تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

قانون وزارة الأوقاف ..كأن سوريا تحث الخطا نحو أسلمة الدولة

مصدر الصورة
محطة أخبار سورية - خاص

بالرغم من أن مسؤولينا لا يوفرون مناسبة أمام الكاميرا دون استغلالها لترديد لازمة: " ما عجز المتشددون والإرهابيون عن أخذه بالحرب , لن يأخذوه بغيرها " ثم يحيّون بطولات الجيش العربي السوري وإنجازاته على امتداد الأرض السورية , لكن ماذا عن الواقع ؟ هل فعلا تناضل حكومتنا العتيدة في نفس الخندق مع الجيش .؟ وهل فعلا تجهد لمنع المتشددين من تحقيق أي مكاسب في هذا البلد ؟

مع بداية الحرب على سوريا استشعر الناس خطر التطرف الذي يعيش وينمو بيننا  وعلت الأصوات لمكافحته حيثما وجد.

وبينما كنا نطالب بمدنية الدولة بدءاً بإلغاء المادة الثالثة من الدستور التي تقضي بتحديد دين رئيس الدولة و بقانون جديد للأحوال الشخصية وو...وصولاً إلى إلغاء مادة التربية الدينية من المدارس واستبدالها بمادة تسمى الأخلاق وكنا نرى أن الفرصة مواتية لهذا التغيير...إلا أن التيار الديني كان دائما المنتصر وحصل على امتيازات لم يكن يحلم بها في أكثر أحلامه وردية , فحصل على قناة فضائية دينية في الوقت الذي أغلقت فيه قنوات رسمية ثقافية, وانتشرت المدارس والمعاهد الشرعية كالفطر وأصبحنا نتمتع بامتياز وجود جامعة شرعية متخصصة بتخريج العلماء وهنا كلمة علماء لا تعني من قريب أو بعيد العلوم أو الاختراعات البشرية...

باختصار ومع أن دماءنا المسفوحة منذ قرون لم تفتر بعد فنحن لم نتعلم ,لم نتعلم من كل ما جره علينا التطرف الديني من ويلات وتخلف ويبدو أن سنوات الحرب السبع ليست كافية لنتعلم الدرس ومن لم يعلمه التاريخ لن يتعظ يوما ..

 في غفلة أعد قانون جديد تسلل واندس بين قوانين دولتنا المعاصرة لا العصرية وسمى نفسه قانون الأوقاف تسلل قبل أن يراه نواب الشعب فلربما كانوا أعادوه من حيث أتى .

من يقرأ هذا القانون يرى أن خياطاً ماهراً أتقن تفصيله على مقاس السيد وزير الأوقاف و داعياته من الأخوات القبيسيات وحتى ولده كبير الفريق الديني الشبابي التطوعي, وانعكس بين سطوره ما حكي عن خلاف بين سماحة مفتي الجمهورية ووزير الأوقاف الذي يبدو أنه انتصر بالضربة القاضية وأصبحت بموجب القانون الجديد دار الإفتاء إحدى مديريات وزارة الأوقاف وسماحة المفتي أحد رعايا السيد الوزير.. 

 يتألف القانون الجديد من سبعة أبواب ضمن 37 صفحة وكل مادة منها تحتاج للنقاش المطول

لكن السؤال الأهم الذي لن نستطيع تجاهله هو ما الجدوى من هكذا قانون؟؟ ولماذا صدر اليوم و قبل اطلاع مجلس الشعب على مضمونه ؟ومن المستفيد من إعادة سوريا عصوراً إلى الوراء؟ هل ما نحتاجه لإعادة إعمار بلدنا هو المدارس الشرعية ؟ وإلى داعيات مثيرات فقط ...للجدل ؟ ..

و بخلاف حاجتنا للجيش العربي السوري الذي لم يعفَ أي جندي فيه من الضرائب ولم يحظَ بأي امتيازات, بتنا نحتاج إلى جيش من الموظفين الأتقياء المحصنين بكافة التعويضات والمعفيين من الضرائب ,على اعتبار أن وزارة الأوقاف أصبحت مستقلة بموازنتها عن الدولة ,ينتشرون بحسب القانون العتيد في جميع المحافظات السورية والمدن والبلدات والنواحي ليطمئنوا على حسن تنفيذ الشعائر الدينية وتطبيق الدين المعتدل السمح وهنا نسي المشرع أن يعرف لنا مفهومه عن الاعتدال؟ ثم ماذا عن الطوائف والأديان الأخرى ...؟والموزاييك السوري الفريد الذي على ما يبدو أصبح في خطر ..وللإنصاف حاول المشرع تدارك الموضوع في الباب الثالث الفصل الأول الذي ينص على تشكيل المجلس العلمي الفقهي الأعلى برئاسة وزير الأوقاف و عضوية أكثر من 40 عالما بينهم خمس من عالمات القرآن الكريم وتنص المادة السابعة الفقرة (أ) على أنه يضاف للأعضاء ممثلين عن الطوائف المسيحية كافة عند مناقشة المسائل المشتركة بين الأديان وما يتعلق بتعزيز الوحدة الوطنية ...

في كل مرة كان يطرح فيها موضوع فصل الدين عن الدولة وتطوير قوانيننا كان يأتي الرد من المعنيين  أن غالبية المواطنين لن يقبلوا بذلك ويتحدثون عن أغلبية 70 بالمئة من الشعب لن تقبل بالدولة المدنية بمعنى أن " الجمهور عاوز كدة "وهنا نسأل عن دور النخب لنجده على أقل تقدير لا يليق بالمرحلة ...

بالنتيجة صدر القانون ونشر بالجريدة الرسمية قبل أن يمر على نواب الشعب ,والشعب الذي ذاق ويلات التغول والتطرف الديني فقد الأمل ولم يعد خاضعاً لحكمه ,ولن يستغرب لو تغير قريبا اسم الجمهورية العربية السورية إلى الجمهورية الاسلامية السورية وليتوقف مسؤولونا عن لازمتهم فغبار الحرب سينقشع وسيظهر الواقع المؤلم ..

ملاحظة: بعد إرهاب الاخوان المسلمين في الثمانينيات من القرن الماضي أنشئت معاهد تحفيظ القرآن ومعاهد تعليمية دينية , علينا أن نعترف أنها لم تكن إلا بؤراً لتخريج الارهابيين ونشر الفكر المتطرف بدل الفكر المعتدل والعقيدة السمحة , وهذا ما ظهر في اعترافات غالبية من ألقي القبض عليهم من ارهابيين سوريين وعرب وآسيويين شاركوا في الحرب الحالية على سوريا, وللعلم هذه المعاهد تشرف عليها وزارة الأوقاف....!

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.