تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

لقاءات سرية بين قادة مستوطنات وفلسطينيين في الضفة

 في الوقت الذي تشهد فيه العلاقات الإسرائيلية الفلسطينية جمودا تاما، ويرفض فيه الرئيس الفلسطيني، محمود عباس (أبو مازن)، التقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بسبب استمرار البناء الاستيطاني، يلتقي عدد من القيادات المحلية للمستوطنين مع القيادات المحلية للفلسطينيين في الضفة الغربية، ويتحدثون كل عن همومهم، ويحاولون إيجاد آلية للجيرة الحسنة.

وبادرت إلى هذه اللقاءات حركة جديدة في المستوطنات اختارت لنفسها اسما ذا دلالة «يروشالوم». فالقدس تسمى بالعبرية «يروشلايم»، وقد تم تحريف الكلمة «شلايم» إلى «شالوم»، وهي تعني بالعربية «سلام». وهي تضم عددا من قادة المجالس المحلية للمستوطنين، الذين يقولون إن «القادة اليساريين الذين حكموا لأكبر مدة زمنية في إسرائيل فشلوا في تحقيق السلام، وحان الوقت لتسليم المهمة إلى الناس في القاعدة. فنحن سنصنع السلام من القاعدة».


وقال إليعيزر كوهين، وهو أحد سكان البؤر استيطانية غير الشرعية حتى حسب القانون الإسرائيلي لأنها لم تحصل على تصريح لإقامتها، إنه يعارض بشدة إقامة دولة فلسطينية مستقلة، ويرى أن أفضل الحلول هو دولة واحدة للشعبين تعيش في إطار كونفدرالية، ويعيش فيها الفلسطينيون والإسرائيليون بمساواة كاملة. ولكنه أضاف أنه في حالة فرض تسوية على أساس دولتين وبقيت مستوطنته في تخوم الدولة الفلسطينية فإنه سيكافح لمواصلة العيش كمواطن يهودي في الدولة الفلسطينية، مثلما عاش أهل الذمة في الدولة الإسلامية ولكن بمساواة حقيقية كما يليق بالدول العصرية.

وعقدت ثلاثة لقاءات سرية بين الطرفين خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة، الأول في مستوطنة، والثاني في منطقة تقع على الحدود بين القدس وبيت لحم، هي «كلية طاليطا قومي» التابعة للكنيسة في بيت جالا، والثالث في قرية فلسطينية قرب الخليل. وسيتواصل هذا المشروع رغم الانتقادات الحادة التي يتعرض لها الطرفان.

وحسب إميلي عمروسي، الصحافية الناطقة السابقة بلسان المجلس العام للمستوطنات، فإن اللقاء الأول كان شائكا، واللقاء الثاني كان أفضل، ولكن اللقاء الثالث كان ناجحا بشكل كبير. ففي اللقاء الأول بدا واضحا أن هموم كل طرف ناجمة عن الإساءات التي يسببها الطرف الثاني. وعلى سبيل المثال، فإن إحدى المستوطنات قالت «أنا أرغب في التعامل معكم بجيرة حسنة. لست مسؤولة عن الظلم الذي وقع لكم. أنا ولدت في المستوطنة. أي أنه عندما تقررت إقامة مستوطنة لم أكن قد ولدت. وجدت نفسي أعيش في هذا المكان. وأنا أحبه مثلكم، إن لم يكن أكثر. أريد أن آخذ الناس معي في السيارة حتى أخفف عنهم العناء. ويوم أمس، أشفقت على امرأة وشابين كانوا يرتجفون من البرد وهم ينتظرون سيارة تقلهم إلى البيت. ولكنني أخاف. فلم أفعل. مررت عنهم وقلبي يعتصر ألما».
ورد عليها شاب فلسطيني «تخافين لأنك فعلت شيئا خطأ. فمن الذي يخاف سوى مرتكب الخطأ. أنا مثلا لا أخاف شيئا. فأنا لم أعتد على أحد. ولم أسئ إلى أي شخص في حياتي».

ولكن في اللقاء الثاني بدأت تسمع لهجة أخرى. فقال أحد الفلسطينيين إنه بحكم عمله لدى شركة مقاولات ساهم في شق وتعبيد شارع في منطقة الخليل، ولكن من المحظور عليه أن يسير في هذا الشارع لأنه مخصص للمستوطنين. وأضاف «لا تتصوروا كم يحز هذا في نفسي. فأنا أضطر إلى السير في شارع التفافي يطيل المسافة 34 كيلومترا ذهابا وإيابا، كل يوم». ورد الحاخام مناحم فورمان، كبير رجال الدين في مستعمرة تبواح «هذا يخجلني». وبعد هذا اللقاء وقع الاعتداء الإرهابي على مسجد قرية ياسوف في الضفة، فقام وفد من هذه الحركة بزيارة تضامن.

أما اللقاء الثالث، فقد أدى إلى نتائج أفضل. فقد خرج إليعيزر كوهين وعدد آخر من المشاركين، وتوجهوا مباشرة إلى اجتماع للمستوطنين يحتجون فيه على قرار الحكومة تجميد البناء الاستيطاني جزئيا وبشكل مؤقت. وطلب حق الكلام وراح يوبخهم «أنتم تشكون وتولولون بسبب تجميد البناء في بضعة مشاريع، ولكنكم قصيرو النظر وأنانيون. هل فكر أحدكم أن ينظر حوله؟.. أنتم تشكون بسبب أربعين بيتا تريدون بناءها، ولكن جيرانكم الفلسطينيين يعيشون منذ 42 عاما في ضائقة سكنية، فلماذا لا تشعرون بمعاناتهم؟.. هل لأنهم عرب؟».

وتقول عمروسي عن سر الانعطاف لديها من العداء للفلسطينيين إلى الحوار معهم «أقول بصراحة إنني ورفاقي المستوطنين كنا نحلم في بداية الاستيطان بأن يختفي الفلسطينيون من المكان ويتركونا وحدنا. امتنعنا عن شراء البضائع من حوانيت فلسطينية حتى لا نشجعهم على البقاء هنا. وكان هذا خطأ. لم يعد علينا إلا بالوبال. يوجد هنا مكان لنا جميعا، يهودا وعربا. فلماذا نتصارع أصلا؟.. عندما أحرق مسجد ياسوف، دعانا المختار إلى بيته. وكان هذا أول بيت عربي أدخله في حياتي. إنه بيت بسيط من غرفتين، جدرانهما مقشرة. واستقبلتنا زوجته المسنة الرائعة ورأيت نفسي أريها صور بناتي من الهاتف».

وقال فيتشنيك يعقوب، وهو يهودي غربي (أشكنازي)، إن كل الأسباب للصراع وتأجيجه تعود إلى اليهود الأشكناز، القادمين من دول الغرب. فلو أتيح الأمر لليهود القادمين من الدول العربية أن يديروا إسرائيل، لكان السلام قد تحقق منذ زمن طويل، لأن هؤلاء اليهود ما زالوا يذكرون العادات والتقاليد التي جاءوا بها من البلدان العربية.

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.