تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

ليبيا إلى أين؟؟

 أظهرت التطورات في ليبيا خلال الساعات الأخيرة أنّ الأزمة الراهنة ما زالت تدور في فلك سيحدد تفاعل الأحداث المقبلة ضمنه، طبيعة الأزمة التي ستعيش في ظلها البلاد، لناحية تحوّلِها إلى أزمة سياسية أو ذات طبيعة عسكرية طاغية. وإذا سارت الأمور من دون حدوث مفاجآت دراماتيكية، فإنّ الأنظار ستتجه اليوم نحو القضية الأبرز المتمثلة في كيفية تعاطي مختلف الأطراف مع الجلسة التي من المفترض أن يعقدها المؤتمر الوطني العام لمناقشة مسألة منح الثقة لحكومة رئيس الوزراء الجديد احمد معيتيق الإشكالية ومناقشة "ملف المحاولات الانقلابية المتتالية".

وفي تطورات الأمس، فإنّ الحدث الأبرز أقدمت عليه الحكومة المؤقتة برئاسة عبد الله الثني، المستقيل، حين حاولت رسم، في إطار "مبادرة وطنية لرأب الصدع والوصول إلى توافق وطني في هذه المرحلة المفصلية من تاريخ ليبيا"، حدود أعمال المؤتمر الوطني العام خلال الفترة المقبلة.

وفي حين دعت الحكومة في "خطاب مفتوح" المؤتمر الوطني "للرد على هذه المبادرة في أسرع الآجال"، فإنّ المبادرة، المؤلفة من 11 نقطة، أكدت على "التمسك بالإعلان الدستوري المؤقت وشرعية الهيئات والمؤسسات الدستورية المنبثقة عنه"، فيما أشارت إلى أنه "للخروج من الأزمة السياسية وما نتج عنها من جدل قانوني حول تكليف رئيس الحكومة الجديد (أحمد معيتيق)، ترى الحكومة المؤقتة أن يعاد التصويت على رئيس الحكومة الجديد في جلسة علنية ... وفي حال فشل المؤتمر الوطني العام في ذلك تستمر الحكومة الحالية في تسيير الأعمال إلى حين انتخاب البرلمان المقبل في أجل أقصاه 15 آب" المقبل.

أما النقطة الأهم في المبادرة فكانت التأكيد أنه "نظرا إلى دقة المرحلة وخطورتها تؤكد الحكومة على أن قرارات وتكليفات القائد الأعلى للجيش الليبي (وهو رئيس المؤتمر الوطني نوري أبو سهمين) ورئيس الأركان العامة يجب ألا تتم إلا بعد التشاور والتوافق مع الحكومة لما قد تشكله هذه القرارات من تداعيات خطيرة على الوضع الحساس في ليبيا". ومن المفترض أن ذكر هذه النقطة جاء تعقيباً على إصدار رئيس المؤتمر الوطني نوري أبو سهمين قراراً، أمس، قضى بتكليف آمر "قوة درع ليبيا الوسطى" العقيد حسن شاكة بمهام تأمين العاصمة طرابلس وحماية مداخلها ومخارجها ومؤسساتها الحكومية والحيوية. أما في مدينة بنغازي، التي شهدت انطلاق شرارة الأحداث الراهنة يوم الجمعة الماضي، فكان هناك استقرار هش يسيطر على الأوضاع، وسط انضمام قوات أكبر لصفوف قوات اللواء خليفة حفتر.

على صعيد آخر، أعلن السفير السعودي لدى ليبيا، أمس، أنّ السفارة السعودية والقنصلية علقت أعمالها بالكامل وأغلقت أبوابها أمس، نتيجة للأوضاع الأمنية التي تمر بها ليبيا حاليا. كذلك تم إغلاق السفارة الإماراتية، في طرابلس. وأغلقت تركيا قنصليتها في بنغازي أمس، عقب تلقي تهديد بمهاجمتها.

وفي الدستور الأردنية، رأى عريب الرنتاوي أنه لا يمكن النظر لحركة حفتر، أو بالأحرى انقلابه، إلا بوصفها تعبيراً عن حروب الوكالة التي تدور طاحنة بين المحاور على أكثر من ساحة عربية.. بين معسكر/ محور، يدعم الإخوان المسلمين ويجد تأييداً من دولة خليجية وأخرى إقليمية وازنة، وآخر جعل من الإخوان، عدوه الرئيس. ولفت الكاتب إلى أنّ الغرب لم يضع حتى الآن، توقيعه على السياسات والبلاغات التي تصدر عن عواصم عربية وتستهدف حظر الإخوان وشيطنتهم ووصفهم بالإرهاب.. ولا ندري ما إذا كان أعطى “ضوءً أخضر” لحفتر وداعميه، للقيام بهذه الحركة الانقلابية أم لا؟.. كما أننا لا ندري إن كان لانقلاب حفتر أن يحسم أمر السلطة والقيادة لصالحه، أم أننا سنكون أمام محاولة فاشلة جديدة، من الانقلابات الكرتونية.

واعتبرت كلمة الرياض: ليبيا.. مشروع أوطان.. لا وطن! أنّ غياب الدولة مشكل خلخل دول الربيع، ومع أن تونس ومصر شهدتا، استقراراً معقولاً لقوة الجيش ووجود قوى وطنية تسانده فإن سورية وليبيا على خط نار طويل لا يطرح حلولاً تغير معادلات القوة إلا في حال جاء الخيار على فصيل قادر على أن يكون مقبولاً من الدول الفاعلة بتغيير قواعد اللعبة الداخلية.... الفوضى جاءت بديلاً عن أنظمة دكتاتورية دموية، وليبيا لا يبدو أنها تتجه نحو خلق قوة حسم سواء من فئات منشقة عن الجيش والحكومة أو المليشيات التي ترفع شعارات خارج السياق الوطني، ومن هنا أصبح ما يجري في هذا البلد لا يمكن تفسيره بأي شكل كان طالما كلّ يحارب الآخر بدعاوى لا يمكن أن ينتصر فيها أي فريق..

ورأت افتتاحية الوطن السعودية أنه لا يمكن قراءة المشهد في ليبيا، بمعزل عن الصراع الخفي بين الولايات المتحدة الأميركية وروسيا الاتحادية.... الليبيون يدفعون ثمن صراعات القوى العظمى على أراضيهم وهي صراعات تتم بالوكالة عبر عدة أطراف مستفيدة من بقاء حالة عدم الاستقرار إلى ما لا نهاية، وصولا إلى هدف تقسيم ليبيا، والسيطرة على ما في باطنها من ثروات... ومبادرة الحكومة الليبية التي طرحتها أمس، ودعت كافة الأطراف إلى قبولها، متضمنة تعليق أعمال المؤتمر الوطني العام حتى الانتخابات المقبلة، يبدو أنها السبيل الوحيد الممكن لإخراج البلد من أزمته التي يعيشها نتيجة للاعتراضات التي سجلت سابقا... ولأن ليبيا عضوا في الجامعة العربية، فلزاما أن يتخذ العرب الخطوات اللازمة لتجنيب البلد أية تعقيدات قد تزيد المشهد سوءا مما قد يخلق بؤرة ملتهبة جديدة، الجميع في غنى عنها.

وتحدث امين قمورية في النهار اللبنانية عن المحرقة الليبية، معتبراً انّ الأخبار الواردة من ليبيا ليست سيئة فحسب، بل محزنة أيضاً. ليبيا قنبلة موقوتة، الكل يحاول ابعادها عنه قدر المستطاع وثمة من يريد رميها في احضان مصر ليس رأفة بالليبيين ولا حباً بالقاهرة ، بل ربما توريطاً لها في مشكلة تتدحرج في اتجاه أن تصير دولية... ففي ظل الفوضى العارمة، قد تتحوّل ليبيا محرقة لمصر على غرار أوكرانيا لروسيا حالياً أو العراق لأميركا سابقاً، فيغرق البلد العربي الاكبر وجيشه في مجاهل صعبة بعيداً من دوره المفترض داخلياً واقليمياً.

واعتبر زهير ماجد في الوطن العمانية أنّ ليبيا بحاجة لمعجزة لن تتحقق في وقت قريب. ليبيا باتت عالم غريب سريالي الطبع، نراها من بعيد، ويرونها من هم بالداخل على انها معاكسة لرغباتهم ولأحلامهم بالخلاص من القذافي، فإذا بهم يدعون للخلاص من الأشباح الذين يمسكون الشوارع، والمؤسسات، يقررون مستقبل البلاد بمزاجية غريبة، يفرضونها فرضا بحكم قوة السلاح الذي يملكون.

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.