تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

ماذا جرى في لقاء أوباما ونتنياهو؟

 

 
 
بعد أسابيع طويلة من التوتر، ورغم الاستعدادات الكثيفة ومحاولات التهدئة، طافت وصعدت أمس لاول مرة كل الخلافات بين رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وبين الرئيس الامريكي براك اوباما.
اللقاء، الذي بدأ في الساعة 17:30 بتوقيتنا ، استمر نحو أربع ساعات. منها ساعة ونصف الساعة ثنائيا. في الختام عقد مؤتمر صحفي مرتاح. ولكن خلف الابتسامات اختفت الخلافات العديدة التي تكاد تكون تقريبا في كل المواضيع المشتعلة.
لرئيس الوزراء نتنياهو كان مهما التركيز على التهديد الايراني والتشديد على أن مهمة حياته هي ازالته. وأنصت الرئيس باهتمام شديد ولكنه لم يقتنع بوجوب تحديد موعد نهائي للايرانيين وعدم منحهم الفرصة لاستخدام المحادثات كذريعة لاستمرار التطوير النووي. "أنا لا ارى سببا يدعونا الى طرح موعد نهائي مصطنع للدبلوماسية حيال ايران"، قال اوباما بعد اللقاء ورفض تكرار التزامه العلني الماضي "بوضع كل الخيارات على الطاولة".
الانجاز الاسرائيلي
ردا على سؤال ماذا ستعمل اسرائيل اذا استمر البرنامج النووي، قال نتنياهو: "كل واحد يفهم بان رئيس وزراء اسرائيل ملزم بالدفاع عن أمن دولته". وقال نتنياهو انه لم يتلقَ من اوباما اذنا بعملية عسكرية اسرائيلية في أي زمن كان. "لا يوجد ضوء أخضر، لا يوجد ضوء برتقالي ولا يوجد ضوء أسود"، قال. "لا توجد أي اضواء".,
كما أن اوباما لم يوافق على اقتراح نتنياهو في أن يتم في البداية معالجة الموضوع الايراني فقط وبعد ذلك الموضوع الفلسطيني. "بالعكس"، قال اوباما، "اذا حصل تقدم في الموضوع الاسرائيلي – الفلسطيني، فان هذا سيعزز قدرتنا على منع ايران من التحول النووي".
في اسرائيل يرون انجازا في أن اوباما قال لنتنياهو انه يرى في التسلح النووي الايراني خطرا على أمن الولايات المتحدة والعالم وتعهد بمواصلة العمل لمنع ايران من الوصول الى قدرة نووية عسكرية.
وحسب اقواله، مع نهاية السنة الميلادية، ستجري الادارة الامريكية تقويما للوضع فيما يتعلق بتقدم المحادثات. اذا كان التقدير سلبيا، فسيتم تشديد العقوبات على ايران.
انجاز ايجابي آخر سجل حين لمح نتنياهو بان اوباما كرر الالتزام الامريكي بالغموض النووي الاسرائيلي.
في نهاية المطاف عرض كل من الطرفين تفسيرا مختلفا للاتفاقات بين الرئيس ورئيس الوزراء في موضوع ايران. فقد ادعى الامريكيون بان نتنياهو يؤيد سياسة الحوار مع ايران فيما شدد الطرف الاسرائيلي على أن اوباما هو الذي تنازل لنتنياهو وقبل موقفه في أنه لا يمكن ادارة محادثات مع ايران حتى الابد.
بالنسبة للمسألة الفلسطينية ابلغ اوباما نتنياهو بانه يعمل على استئناف المفاوضات بين الطرفين وخلق صلة بين المفاوضات لاقامة دولة فلسطينية وبين التقدم نحو التطبيع بين اعضاء الجامعة العربية واسرائيل. رغم التوقعات الامريكية رفض نتنياهو الحديث عن "حل الدولتين للشعبين". وقال ان "التعبير ليس مهما"، وشرح بانه يؤيد اقامة كيان سياسي فلسطيني الى جانب اسرائيل، ولكن بدون جيش وبدون امكانية التسلح بسلاح من الخارج. ورفض اوباما قبول هذه الصيغة واعلن بان الولايات المتحدة ملتزمة بحل الدولتين وانه يعتزم تشمير الاكمام كي يدفع هذا الى الامام.
مستعد لبدء المحادثات فورا
وشدد نتنياهو على أنه مستعد ان يبدأ المحادثات مع الفلسطينيين فورا ولكن حين تستأنف هذه المحادثات "ينبغي للفلسطينيين ان يعترفوا بدولة اسرائيل كدولة يهودية". اوباما ليس شريكا لهذا الشرط وشدد على أن كل الاطراف يجب أن تنفذ الالتزامات التي اخذتها على عاتقها. وقال ان "على اسرائيل أن تتخذ قرارات صعبة". وحسب اقواله فانه يتوقع من اسرائيل أن تجمد البناء في المستوطنات وان تخلي بؤرا استيطانية غير قانونية، مثلما تعهدت الحكومات السابقة. فرد نتنياهو على أن الفلسطينيين لم ينفذوا بعد التزاماتهم حسب خريطة الطريق. وواصل اوباما مطالبة اسرائيل بفتح المعابر امام المنتجات الحيوية، ولكن نتنياهو شرح بان اسرائيل ملزمة بان تمنع حماس من أن تدخل الى غزة مواد تعرض أمن اسرائيل للخطر.
وفي الحديث طرح ايضا الموضوع السوري. نتنياهو رفض التطرق الى مسألة اذا كان وافق على استئناف المحادثات مع الاسد، ولكنه قال ان اسرائيل مستعدة للمفاوضات بدون شروط مسبقة.
بعد اللقاء قال نتنياهو أن انجاز الرئيس لهذا اللقاء هو في الاتصال الشخصي الذي نشأ بينه وبين الرئيس. ووصف اللقاء بانه "ناجح جدا وودي". وبعد ذلك توجه الى اوباما وقال له: "شكرا على الصداقة. انت زعيم كبير وصديق اسرائيل. هدفنا هو العمل معا لتحقيق طموحاتنا جميعا في الوصول الى السلام".
في نهاية الامر نجح نتنياهو بسلام في الاختبار الامريكي: اوباما لم يأخذ بارائه في معظم المواضيع موضع الخلاف، ولكن كان هذا عدم اتفاق جنتلماني.
الخلافات بين اسرائيل والولايات المتحدة
الموضوع
اوباما
نتنياهو
ايران
"لا ارى ما يدعونا الى طرح موعد نهائي مصطنع للجهد الدبلوماسي. ومع ذلك، فان المحادثات لن تستمر الى الابد"
"على الولايات المتحدة ان تطرح موعدا نهائيا كي لا يستخدم الايرانيون المحادثات كمبرر لمواصلة البرنامج النووي"
دولة فلسطينية
"الولايات المتحدة ملتزمة بحل دولة فلسطينية مستقلة الى جانب دولة اسرائيل"
نتنياهو لم يقل بانه سيكون مستعدا لحل الدولتين. "مستعد لاستئناف المحادثات مع الفلسطينيين فورا، ولكن عليهم أن يعترفوا باسرائيل كدولة يهودية"
الربط بين النزاع مع الفلسطينيين وبين ايران
"اذا تحقق تقدم في موضوع السلام، فسيعزز هذا القدرة على وقف ايران"
"التهديد الايراني هو التهديد الاكبر، وفقط بعد أن يزول سيكون ممكنا الوصول الى سلام"
الاستيطان
"المستوطنات يجب أن تتوقف. يوجد لاسرائيل تعهد حسب خريطة الطريق عليها أن توفي به"
"نتنياهو قال لاوباما ان اسرائيل ستنفي بتعهداتها فقط اذا ما اوفى الفلسطينيون بتعهداتهم".

                                                                صحيفة يديعوت احرونوت 19/5/2009

.
صداقة مضبوطة
                                                  بقلم: الوف بن
       التجديد الاول الذي أدخله براك اوباما الى البيت الابيض يظهر حتى قبل الدخول الى غرفة العمل البيضاوية: قطعة كبيرة من الخشب(لعبة) نصبت في الساحة الخضراء، لاستخدام ابنتي الرئيس. في مكتبه نصب اوباما تمثالين، واحد لسلفه ابراهام لينكولين وآخر لمارتن لوثر كينغ. هذه رسالته: التزام بالحرية، حقوق الانسان والمساواة في الفرص. ولكن ايضا لاستخدام القوة حين لا يكون هناك بديل آخر.
اوباما يتحدث باستطالة اكبر من سلفه، جورج بوش. يقل في الابتسام، ويبدأ حديثه بكلمة "انظروا"، "اسمعوا". حين يتحدث بنيامين نتنياهو فانه ينظر اليه بتركيز. كلاهما اعدا لنفسيهما بطاقات قبل اللقاء: اوباما باسطر طويلة من الطباعة، نتنياهو بقلم سميك وباختصار. اربع ساعات جلسا أمس معا في البيت الابيض، منها ساعة وثلاثة ارباع الساعة ثنائيا والباقي مع المساعدين والناطقين باللسان.
لقاء نتنياهو واوباما سار وفقا للتوقعات: الرئيس اظهر صداقة مضبوطة، غطت على خلافات الرأي الشديدة في المضمون. نتنياهو روى للصحافيين لدى خروجه، بانه يتوقع ولادة "ثنائي" جديد بين الرئيس ورئيس الوزراء، مثلما كان في تاريخ العلاقات الخاصة بين اسرائيل والولايات المتحدة وبين امريكا وبريطانيا. وكما هو متوقع، وصف اللقاء بانه "جيد جدا وودي"، واوباما أثنى على رئيس الوزراء علنا لكفاءاته السياسية ومعرفته التاريخية وقدر بان نتنياهو سيتخذ في فترة ولايته "قرارات استراتيجية لامن اسرائيل".
حتى هنا البادرات الطيبة. وماذا عن المضمون؟ اللقاء عني بايران، بالفلسطينيين وبالصلة بينهما. في المجال الايراني، نتنياهو يقول انه تحقق تفاهم كامل على الهدف: "منع ايران من تحقيق قدرة نووية عسكرية". اوباما وعده في أنه اذا لم يحقق الجهد الدبلوماسي نتائج حتى نهاية السنة، فسيتم اعادة تقويم، ويحتمل تشديد للعقوبات. نتنياهو سمع بان كل الخيارات على الطاولة، وقال ان لاسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها. ولم يوفر عن اوباما وصف المعاناة اليهودية على مدى التاريخ، وتحدث عن التزامه بالحفاظ على اسرائيل والشعب اليهودي من التهديد على وجودهما.
نتنياهو يقول انه "يأمل بان ينجح اوباما" في الحوار مع ايران، ولكن هذا قول دبلوماسي. مشكوك فيه أن يكون يصدق بان الايرانيين سيصبحون فجأة لطفاء ويتخلون عن النووي فقط لان اوباما يقترح الحديث معه. معنى الامور هو ان نتنياهو وافق على اعطاء اوباما مهلة حتى نهاية السنة، واذا ما واصلت ايران المشروع النووي، فان اسرائيل ستنظر في "الخيارات الاخرى". ولكن يجب وضع حد لامر آخر: نتنياهو يتحدث عن "منع قدرة عسكرية" عن ايران، ويبقي الامكانية مفتوحة  في أن تحتفظ ايران في المستقبل ايضا بقدرة نووية مدنية. وهذا شرخ لصفقة محتملة بين امريكا وطهران.
نتنياهو سُئل هل يعتزم اوباما المس بالقدرة النووية لاسرائيل ام سيتمسك بالاسناد الذي اعطاه اسلافه لـ "سياسة الغموض". فأجاب: العلاقات الخاصة بين الولايات المتحدة واسرائيل متينة جدا"، والمح بان التفاهم لم يتآكل.
في المجال الفلسطيني، الخلافات بقيت على حالها. اوباما يريد دولة فلسطينية، ونتنياهو يرفض قول "دولتين" ويفضل الحديث عن السبل التي تمنع الفلسطينيين من ان يقيموا غزة ثانية في الضفة الغربية: الاعتراف باسرائيل كدولة الشعب اليهودي وترتيبات امنية. اوباما يقول ان المستوطنات يجب أن تتوقف، ونتنياهو يرد له بمطلب "التبادلية" من الفلسطينيين. فككنا مستوطنات في غزة وتلقينا الصواريخ، يقول.
اوباما يعتزم الخروج بمبادرة سلام امريكية جديدة، سيعرضها في خطابه في القاهرة في 4 حزيران. لا ريب أنه ستكون فيها كل الاسس غير المريحة لنتنياهو – دولتان، وقف المستوطنات، حل البؤر الاستيطانية. رئيس الوزراء يفضل التركيز على الجوانب الايجابية – دعوة الدول العربية لاسراع التطبيع مع اسرائيل. الزعيمان اختارا ان يضعا جانبا القناة السورية، ولم يتحدثا عن احياء المفاوضات مع سورية. وهما يعطيان أولوية واضحة للقناة الفلسطينية مع تعزيزات تطبيعية من الدول العربية. نتنياهو يأمل بان تشطب المبادرة الجديدة عن جدول الاعمال الالتزامات القديمة لـ "خريطة الطريق" وتعرض سجلا اكثر راحة لاسرائيل. في الاسبوعين القريبين سيجتهد كي يؤثر على تصميم "خطاب القاهرة" لاوباما.
 

                                                                    صحيفة هآرتس 19/5/2009

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.