تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

العلاقات الدولية لا تقوم على التاريخ.. بل على المصالح

مصدر الصورة
محطة أخبار سورية - خاص

بقلم : بـديـع عفيـف

 

أحدث انهيار الاتحاد السوفيتي وانتهاء حقبة الحرب الباردة هزّة في العلاقات الدولية؛ تصدرت الولايات المتحدة النظام العالمي الجديد بداية التسعينات من القرن الماضي فيما وُصف بالأحادية القطبية التي استمرت قرابة عقدين؛ مرحلة التسيّد الأمريكية لم تطل لأن الإدارات الأمريكية المتعاقبة استغلتها بالحروب والعداوات والعقوبات على الدول الأخرى، فيما كانت روسيا والصين تستغلان المرحلة لإعادة بناء نفسيهما بشكل حديث وعصري ومتكامل. التحوّلُ الإيجابي في العلاقات الروسية الصينية وعملُ البلدين على بناء علاقات تعاون إستراتيجي كان من أهم سمات مرحلة ما بعد الحرب الباردة التي افترق فيها البلدان ولذلك كانا ضعيفين في مواجهة الغرب؛ العلاقات الروسية الصينية الاستراتيجية الحالية تشكّل صمام أمان لدول عديدة تحتمي بها في مواجهة الغرب المتغطرس.

كثيراً ما يجري الحديث في الإعلام الغربي عن الخلافات التاريخية بين روسيا القيصرية وإيران الفارسية؛ بين روسيا القيصرية وبين تركيا العثمانية؛ بين إيران الفارسية وتركيا العثمانية. ربما هذا الكلام صحيح، حيث أنّ الماضي شهد حروباً طاحنة بين الأمم السابقة، ولكن المنطق البسيط يحتّم علينا كشعوب ودول وأمم ألا نبني سياساتنا الجديدة على خلافات الماضي؛ ما فعلته روسيا ـ بوتين في هذا السياق، كان عظيماً؛ بناء علاقات تعاون بنّاء جديدة مع إيران من جهة، وبناء علاقات تقوم على المصالح المشتركة والتعاون الإستراتيجي مع تركيا من جهة أخرى، ومساعدة البلدين لإقامة علاقات تعاون ثنائية جديدة بينهما. ما حصل في السنوات الماضية في علاقات البلدان الثلاثة هو قراءة التاريخ للاستفادة من التجارب الموجودة للتعلم منها وليس لتكرار نفس الأخطاء؛ مَن قال أن على الدول والأمم الاستمرار في الحروب والخصام والنزاعات؟! لماذا لم تستمر فرنسا في حربها وعدائها مع ألمانيا النازية التي احتلت باريس، بل هما أهم شريكين في الاتحاد الأوروبي؟ لماذا لم تستمر الحرب بين اليابان والولايات المتحدة رغم "هيروشيما" و"ناكازاكي"؟! لماذا على روسيا وإيران وتركيا أن تحافظ على العداوات التاريخية القاتلة المدمّرة..؟!

الشرق ينهض من جديد؛ روسيا والصين تقودان مرحلة عالمية جديدة، ودول عديدة تريد التعاون معهما والاحتماء بمظلتيهما، ليس إيران وتركيا وسورية والعراق وكوريا الشمالية وباكستان فقط، بل بلدان وأمم أخرى في آسيا وافريقيا وأمريكا وحتى أوروبا نفسها؛ هذا الشرق يمتلك كل أسباب القوة والتقدم؛ العلوم والمال والتكنولوجيا والاقتصاد والثروات جميعها والحضارات، وقد بدأ يستثمر كل ذلك بشكل أفضل، وهذا سرّ الخوف الأمريكي والقلق الغربي مما هو قادم؛ ما جرى في الأسابيع الماضية من تصرفاتٍ بريطانية ضد روسيا، وأمريكيةٍ ضد الصين وروسيا، هو قمة التراجع والانحطاط والهزال الغربي.. هو مؤشر كبير يجب ألا نتجاهل قراءته..؟!

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.