تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

تراجع علاقات إسرائيل بعرب "الاعتدال" وتركيا في 2009

غابت العملية السياسية بين إسرائيل والفلسطينيين وسورية خلال العام 2009 وتراجعت نوعية العلاقات بينها وبين الدول العربية "المعتدلة" وتركيا بسبب الحرب على قطاع غزة، ويبدو أن تل أبيب رحّلت حسم الموضوع النووي واحتمالات الصدام مع إيران إلى الشهور القليلة المقبلة من العام الجديد وفقا لما ستقرره الولايات المتحدة.

وفشل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بدفع العملية السياسية مع الفلسطينيين والسوريين، منذ توليه منصبه قبل تسعة شهور.

ورد المدير العام الأسبق لوزارة الخارجية الإسرائيلية، أستاذ العلوم السياسية في الجامعة العبرية في القدس، البروفسور شلومو أفنيري هذا الفشل إلى "أمور أعمق من ذلك". وقال أفنيري إن حكومة ايهود أولمرت وتسيبي ليفني أجرت مفاوضات "صادقة" مع السلطة الفلسطينية على مدار عامين، "وكان هناك صدق من الجانب الفلسطيني أيضا، لكن لم يتوصلوا إلى اتفاق، فقضايا الحدود والقدس واللاجئين هي قضايا عميقة جدا وليست متعلقة بنتنياهو فقط".
ورأى أن الجمود في الموضوع الفلسطيني "ليس مطلقا" إذ أن " أمورا عدة" تجري على الصعيدين الاجتماعي والاقتصادي في الضفة الغربية ويقودها رئيس الحكومة الفلسطينية، سلام فياض مع مبعوث الرباعية الدولية توني بلير وآخرين. واعتبر أن هناك "استقرارا داخليا" في الضفة وأن رؤية الرئيس الفلسطيني محمود عباس "بوجود 'سلطة واحدة وقانون واحد وبندقية واحدة' تتقدم نوعا ما، كما أن قدرة السلطة الفلسطينية على لجم الميليشيات هو إنجاز كبير للسلطة". واستدرك قائلا "ربما يوجد جمود في المستوى السياسي لكن على المستوى الداخلي يوجد تقدم ويدل على ذلك إعلان فياض عن بناء مؤسسات، وهذا واحد من أهم الأمور لأن الفلسطينيين فشلوا بعد أوسلو في بنائها".

وقال أفنيري إنه إذا توصل الفلسطينيون إلى بناء قاعدة مؤسساتية – سياسية – اقتصادية – اجتماعية مستقرة "فإن هذا سيؤدي إلى تطور إيجابي، حتى لو تم ذلك بعد عام أو عام ونصف العام، وإلى تقدم المفاوضات السياسية وهذا يتطلب الصبر من الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي".،وانتقد سياسة الرئيس الأميركي باراك أوباما تجاه الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني، معتبرا انه يفتقر إلى" الخبرة في السياسة الخارجية" .

وقال إن المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط جورج ميتشل "فشل في مهمته" لأنه طرح فكرة تجميد الاستيطان وأقنع الفلسطينيين بها، من دون أن ينجح في تحقيقها.
من جانبه قال الباحث في معهد الأمن القومي بجامعة تل أبيب شلومو بروم ليونايتد برس انترناشونال إنه انه لا يوجد سبب "للأزمات الدبلوماسية مع الدول العربية المعتدلة وتركيا"،فيما العلاقات مع مصرية "جيدة".

وتحدث بروم عن تراجع وتدهور العلاقات مع الأردن لأن " لدى الأردنيين حساسية كبيرة تجاه الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني، بسبب التركيبة السكانية فيه التي هي بغالبيتها فلسطينية ،وقربه من الضفة الغربية"، وقال "هذا الأمر ينطبق على العلاقات الإسرائيلية – التركية أيضا".
واستعرض بروم تاريخ العلاقات بين إسرائيل وتركيا التي جاءت نتيجة عملية السلام مع الفلسطينيين، معربا عن عدم استغرابه لانهيار العلاقات مع تركيا بشكل تدريجي "عندما انهارت عملية أوسلو".

وأشار إلى أن الأمر يختلف بالنسبة للعلاقات مع الدول الأوروبية وأنه ينبغي التمييز بين أمرين: العلاقات بين إسرائيل والدول الأوروبية، والرأي العام في دول أوروبية معينة تجاه إسرائيل.
وتحدث عن تحسن مستمر في العلاقات مع الدول الأوروبية عبر " إعطاء أمثلة من خلال المقارنة بين العلاقات مع فرنسا وايطاليا اليوم وما كانت عليه في الماضي، ووجود مشاكل مع الرأي العام بسبب القضية الفلسطينية".

ويتفق تحليل بروم مع تحليل أفنيري، الذي دعا إلى التمييز "بين وضعين: وضع إسرائيل الإستراتيجي ووضع صورتها في العالم". وأضاف أفنيري " صحيح أن إسرائيل تواجه مشاكل صعبة في ما يتعلق بصورتها لكنها قوية إستراتيجيا مثلما كانت في الماضي ولم يطرأ تغيرا على مكانتها" الإستراتيجية. وقال "فقط، عندما تشعر إسرائيل بأن صورتها ووضعها الاستراتيجي قوي سيكون بإمكانها تقديم تنازلات هامة للفلسطينيين". وحذر من أنه إذا ظن الفلسطينيون والعرب بأن المس بمكانة إسرائيل، سيؤدي إلى جلبها إلى موقع مريح أكثر بالنسبة لهم فإنهم "يرتكبون خطأ لأن الأمر عكس ذلك تماما".

وعبر أفنيري عن اعتقاده بأن نتنياهو " يؤمن بصدق بإمكانية تحقيق السلام مع الفلسطينيين ولكن بشروطه، وقد تحدث عن دولة فلسطينية منزوعة السلاح وأمور أخرى وأنا لست واثقا من أن طرحه مقبول من الجانب الفلسطيني"،لكن بروم قال انه ليس واثقا من أن نتنياهو يريد التوصل إلى اتفاق سلام مع الفلسطينيين.

ورأى أفنيري أن الحديث عن أن العام 2010 "عام الحسم" حيال وقف المشروع النووي الإيراني، غير دقيق "فإذا عدنا سنوات إلى الوراء سنجد أن القيادة السياسية في إسرائيل وبعض الدول العربية أعلنوا عن كل عام أنه 'عام الحسم'"، معتبرا أن الشهور المقبلة ستكون حاسمة بالنسبة للتعامل مع إيران. وقال "لا أعرف ما إذا كانت إسرائيل ستهاجم إيران أم لا، فالموضوع الإيراني لا يهم إسرائيل وحدها بل يهم مصر ودول عربية أخرى".

وأضاف "الأمر المهم هو أن الرئيس الأميركي باراك أوباما انتهج سياسة الحوار مع إيران ،وهي أفضل من سياسة الصراع التي انتهجها سلفه الرئيس جورج بوش، لكن سياسة أوباما فشلت وأعتقد أنه في الشهور المقبلة ستضطر الإدارة الأميركية إلى اتخاذ قرارات صعبة".
في الجانب الأمني قال مصدر عسكري إسرائيلي رسمي ليونايتد برس انترناشونال طالبا عدم ذكر اسمه أن هناك أربعة عوامل مركزية للعام 2010، تتعلق بإيران ومشروعها النووي، وسياسة الإدارة الأميركية تجاه الشرق الأوسط، وتسلح الجهات الراديكالية في المنطقة، والموضوع الفلسطيني بكافة أوجهه.

وأوضح المصدر أن المعسكر الراديكالي، أي إيران وسوريا وحزب الله وحماس، "يشعر بأن قوته تزداد على حساب الدول العربية المعتدلة ولذلك تولي إسرائيل أهمية بالغة لمسألة جهوزية الجيش وحالة التأهب الأمني وانعكاسات ذلك على المنطقة". وأضاف" نعتقد أن إيران تتحدث عن امتلاك قدرات، لم تحصل عليها في الواقع حتى الآن". وتطرق المصدر إلى تأثير الحرب على غزة وحرب لبنان الثانية على المنطقة من خلال "رسالة الردع" التي "أدت إلى أن يسود الهدوء في جبهاتنا الأخرى"،مشددا على أن العام 2009 كان أحد أكثر الأعوام هدوءا بالنسبة لإسرائيل.

وأشار إلى إن حزب الله "لم يطلق رصاصة واحدة باتجاه إسرائيل منذ حرب لبنان الثانية ،بينما كان قبل الحرب ينفذ عملية كل ثلاثة أشهر ".

وقال المصدر إن الحزب " تلقى ضربات شديدة خلال العام أو العامين الماضيين بما في ذلك الانتخابات النيابية الأخيرة التي جرت في لبنان" لكنه رفض القول ما إذا كان يشير أيضا بكلامه إلى اغتيال المسؤول العسكري في الحزب عماد مغنية في دمشق في شباط/ فبراير 2008.
وأضاف أن " استمرار بقاء "أمين عام حزب الله حسن" نصر الله في مخبأ يعني أن الردع الإسرائيلي ما زال فعالا وكبيرا".

أما العامل المركزي الثاني في المنظور الأمني الإسرائيلي فيتعلق بالسياسة الخارجية لإدارة أوباما في الشرق الأوسط ،ومتابعة جهاز الأمن الإسرائيلي لكيفية تطبيق هذه السياسة.
وقال المصدر العسكري إن "أوباما لم يعلن عن سياسته تجاه الشرق الأوسط وبتقديرنا أنه سيعلن عنها خلال العام المقبل".

وأضاف إن "حماس ملأت مخازنها بالأسلحة حتى بات مخزونها أكبر مما كان عليه قبل الرصاص المسكوب".

وأشار المصدر إلى "أهمية" النشاط الذي تمارسه مصر في منع تهريب الأسلحة إلى قطاع غزة، ومشاركة الولايات المتحدة ودول أوروبية في منع تهريب الأسلحة إلى حزب الله.
وقال إن العامل المركزي الرابع الذي يشغل بال جهاز الأمن الإسرائيلي هو متابعة الوضع الفلسطيني من جميع نواحيه وبينها المصالحة بين حماس وفتح، والتغيرات في قوة الحركتين وشعبيتهما ،ومصير الرئيس محمود عباس وما إذا كان سيقدم على الاستقالة أم لا.

ومع بداية العام 2010 تبدو إسرائيل كمن يدفع مشاكل العام الآفل على عربة أمامه ،فالوضع مع العرب و"معتدليهم" لا يمكن حله إلاّ بحل المسألة الفلسطينية،والأتراك يدخلون الساحة من بوابة فلسطينية والإيرانيون متشبثون بمفاعلاتهم،أما الرأي العام الأوروبي فقد بات أكثر تفهما لمتطلبات السلام ..فماذا ستفعل حكومة اليمين و..نتنياهو؟

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.