تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

برلسكوني أكثر إخلاصاً لإسرائيل من أوباما والخلاف مع أمريكا يتعمق

الأمر الصحيح حتى هذه اللحظة أن إيطاليا هي "صديقتنا الكبرى". رئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو برلسكوني قريب لبنيامين نتنياهو أكثر من باراك أوباما. من الممكن محاولة إيجاد المزايا في ذلك: لا حاجة للتحليق اثنتي عشرة ساعة من أجل تلقي ضربة على الرأس من هيلاري كلينتون، فروما قريبة عند المنعطف تقريباً. القهوة ألذ في إيطاليا والطعام والأزياء وحالة الطقس التي تذكرنا بإسرائيل والتقاليد التاريخية المذهلة كما نراها من بوابة تيتوس التي شاهدها بيبي في يوم الثلاثاء عن كثب. أمريكا أوت إيطاليا إن برلسكوني اقترح على بيبي ساردينيا كموقع لعقد مفاوضات التسوية الدائمة مع الفلسطينيين. أحدهم اقترح عليه بعد ذلك أن يطلب منه ساردينيا للأبد حتى ننقل إليها المشروع الصهيوني نتنياهو صاحب الحالة المزاجية غير السيئة رفض العرض. نحن باقون هنا قال له.        

 
برلسكوني كما تبدو الأمور اليوم هو واحد من عجائب العالم السبع. أصبح عمره الآن 72 عاماً وهو يبدو مثل ملياردير لا يرى أي أحد بعد متر واحد ولكن إن مرت من أمامه عارضة أزياء في السابعة عشرة من عمرها سيكون من الصعب عليها أن تفلت من بين يديه. ما نشر حول أفعاله في الفيلا الخاصة به يلاحقه يومياً، ولكنه ينغمس في أموره وكأنه لا يرى ولا يسمع. شعبيته لم تتضرر تقريباً. الإيطاليون يعرفون كيف يقدرون من يعمل من أجلهم وبرلسكوني يفعل ذلك هو يعد وينفذ. إيطاليا تواجه الأزمة الاقتصادية بكرامة وشرف والقمامة في نابولي أخليت (المقصود المافيا) والمتضررون من الهزة الأرضية لاقوا العناية كما يتوجب وإيطاليا على طريق الخصخصة. هذه هي المهمات التي أخذها برلسكوني على عاتقه وهو ينفذها كلها. وربما بصورة مفرطة.
على أية حال وكما تبدو عليه الأمور اليوم هناك انطباع بأن إزاحة برلسكوني عن كرسي الرئاسة في روما مسألة صعبة أو حتى إزاحته من الفيلا تلك التي يسميها الجميع "بابي". شخص مبدع كريزماتي صاحب دعابة ولا يحسب حساب أي شيء. هكذا تكون الأمور عندما يكون نصف الدولة ملكك. عندما خرج برلسكوني ونتنياهو للصحافيين سمحوا بطرح سؤال للإسرائيليين وآخر للإيطاليين. برلسكوني رد مطولاً على السؤال الرسمي. بعد ذلك أغدق نتنياهو بالثناء وخرج الاثنان متعانقين نحو الأفق. نتنياهو في يوم الثلاثاء من هذا الأسبوع كان مرتاحاً نسبياً فهو لم يزر منذ زمن زعيماً يواجه مشكلات أكبر من مشكلاته. ولكن لا يبدو أن هذا القائد الذي يسمى برلسكوني يعاني من ذلك بصورة كبيرة. هو حقاً صديق عملاق لإسرائيل. بقوة شخصيته حول الجدال الشعبي في إيطاليا إلى شؤون إسرائيل والعرب بصورة تامة. في إيطاليا هناك أقل تأثير للمسلمين من بين كل الدول الأوروبية الكبيرة.
هناك مليون مسلم فقط في إيطاليا في الوقت الحاضر والمساجد لا تظهر في السرعة نفسها التي تحتل فيها بريطانيا مثلاً وفرنسا ودول الساحل. الأجواء كما هو الحال اليوم مؤيدة لإسرائيل مثلما كان الحال عليه ذات مرة في أمريكا. "سنجد صعوبة في إيجاد صديق أكبر منه" قال نتنياهو بعد ذلك وهو يعرف ما الذي يقوله. المحادثات بينهما كانت مثيرة ودافئة وذات لغة مشتركة وأجواء أسرية أخوية.
"براتيني وزير الخارجية وأنا ثنائي قوي منذ 15 عاماً. إن كان أوباما يريد أن يعرف ما الذي يحدث في أوروبا فهو يعرف أن الأجوبة موجودة عندنا فقط". هو قال كيف كبح بجسمه تقريباً محاولات المس بعلاقات إسرائيل مع الاتحاد الأوروبي. وتحدث عن مبادرة الدول الثلاث ومن بينها السويد لتخفيض مستوى العلاقات. أنا وبراتيني تصدينا لذلك قال برلسكوني وذكر أن مفوض الاتحاد بنيتا فريرو فيلدنر، "ستفعل كل شيء للمس بكم". نتنياهو شكره. ولكن برلسكوني فاجأه هنا أيضا "ليس عليكم أن تشكرونا بل نحن الذين يتوجب علينا أن نطلب الصفح منكم على ما فعلناه باليهود"
يتوجب الخوف منهم
الجزء الإيراني في المحادثات كان مثيراً بصورة خاصة. "لدي تقدير كبير للمتظاهرين في طهران" قال نتنياهو، "انظر كيف يخاطرون بحياتهم. هناك رغبة حقيقية للحرية. أنا لا أعرف كيف سينتهي ذلك انظر كيف يخوض النظام الصراع ضد المواطنين ولتتخيل لو كانت لديهم قنبلة نووية ما الذي يسمحون لأنفسهم بالقيام به في هذه الحالة؟" أضاف نتنياهو، "أوباما في وضع غير سهل وسيكون من الصعب جداً عليه التوجه نحو الحوار في ظل هذا الوضع، فالوضع قد تغير".
هنا في هذه القضية الحساسة تدخل برلسكوني. "أوباما ضعيف" قال، "هو في وضع صعب أنا أتحدث مع الناس في أمريكا وهم يقولون لي إن هناك انتقادات لردود فعله الضعيفة. براتيني تحدث مع هيلاري كلينتون وهي ذات مواقف أكثر تشدداً منه في القضية الإيرانية".
برلسكوني التقى أوباما في يوم الإثنين بعد يوم من خطاب نتنياهو في بار ايلان وقدم له تقريراً. "قلت له" استذكر، "من غير الممكن توقع أي شيء من هذا الشخص، وعلى أحمدي نجاد أن يخافهم. هم مخيفون. قلت له إني أفهم أصدقائي الإسرائيليين وأعرفهم ليس بإمكاني أن أوجه الادعاءات لهم إن اضطروا للدفاع عن أنفسهم. من المحظور تضييع الوقت لأن الوقت غير موجود. يتوجب التحرك الآن وإيقاف اندفاعهم نحو الذرة".
هذا ما قاله برلسكوني كما أسلفنا. لم يكن بإمكان نتنياهو أن يقول ذلك بصورة أفضل منه. من الناحية الأخرى هو طالب الزعيم الإيطالي بتخفيض مستوى التجارة المتبادلة الهائلة بين إيطاليا وإيران (6 مليارات دولار) هنا تنتهي الصداقة والأخوة.
برلسكوني شرع بمحاضرة تشير إلى مدى صعوبة الوضع وكيف تنتظر شركات النفط الأجنبية متربصة لشركة النفط الإيطالية الكبرى من وراء الزاوية وإن خرجت إيطاليا من الصفقات مع إيران دخلها الآخرون وهلمّ جرّاً. برلسكوني في آخر المطاف رجل أعمال وفي التجارة لا توجه فهلوية. اقتصاد العالم كله في حالة انهيار وبرلسكوني وعد بالحرص على عدم توقيع عقود جديدة وصفقات جديدة. وهذا وعد لن ينفذه في الأغلب.
 ليس هناك ما يمكن الحديث عنه
عموما برلسكوني يجد نفسه في الفترة الأخيرة بموقع وساطة بين القدس وواشنطن. "تحدثنا عن خطابك"، قال لنتنياهو محدثا إياه عن خطابه مع أوباما، "هو قال عنك كلمات ممتازة وقال إن الخطاب كان جيداً جداً. هو طلب مني أن أستخدم تأثيري عليك حتى تكون هذه خطوة أولى فقط". نتنياهو من ناحيته طلب من برلسكوني ممارسة تأثيره على أوباما. في الوقت الذي يجرب فيه الجميع تأثيرهم على بعضهم البعض، نهض نتنياهو في يوم الأربعاء صباحاً ليرى أمامه عنواناً صحفياً يبشر بأن الأمريكيين غير معنيين بمواصلة التحدث معه. "ليس هناك ما يمكن التحدث مع نتنياهو حوله" الأمريكيون نفوا هذا العنوان بشدة ولكن الأزمة بين الدولتين مسألة لا يمكن حتى لجورج ميتشيل أن ينفيها. ميتشيل نفسه الذي يتحدث عن "ثقافة الكذب الإسرائيلية" بكل ما يتعلق بتوسيع المستوطنين يرفض في هذه المرحلة كل محاولات التسوية بين الجانبين. والطريقة التي اتبعها نتنياهو لتفكيك هذه القنبلة الزمنية كانت طريقة هواة بصورة مثيرة للقلق.
في واشنطن يتحدثون عن أنه خلال اللقاء بين نتنياهو وأوباما، خلال كلمات الرئيس، قاطعه أحد مستشاري رئيس الوزراء مستجمعاً جرأته وأخذ يتحدث في المسألة نفسها مختلفاً مع الرئيس. لا يقوم أحد في الغرفة البيضاوية بمقاطعة رئيس الولايات المتحدة ولا حتى أعوانه. إن كان نتنياهو يعتقد بأن أوباما قد وضعه في دائرة الاستهداف فعليه أن يستوضح سبب حدوث ذلك.
في الأسبوع الماضي في لقاء مغلق قال نائب أوباما جو بايدن إن من الأجدر بنتنياهو أن يستيقظ. وإن عليه أن لا يقول للدولة الملتزمة حقاً بأمن إسرائيل بأن توسيع المستوطنات مصيري لأمنها. هذه الأمور تنضم لسلسلة طويلة من تصريحات مسؤولين كبار في واشنطن ومن بينهم رام عمانويل وهيلاري كلينتون ورئيس الطواقم المشتركة مايكل مالين وجوهرها: واشنطن تغيرت. قواعد اللعبة اختلفت. أمريكا تتحدث بصوت واحد ولا احتمالية لمخادعتها ورواية الخرافات لها. وصلنا للأمر الحقيقي. بيبي استيقظ إما أن تكون في طرفنا أو لا تكون.
نتنياهو اعتقد أن بإمكانه أن ينتزع شيئاً ما في ظل هذه الموجة. غمزة أو اثنتين ساعة أو اثنتين إزالة حاجز أو اثنين وإدخال بعض المأكولات لغزة فيتفهمون الأمر. إلا أنهم لا يفهمون كما يريد.
 نتنياهو اعتمد كثيراً جداً على مواهبه التلفزيونية كوسيلة سياسية. هو أجرى لقاءات في ثلاث شبكات بث أمريكية خلال ست أيام ولكن رد الفعل كان شحيحاً وقليلاً. كلماته تؤثر على اليهود الخائفين وليس على الأمريكيين شديدي المراس العنيدين الذين وضعوا نصب أعينهم هدفاً وينوون تنفيذه معنا أو من دوننا. الآن هم يفعلون ذلك من دوننا.                                       
صحيفة معاريف 26/6/2009/ بتصرف/

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.