تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

المغتربون السوريون وأزمة الجيل الثاني

مصدر الصورة
SNS

أزمة الانتماء هي ما تعتري الجالية السورية في المهجر وبالتحديد الجيل الثاني اي جيل الابناء الذين ولدو وتربوا في بلاد المهجر وتغذو من ثقافاتها واتقنو لغاتها افضل من لغة اباءهم ,ازمة تعصف بطموح واهداف الاباء في مستقبل ابناءهم ,مخاوف من انصهار هذا الجيل في بودقة الثقافة الاجنبية وبالتالي الوصول الى نقطة اللانتماء الى ثقافة الاباء.

في السويد وبالتحديد في مدينة نورشوبينغ حيث معقل الجالية السورية ,يلاحظ جليا مدى انخراط هذه الجالية في معظم ميادين الحياة فاغلب المحلات من المطاعم والاسواق العربية ومحلات الحلاقة وتصليح الملابس والادوات وغيرها ,فللجالية السورية حصة الاسد فيها ناهيك عن دوائر الدولة والمعامل والشركات التي استطاع ابناء هذه الجالية الحصول على وظائف فيها  الجيل الاول من هذه الجالية اي جيل الاباء ,قدموا الى السويد منذ سنوات تصل في بعض الاحيان الى عقود من الزمن ,تعرفهم من ملامحهم الشرقية واذا ماتحدثت مع احدهم تجس في نبضه الشوق الى الاهل والى الحارات القديمة والفضاءات والتاريخ ,شوق ممزوج بذكريات لاتكاد تغادر مخيلاتهم التواقة الى العودة والحنين الى ايام الصبا ..
 
باسل مهنا صاحب محل للحلاقة ,عمره 31 عاما ,هاجرالى السويد منذ 8 اعوام يقول "ان اكثر ما يؤرقني هو البعد عن الاهل والاصدقاء ومهما حاولت لن استطيع الاندماج في هذا المجتمع ,لان التركيبة النفسية والاجتماعية لنا مختلفة تماما عن ماموجود لدى الاوروبيين .وكل هدفي الان هو ادخار مااستطيع من المال كي اعود الى بلدي وابني لي مشروعا تجاريا هناك)" وعن ذكرياته يقول مهنا" لو خيروني ساعة واحدة في العودة الى سوريا ساختار ان اقضيها مع صديق لي في غرفته الصغيرة بسطح منزلهم في بلدتنا نشرب (المتة مع نفس الاركيلة) ونراقب ابنة الجيران حين عودتها من المدرسة " .
 
ويقولالمغترب السوري احمد حمادي  الذي التحق بعائلته التي تعيش في السويد "الحياة هناك تختلف عن حياتنا لديهم عمل وليس لديهم حياة "
الحمادي الرجل الخمسيني الذي غادر احد المدن السورية منذ سنوات يعيش في السويد "اجلس أمام الحاسب لساعات طويلة أتصفح الانترنت ابحث عن أخبار الوطن "ويضيف ضاحكاً "كل يوم أتصفح صحيفة الفرات على الانترنت وأقراء أخبار البلد فهي كانت نافذتي الوحيدة على معرفة أخبار مدينتي إضافة الى مواقع الانترنت وخاصة بعد معرفتي بموقع (محطة أخبار سورية) لان الصحف العربية لا تصل إلينا وامضي وقتي اجلس أمام التلفاز أو الحاسب لأنني اغلب الأحيان لا استطيع السير في برد غارس وانا القادم من بلاد الشمس ".
 
في المقابل من هذا تفاجئنا سيفانا يوسف ذات الرابعة والعشرين ربيعا والمولودة في السويد لابوين سوريين ,حيث تقول " أنني أعيش في ازدواجية غريبة فقد ولدت وعشت هنا في السويد ,اجد نفسي اغلب الاحيان مواطنة سورية وخاصة في الشارع ومع اصدقائي السويديين وخلال العمل ايضا,ولكن سرعان ما يتبدد هذا الاحساس بمجرد دخولي الى منزل اهلي حيث اعود الى جلباب ابي واستشعر انني فتاة عربية شرقية انتمي الى وطن اسمه سوريا ,رغم انني لم اراه في حياتي ,باختصار اعيش بشخصيتين " .
 
وامثال سيفانا كثير وهم الجيل الثاني ويعدون بالالاف ,وبعضهم لايعرف شيئا عن بلد ابويه سوى مايسمع منهما عن ذكرياتهم واقاربهم الذين لم يروهم ..تحديات الحفاظ على العادات والتقاليد كثيرة  تؤرق بال الاباء وتثقل كاهلهم ,ولكن وجود تفاوت في المستوى الثقافي والوعي المناسب للاباء تجاه ابناءهم يعد السبب الابرز لنزوح الابناء عن ثقافة الاباء كما تشير الى ذلك هند يونان  التي تبلغ من العمر 37 عاما وهي ام لولدين وتعمل في احدى المحلات الراقية في المدينة ,تقول هند" لاشك ان هناك هوة كبيرة بين الاباء والابناء ناجمة عن عدم المام الاباء بالدرجة الاولى بالثقافة واللغة السويدية وكذلك عدم الوعي الكافي للتعامل مع الابناء والتقرب منهم بشكل يضمن توجيههم بالاتجاه الصحيح ,بحيث تمنع وقوع الابناء في دوامة التصادم بين الثقافتين (ثقافة الاباء وثقافة المجتمع) وبالتالي الوصول الى حالة التمزق الاجتماعي والاسري . و على الاباء ان يقتنعوا ان هنالك ثوابت يجب الحفاظ عليها في مقابل متغيرات يمكن التخلي عنها او ابدالها بما موجود من محاسن في المجتمع السويدي وهذه العملية تسمى الموازنة العملية التي تحقق لنا الحفاظ على ابناءنا واسرنا ".
 
 وهنالك عائلات اخرى تقتصر الطريق على نفسها وعلى اولادها في التخلص من مخاوف ضياع وانصهار ابناءها كما الحال مع ام محمد التي هاجرت منذ 20عاما وهي في اربعينيات عمرها وتقول " انا ام لسبع اولاد ومنفصلة عن زوجي بسبب اهماله لنا ,كانت مخاوفي كبيرة على اولادي من الضياع والانصهار داخل المجتمع السويدي ,هذه المخاوف دفعتني ان ازوج بناتي وهن في سن مبكرة على الرغم من ان هذه العادة بدت منبوذة الى حد كبير في بلداننا ومجتمعاتنا الاصلية ,ولكنها الطريقة الافضل لنا للحفاظ على اولادنا ".
 
 وجهات نظر عديدة  بين من ينتظر ساعة العودة الى الوطن الام وبين من لايعرف اصلا هذا الوطن وهو محسوب عليه وبين من هو مشتت في انتمائه ,وحلول هي الاخرى متنوعة او كما يقتنع اصحابها انها ضمن جملة الحلول التي تضمن لهم ولابنائهم حالة التوازن بين ثقافتين اولاهما ثقافة الاباء التي تحمل في طياتها ثوابت من الصعب التنازل عنها في مقابل ثقافة المجتمع الجديد التي لاتابه لاية ثقافات دخيلة
  

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.