، تعود بالنفع على الولايات المتحدة وتحمي مصالحها في المستقبل الغامض المتبدل؟

عندما تعتمد القوة العظمى منطق القوة والهيمنة، في سياساتها الخارجية، وعندما لا تفهم منطقاً آخر ولا تقيم وزناً للآخرين ولمصالحهم، فإنها لا تحتاج للتفكير بهذا السؤال من أصله. ولكنها، أقرّت أم أنكرت، فإنها تسير نحو هلاك محتّم لأنها تعمل على توحيد العالم ضدها، وهذا خطير وغبي جداً، ومدمّر أيضاً..!!

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.