تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

بغداد تستعيد المبادرة جزئياً.. وواشنطن تدرس ضربتها!!

 وقفت التطورات العراقية خلال الساعات الماضية عند نقطتين مفصليتين. فبعد استعادة القوات العراقية زمام المبادرة نسبياً، ومحاولتها استعادة السيطرة على عدد من المناطق في وسط البلاد وفي شرقها التي كان مسلحو «الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش)» قد استولوا عليها، كان إطار التعاون الخارجي مع الحكومة العراقية في حربها ضد الإرهاب لا يزال غير واضح، ما سيبقي أي حراك على خط حلّ الأزمة المهدّدة للكيان العراقي بأكمله محكوماً على ما يبدو بمدى وبكيفية التفاعل خلال الأيام المقبلة بين هذين العنصرين.

ونجحت القوات العراقية، أمس، في وقف الهجوم الذي تشنّه مجموعات مسلحة منذ نحو أسبوع وتمكنت من استعادة المبادرة العسكرية بعد صدمة فقدان مناطق واسعة في الشمال..

وبدا أنه كان لزيارة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي مدينة سامراء في محافظة صلاح الدين يوم الجمعة الماضي، إضافة إلى دعم شعبي عبر عمليات التطوع الواسعة، أثرهما في محاولة إعادة رفع المعنويات في صفوف قوات الأمن العراقية، وإعادة الإمساك بمفاصلها. من جهتها، سيطرت القوات الكردية على منفذ ربيعة الحدودي الرسمي مع سوريا بعد انسحاب قوات الجيش العراقي. وأوضح المتحدث باسم قوات البشمركة الكردية «تسلمت قوات البشمركة السيطرة على منفذ ربيعة (محافظة نينوى) بعد سقوط الموصل في أيدي المسلحين وانسحاب الجيش». لكن وفي منطقة قريبة، وفي حدث قد تكون له تداعيات خطيرة، نقلت وكالة «رويترز» مساء أمس، عن شهود من بلدة تلعفر قولهم إنّ متشددين مسلحين اجتاحوا البلدة الواقعة في شمال غرب العراق بعد قتال مع قوات الأمن.

في مقابل ذلك، نشر تنظيم «داعش» مجموعة من الصور التي تظهر اعدام مقاتليه لعشرات الجنود العراقيين في محافظة صلاح الدين. ودانت الولايات المتحدة، أمس، المجزرة «المروعة» التي ارتكبها «داعش» في مدينة تكريت في شمال العراق. وقالت المتحدثة باسم الخارجية الاميركية في بيان إن «تبني الدولة الاسلامية في العراق والشام (داعش) مجزرة ارتكبت كما تقول بحق 1700 عراقي من طلبة كلية القوة الجوية في تكريت هو أمر مروع وتجسيد حقيقي لمدى تعطش هؤلاء الارهابيين للدماء».

وفي الشق الآخر المحدد لمسارات الأزمة، قالت المتحدثة باسم الخارجية الإيرانية، أمس، إنّ بلادها تعارض «بقوة» التدخل العسكري الأميرکي في العراق، فيما أعلن الرئيس الإيراني حسن روحاني، أمس الأول، أنّ «بلاده لا يمكنها أن تفكر في التعاون مع الولايات المتحدة لإعادة الأمن للعراق إلا إذا تصدت واشنطن «لجماعات إرهابية في العراق وفي أماكن أخرى».

وفي وقت لم تعلن واشنطن حسم خياراتها في الشأن العراقي، ذكرت صحيفة صنداي تايمز البريطانية أمس، أنّ مسؤولين في «القوة الجوية الخاصة» البريطانية باتوا في طريقهم إلى العراق تحضيراً لأي عملية استهداف جوي ضد مسلحي «داعش». وأشارت الصحيفة إلى أنّ المسؤولين ينتمون إلى فريق أميركي ـ بريطاني مشترك، قرر يوم الجمعة الماضي كل من وزير الخارجية البريطاني وليم هيغ ونظيره الأميركي جون كيري، إرساله إلى العراق. ولفتت كذلك إلى أنّ مهمة المجموعة إنشاء أهداف محتملة قبل أن يقرر الرئيس أوباما توجيه ضربات.

ونقلت مجلة فورين بوليسي الأميركية عن مسؤول أميركي استخباري قوله إنّ الولايات المتحدة زادت عمليات جمع صور الأقمار الاصطناعية للعراق، التي ستساعد على تحديد أهداف أي ضربة. وتتزامن هذه المعلومات مع تحذير نواب أميركيين من الحزب الجمهوري من مخاطر انهيار الوضع في العراق، معربين عن تخوفهم من أن يصبح هذا البلد «منطقة الإعداد لـ11 أيلول المقبل». وكشف موقع ديلي بيست الأميركي، أمس، أن زعيم «داعش» أبو بكر البغدادي، الذي كان معتقلاً في قاعدة أميركية في العراق لسنوات، وفقاً له، قال لسجانيه لحظة وداعهم وإطلاق سراحه في العام 2009: «نراكم في نيويورك». ونقل الموقع عن الجنرال كينيث كينغ قوله إنه لم يأخذ تصريح البغدادي على محمل التهديد، ليكتشف الآن بأنه كان يعني ما يقول، وأنه كان خارجاً من السجن لمواصلة القتال.

وأعلنت واشنطن، أمس، أنها سترسل تعزيزات أمنية الى محيط سفارتها في بغداد وستنقل بعضاً من موظفيها الى مواقع أخرى، وذلك رداً على تقدم المسلحين في العراق.

وأعرب أردوغان، رداً على سؤال للصحافيين أثناء زيارة إلى مدينة طرابزون التركية أمس، عن قلقه من «حرب طائفية في العراق». وقال بحسب ما نقلت عنه وكالة انباء «دوغان» إنّ «النار أحرقت كل محافظات العراق تقريباً، لم تعد المسألة على مستوى الموصل فحسب».

إلى ذلك، عقد مجلس جامعة الدول العربية اجتماعا على مستوى المندوبين الدائمين في دورة غير عادية، أمس، لبحث الأزمة العراقية وتهديدها للأمن العربي والإقليمي. وأكد بيان للجامعة بعد الاجتماع أهمية «المصالحة بين جميع الفصائل السياسية في العراق» لإنهاء الأزمة وقتال تنظيم «داعش». وأعلن الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي أنّ اجتماعا تشاوريا لوزراء الخارجية العرب سيعقد «خلال اليومين المقبلين» في مدينة جدة السعودية على هامش اجتماعات منظمة التعاون الإسلامي، للتباحث في تطورات الأزمة العراقية.

داخلياً، كان لافتاً أمس، موقف رئيس البرلمان العراقي أسامة النجيفي، الذي قال إنّ «الحل الوحيد لتدارك الأزمة يتطلب تطبيق المادة الدستورية التي تنص على منح المحافظات حق تشكيل اقليمها الخاص كما نص الدستور على ذلك لتتمكن من الحفاظ على امنها وتحقق استقلالية إدارية»، مشيرا إلى أن «الحلول الحالية التي يعتمدها رئيس الحكومة المالكي غير قادرة على بسط الأمن في نينوى وصلاح الدين لأنها اصبحت غير مجدية لاقتصارها على الخيار العسكري وتجاهل الحلول السياسية»، ختمت السفير تقريرها.

وأبرزت الحياة: العراق: بوادر خلاف بين المقاتلين السُنة و«داعش». وكشف قائد ميداني كبير في «المجلس العسكري» السني التحرك المسلح الذي أسقط مدن الموصل وتكريت وأجزاء من كركوك وديالى، بالإضافة إلى الفلوجة في الأنبار، فيما قالت القوات العراقية أمس أنها أوقفت الهجوم الذي تشنه المجموعات المسلحة، وإنها قتلت المئات من مقاتلي تنظيم «داعش» في قصف جوي. وقال ضابط عرّف عن نفسه باسم اللواء الركن «منتصر الأنباري» في اتصال مع «الحياة»، مؤكداً أنه يتحدث من داخل مدينة الموصل، إن قرار تشكيل مجموعات سنية مقاتلة اتخذ بعد اجتماع شمل كل الفصائل المسلحة السنية والعشائر ورجال الدين، ماعدا تنظيم «داعش» في أيار 2013 وبعد أسابيع من «مجزرة ساحة اعتصام الحويجة» التي نفذتها قوات رسمية وخلفت عشرات القتلى والجرحى. وأضاف: «لا أخفي أن هناك قلقاً من تحركات تنظيم داعش الانفرادية، فهو يهاجم قرى في تلعفر من دون تنسيق ويختطف القنصل التركي في الموصل، كما أنه هدد بشكل غير متفق عليه بالدخول إلى بغداد وكربلاء والنجف، وكل تلك تجاوزات على الاتفاقات المبرمة». وأوضح أن «الاتفاق أن لا تتصرف عناصر داعش بشكل منفصل، لكنهم رفضوا من البداية تلقي أوامرهم من الهيئة العسكرية التي شكلت، وطالبوا بأن تكون الأوامر عبر عضو يمثل داعش داخل تلك الهيئة، لكن حجمهم لا يتعدى 30 في المئة من القوة المسلحة على الأرض» حسب قوله.

وفي هذه الأثناء استمر تدفع المتطوعين الذين يرغبون في الانضمام إلى القوات النظامية في قتال «داعش» واستجابة لنداء المالكي، فيما ناشد السيد على السيستاني العراقيين، خصوصاً سكان المناطق المختلطة، عدم اللجوء إلى الشعارات الطائفية، وطالب بإزاحة صوره واستبدالها بالعلم العراقي.

وعنونت النهار اللبنانية: بغداد تستعيد المبادرة العسكرية ضد "داعش".. واشنطن تتّخذ إجراءات وطهران تستبعد تعاوناً.

بدورها، اعتبرت افتتاحية الوطن السعودية أنه يخطئ من يتصور أن قراءة تعقيدات المشهد العراقي ممكنة بسهولة؛ ذلك أن التطورات المتسارعة والمتلاحقة على الساحة العراقية تحيل المشهد إلى الضبابية بصورة أو بأخرى، فالتنظيم المسمى بـ"داعش" والمقدر ببضعة آلاف قليلة، بالنسبة إلى الجيش العراقي، يسيطر على المدينة تلو الأخرى من دون أن يبدي الجيش العراقي أي مقاومة تذكر... الجيش العراقي الذي أعدته أميركا، ودربته بتكلفة 30 مليار دولار، حوله المالكي إلى جهاز تسيطر عليه الطائفية، ونحن هنا لا نذيع سراً، فقد ظهر الجيش العراقي على شاشات التلفزيون، وهم يستخدمون الطقوس الشيعية أثناء تدريباتهم العسكرية! وتابعت الصحيفة: فيما يبدو أن العراق في طريقه إلى العودة إلى مربع الصفر، فقد أرسلت الولايات المتحدة حاملة طائرات إلى الخليج بسبب الأحداث في العراق في مشهد يعيد بنا الأحداث إلى دخول الأميركيين إلى العراق 2003. وختمت الوطن بأن السؤال هو: هل سينجح المالكي في استعادة المدن التي دخلها "داعش بقيادة عزت الدوري" كما يقال؟ أم سيكتفي بالمحافظة على المناطق الشيعية؟ وهذا طبعاً سيكون بمساعدة إيران والأميركان، أم ستكون لداعش كلمة أخرى، خاصة وهم على بعد خطوات من بغداد؟

واعتبر ابراهيم الأمين في افتتاحية الأخبار أنّ تعقيدات المشهد في المنطقة لا تعني أنه صعب الفهم. المفاجآت الميدانية الجارية في العراق فرضت نفسها بنداً رئيسياً. هي ليست خطوة في الفراغ، لكنها بالتأكيد ليست بالحجم الذي يوازي عملية التهويل الجارية من أطراف النزاع كافة. واوضح الكاتب: في سوريا، سير حثيث نحو تثبيت وقائع ميدانية ذات بعد سياسي، يسمح للنظام وحلفائه بالتنفس قليلاً، وتوقع تراجع في نجاحات الخصوم، لا تراجع في المحاولات. الرئيس الاسد وفريقه أمام مهمة تثبيت إفشال الجزء الأبرز من الحرب العسكرية، وأمام استحقاق فتح الباب أمام عملية سياسية تفتح الابواب أمام احتمال جدي لقيام مصالحة وطنية. في جانب خصومه، الاحتمال الرائج هو أن تنظر المجموعات المسلحة الى ما يجري في العراق على أنه قوة دفع، تتيح لها إعادة تنظيم أمورها، والعودة من جديد الى خطط الهجوم. على الأغلب، سيندفع بعض هؤلاء الى اقتراح خطط على المشغلين في الخارج، وستكون مجموعات تنظيم «القاعدة»، بفرعه السوري، مضطرة إلى إعادة النظر في حسابات المعركة مع «داعش».

في العراق نفسه، سنكون أمام مشهد مختلف. ما قام به «داعش» مدعوماً من قبل حاضنة شعبية معتد بها، وتنسيق عملياتي مع مجموعات ترتبط بقيادات عسكرية من النظام السابق أو مع حزب البعث، أو مع أجهزة استخبارات سعودية وتركية وغيرهما، أدى عملياً الى قلب الطاولة. ربما نكون أمام مشهد سياسي لا يطابق تماماً نتائج الانتخابات النيابية الاخيرة. بمعنى أن الفريق الشيعي مضطر إلى التفاهم على تحالف سياسي ـــ شعبي، أو سيكون أمام خسائر كبيرة. والأكراد لا يمكنهم الركون الى تحقيق نجاحات بطريقة انتهازية، لأن المركز لن يكون لطيفاً معهم إن خذلوه، ولأن المجموعات المسلحة التي تقود التمرد، لا ترى فيهم حليفاً، بل خصماً إضافياً.

وتقف إيران أمام استحقاق إعادة تنظيم المشهد العراقي وما يتصل به سورياً ولبنانياً وفلسطينياً وخليجياً. وهو أمر سوف يعزز دور طهران. لكن لا وجود لمؤشرات تدل على حاجة إيران الى الحضور المباشر، إلا إذا ارتكب خصومها حماقات، بعضها سياسي وبعضها رمزي يتصل بحملة عسكرية أو ما شابه ضد المواقع الدينية المقدسة لدى الشيعة.

أما السعودية، فيبدو أنها تقترب من لحظة الجنون القصوى. فيها فريق يتصرف على أساس أنها معركة وجود. وهذا الفريق لا يتوقف عن البحث عن كل ما يعتقد أنه متعب للجبهة المقابلة. وحالة الاهتراء القائمة على مستوى الحكم فيها سوف تعزز هوامش الأطراف ومراكز القوى وتأثيرات الخارج، وسنكون أمام جولة جديدة من الأخطاء. تبقى تركيا، حيث يتبين أنه لم يحصل أي نقاش أو مراجعة لكل ما حصل في السابق. والمنطق الاستعلائي والمتسم باللاعقلانية سيجعل من تركيا وتيار «الإخوان المسلمين» منصة تتّكل عليها كل القوى المناوئة للحكم في العراق وسوريا وإيران. وهو الأمر الأكثر مدعاة للقلق، لأن فيه ما يقفل الابواب أمام احتمال مصالحة سياسية على خلفية دينية، وهو ما سيفتح الأبواب من المحيط الى الخليج للعبة دموية مجنونة تكون فلسطين أولى ضحاياها! أما في لبنان، فنحن أمام لعبة انتظار مملة، لكن قواعدها مضبوطة، من الملف الرئاسي الى الملف الامني الى الملف الاقتصادي الاجتماعي.

وتحت عنوان: دم العراقيين يرسم خرائط جديدة، اعتبر سامي كليب في الأخبار أنّ ما حصل في الموصل في خلال الأيام القليلة الماضية ليس معزولاً عن التاريخ المضطرب للعراق. داعش هي الواجهة الحالية. الحقيقة تفترض الذهاب أبعد من هذه الواجهة. كلما غزت العراق دول كبيرة سارعت الى تغيير القاعدة المذهبية لسلطته. تارة يقدِّمون السنَّة الى الواجهة، وأخرى يفضلون الشيعة، وبينهما يساعدون الأكراد على الاستقلال. داعش هي الواجهة. دورها أن تزرع الرعب حيث تغزو. عقيدتها التي تكفِّر كل الآخرين، بمن فيهم سنّة كالصوفيين، لا ترحم. لكن الحقيقة تفترض القول إن ثمة تهميشاً حصل، وثمة أخطاء وقعت، وثمة فوضى دبت منذ سنوات. ربما هذا خطأ الأميركيين وربما إرادتهم.. تؤكد آخر دراسة أميركية كندية حول غزو العراق مقتل نصف مليون عراقي و4500 جندي وضابط أميركي. لن يغامر أوباما بإرسال قوات برية. لا بد إذاً من رصد الملاحظات الآتية:

أولاً: جاء الغزو الداعشي مباشرة بعد انتقال المفاوضات النووية من 5+1 إلى لقاء مباشر بين الأميركيين والإيرانيين. الحدث بحدث ذاته كان كفيلاً برفع مستوى القلق عند الدول الرافضة هذا التقارب والخائفة منه. اليوم تبدأ مفاوضات رسم الاتفاق النهائي حول النووي. لو نجحت، فإن تحولاً كبيراً سيحصل في المنطقة. ثانياً: جاء الغزو الداعشي أيضاً بعدما صار الإرهاب هدف كل الاجتماعات. الدعم المباشر للرئيس بشار الأسد ضد داعش والنصرة يثير إحراجاً عالمياً. لا بد من مكان آخر أقل إحراجاً. العراق أفضل من سوريا. ثالثاً: جاء الغزو كذلك بعد زيارة الرئيس روحاني لتركيا. بقيت سوريا محور خلاف، لكن اتفاقات جدية وقِّعت؛ وفي مقدمها ما يتعلق بمكافحة الإرهاب. رابعاً: جاء الغزو بعد بروز لهجة المنتصر في سوريا وعند حزب الله. تعززت اللهجة بعد الانتخابات السورية والتقدم على الأرض. تعززت كذلك مع ازدياد تشدد الرئيس بوتين في دعمه لسوريا بعد أزمة أوكرانيا. ليس غريباً أن يرتفع إذاً منسوب القلق عند خصوم هذا المحور. صعب القبول بتقدم هائل في المفاوضات الإيرانية الأميركية وتقدم مواز في الأزمة السورية.

وأوضح الكاتب: صدر موقفان معبران تماماً عن طبيعة المرحلة الحالية. من جهة، الرئيس روحاني يعلن في سابقة في تاريخ علاقة طهران بواشنطن: «أن إيران مستعدة للتعاون مع أميركا في مكافحة الإرهاب وخارجه، شرط توافر النية لديها لمواجهة الإرهابيين». من جهة ثانية، يقول رئيس الاستخبارات السعودية السابق تركي الفيصل: «من السخريات المحتملة التي قد تقع هي أن نرى الحرس الثوري الإيراني يقاتل جنباً الى جنب مع الطائرات الأميركية دون طيار لقتل العراقيين. هذا شيء يفقد المرء صوابه ويجعله يتساءل».

وتابع كليب: أن يقال إن في الأمر فقط داعش ومشاهدها المروِّعة هو دفن لرأس النعامة في الرمال. ثمة مشكلة مذهبية أعقد. ومشكلة نفوذ إقليمي أخطر. ومشكلة مصالح غربية. ومشكلة تنافر بين التكتلات الشيعية نفسها. ومشكلة جيش بلا عقيدة قتالية له، رغم أن عدده يقارب 200 ألف، يضاف إليهم أكثر من 500 ألف بين رجل شرطة وأمن. ومشكلة البعثيين الذين جرت محاولات استئصالهم فما استؤصلوا. لم ينتبه كثيرون ربما الى أن السيدة رغد ابنة الرئيس الراحل صدام حسين كانت أول المرحبين بما حصل في خلال الأيام القليلة الماضية في الموصل وغيرها. لنلاحظ أن دولاً مجاورة في الخليج صمتت على ما حصل أو رحبت بخجل، أو اعتبرت في الأمر ثورة ضد ما وصفته بالظلم ضد أهل السنة. لنلاحظ أيضاً أن التجمع العالمي لعلماء المسلمين برئاسة الشيخ يوسف القرضاوي كان الأكثر ترحيباً. معركة النفوذ الإقليمي والمذهبي في العراق إذاً في أقصاها.

واعتبر كليب أنّ العالم الآن منقسم بين كتلة كبيرة تحارب الإرهاب تضم أميركا والغرب الأطلسي وإيران ودولاً خليجية وعربية، وبين كتلة صغيرة لا تزال تعتبر أن الإرهاب مطية جيدة لتحسين ظروف سياسية أو مذهبية. لا شك أن كل شيء وحتى أمد طويل بات منذ اللحظة التي جالس فيها الأميركيون الإيرانيين على طاولة واحدة محكوماً بهذا التقارب. العراق لن يشذ عن هذه المعادلة. الدم العراقي سيستمر إذاً بالنزف لأن التأجيج المذهبي الحاصل حالياً لن يسهِّل التفاهم الأميركي الإيراني. ثمة من يذهب أبعد من ذلك ويقول إن ما يحصل في العراق هو فخ لإيران للضغط عليها تفاوضياً. ثمة من يعتقد أن في العراق نفسه يمكن ضرب هذا التفاهم الإيراني الأميركي. إسرائيل نفسها تعتقد ذلك.

ولفت ناهض حتر في مقاله إلى الصمت الذي يسبق الاستدارة في الأردن. وأوضح أنّ غرفة العمليات الأردنية مضطرة اليوم، وستكون أكثر اضطراراً في الغد القريب، إلى وقف كل أشكال التدخل، مهما صغرت، في جنوب سوريا؛ سوف تنتهي لعبة التعاون مع «المسلحين المعتدلين»، ويبدأ التنسيق الأمني الحثيث مع السوريين... وصل السكين إلى الرقبة؛ فلم يعد ممكناً، بعد، التعاطي مع أي سياسات مضادة لدمشق. على العكس، المطلوب، الآن، اضطرارياً، استدارة نوعية نحوها. لا مجال، بعد، للقبول بأي ضغط داخلي أو سعودي أو أميركي. على كل حال، من الواضح أن هذه الضغوط تتلاشى منذ سقوط الموصل. المشهد الإقليمي كله انقلب فجأة، وأصبح غامضاً للغاية: غزوة «داعش» أحيت كل الفصائل العراقية (السنيّة) المسلحة التي نشأت بُعيد الاحتلال الأميركي للعراق؛ بعضها كان مقاوماً، وبعضها كان قبلياً، وبعضها ـــ أقواها لاحقاً ــــ كان إرهابياً، وعلى رأسها «القاعدة» بجناحها الأكثر طائفية وهمجية، بقيادة الأردني أبو مصعب الزرقاوي.

وختم الكاتب: قبل سقوط الموصل، بأيام، كانت لافتة التحية التي وجهها نائب وزير الخارجية السوري، فيصل المقداد، إلى الجيش الأردني والشعب والعشائر. تحية نزلت برداً وسلاماً على القلوب في عمان: كان الدبلوماسي السوري الذكي يقرأ التطورات اللاحقة، وموقع المملكة منها، وبادر إلى التأثير المباشر في التسريع بقرار الاستدارة.

وفي الرأي الأردنية، اعتبر طارق مصاروة أنه لا شيء يمنع واشنطن وطهران من خلق سوريا ثانية في العراق، عبر تحالف وراء الستار للقضاء نهائياً على الكيان السياسي العراقي.. وكما تم خلق دول من الحرب الطائفية – العرقية في يوغسلافيا، فإنه من غير المستبعد خلق خلطة من دول مذهبية وعرقية في سوريا والعراق!!.... تعاون واشنطن وطهران قائم، وقابل للاستمرار، والبركة بـ"المفاجآت القومية" فهي دائماً تظهر.. وفي يدها العلم الأصيل الذي ارتفع في مكة.. في مطلع هذا القرن!!.

وفي الوطن العمانية، اعتبر خميس التوبي أنّ تقسيم العراق هو لتعويض الفشل في سوريا. وقال: ما يجري في العراق من انهيار مثير للاستغراب في المنظومة الدفاعية والأمنية أمام ما يسمى تنظيم داعش، هو نتيجة مباشرة لما يحدث في سوريا، وبالتالي لا يمكن فصل الحدثين عن بعضهما بعضًا، لكن إزاءهما وخاصة خروج محافظات عراقية عن سلطة الحكومة العراقية وسقوطها بيد ما يسمى تنظيم “داعش” يمكن الخروج بقراءة واستنتاجات كثيرة. والخلاصة، أن العراق كان بداية انطلاق ما يسمى مشروع الشرق الأوسط الكبير والذي عهدت إدارة جورج بوش “الصغير” بتنفيذه إلى تركيا، وها هي تركيا بمعاونة عربية تنجح بالعراق في تثبيت أولى ركائز تدمير المنطقة وإعادة رسم خريطتها وفق ما يشتهيه كيان الاحتلال الصهيوني وحلفاؤه.

وفي الخليج الإماراتية اعتبر د.عبدالله السويجي أنه ما أشبه الليلة بالبارحة، بغداد معرضة للخراب للمرة السابعة عشرة منذ تأسيسها في القرن الثامن الميلادي.... بغداد ستكون معرضة للسقوط إذا ما استمر الزحف (السحري)، بغض النظر عن أسبابه التي أعادها البعض إلى "الخيانة"، أو إلى "فساد" المالكي، وهذا سينتج عنه كوارث وطنية وإنسانية ستشكل عبئاً إنسانياً وإستراتيجياً وسياسياً على المنطقة، ولاسيّما إذا صدقت الأخبار التي تقول إن تنظيم داعش هو الذي يقود هذه العمليات، وهذا يعني أن العراق سيخضع لحكم الفكر المتطرف والمتشدد، وسيقابل بفكر أكثر تشدداً، ما يعني أن حرباً داخلية طويلة المدى ستهيمن على العراق وليس على بغداد فقط، وقد يؤدي هذا إلى تقسيم العراق بشكل فعلي، فوق تقسيمه الحالي. واعتبر الكاتب انّ العراق في حاجة إلى عمل عربي مشترك لا ينطلق من الانتماء المذهبي والطائفي والديني، بل يستند إلى المصالح العليا للشعوب العربية، ومن دون هذا العمل، ستسقط بغداد مرة أخرى بيد الفوضى والعبث الطويل.

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.