تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

أوباما -نتنياهو علاقة زواج قسري

 

 
          من حضر اللقاء الذي عقد في البيت الابيض بالامس بين بنيامين نتنياهو وبراك اوباما ادرك انهما لم يقعا في غرام بعضهما البعض وانما عقد بينهما لقاء موضوعي بين اشخاص اجبرتهما الحياة على العمل معا. الحاشية الاسرائيلية التي اعتادت في مثل هذه الزيارات الاكثار من تناقل الاخبار حول التقارب والضحك والنكات التي يجري تبادلها بين رئيس الوزراء ورئيس الولايات المتحدة لم تحاول حتى بيع مثل هذه الحكايات هذه المرة. اوباما ونتنياهو رغبا في الاظهار بانهما مصرّان على مواقفهما ولا يتنازلان  عنها من اللقاء الاول. قسمات وجه اوباما الجدية حتى عندما اثنى عليه نتنياهو عن صداقته لاسرائيل ارادت البرهنة لمشاهدي التلفاز في العالم بأن الرئيس الجديد لا يسير مغمض العينين وراء الخط الاسرائيلي مثل سلفه جورج بوش.
 
          نتنياهو تحدث بعد اللقاء عن تبلور ثنائي جديد على غرار العلاقات المميزة في الماضي بين امريكا وبريطانيا واسرائيل. يمكن التخمين من خلال ذلك ان نتنياهو يشبه نفسه بالشخصية التاريخية المحببة الى قلبه ونستون تشرشل وعلاقاته مع فرانكلين روزفلت في الحرب العالمية الثانية، تشرشل بذل جهودا لجر روزفلت للحرب ضد هتلر كما يريد نتنياهو ويرغب الان بتحريك اوباما ضد ايران التي يشبهها في نفس السياق بالمانيا النازية.
 
          علاقات روزفلت وتشرشل بدأت بداية غير مريحة حيث قام الزعيم البريطاني بالضغط على البيت الابيض من خلال رسائل يائسة الى ان استجاب له روزفلت وزج ببلاده لمساعدة بريطانيا خلافا لوعده خلال الحملة الانتخابية - الابتعاد عن الحرب الجارية في اوروبا..... ربما كان هذا هو النموذج الذي يتطلع اليه نتنياهو.
          "علاقات "الازواج" الشهيرة في العلاقات بين اسرائيل والولايات المتحدة تميزت ايضا بالاختلافات في الآراء والخصومات وليس فقط بالابتسامات والاتفاق. كيندي شرع في التعاون الامني مع اسرائيل الا انه طالب باغلاق مفاعل ديمونا. جونستون استضاف إشكول في البيت الابيض ووافق على امداد اسرائيل بالطائرات والدبابات الا انه لم يمنع اندلاع حرب حزيران. نكسون اعتبر لاساميا الا انه اعترف بالتعتيم النووي الاسرائيلي وارسل لها قطارا جويا. كارتر غضب من المستوطنات وسار مع بيغن للسلام مع مصر.
 ريغان أحب اسرائيل الا انه عاقبها بسبب استخدامها للقوة واعلن عن مشروعه للانسحاب من كل المناطق الامر الذي اغضب بيغن. شامير تصادم مع بوش الاب بسبب المستوطنات وانصاع له في حرب الخليج.
          حتى الازواج الاكثر حبا عانوا من عدم الاتفاق. رابين توجه نحو اتفاق اوسلو وفاجأ كلينتون الذي فضل المسار السوري. كلينتون اصيب بخيبة امل عميقة عندما خشي باراك من عقد اتفاق مع سورية ورغم ذلك سار وراءه نحو فشل جديد في كامب ديفيد. شارون احتاج عاما الى ان تعلم بوش كيف يحبه ويثق به وبذل جهدا اضافيا حتى يحصل على تأييد الادارة الامريكية بفك الارتباط احادي الجانب مع غزة ويتخلى عن العملية السياسية. اولمرت عطر نفسه بتبادل اطراف الحديث حول كرة القدم والصداقة العميقة مع بوش، ولكن اغلبية طلباته من الرئيس لقيت الرفض.
          الاستنتاج من النماذج التاريخية هو ان الانسجام الشخصي بين القادة يساعد في حل المشاكل ويوفر الاحراج العلني، ولكن مصالح الدول هي الاهم. اوباما لن يهاجم ايران حتى ان تحول نتنياهو الى تابع له غدا. الاعتبار الذي سيحكم قراره سيكون تقييمه للمخاطر والمترتبات التي ستنجم عن عملية كهذه بالنسبة لمصالح امريكا. في نفس الدرجة لن يقوم نتنياهو باخلاء مستوطنات عوفرا وبيت ايل فقط بسبب كاريزما اوباما، وانما ادرك ان الضرر الناجم عن استمرار وجودها اكبر من ازالتها مثلما حدث مع شارون في غوش قطيف.

          ولكن رغم الوزن الزائد للمصالح الوطنية هناك جدوى كبيرة ايضا من بلورة المصداقية والثقة والتقارب بين القائدين. سيكون اسهل من خلال ذلك حشد التأييد حتى عندما تكون لدى الجانب الاخر خطط اخرى. هذا يلزم نتنياهو بالتوصل الى تفاهم مع اوباما حول المستوطنات والبؤر الاستيطانية وتطبيق ما وعد به بدلا من محاولة التحايل على الرئيس ومماطلته بوعود وهمية كما فعل اسلافه. والاهم من ذلك من الافضل لنتنياهو ان يبادر لطرح خطة سياسية خاصة به وبيعها للامريكيين بدلا من الانجرار وراءهم. بهذه الطريقة نجح بيغن ورابين وشارون بتحويل امريكا الى جانبهم اكثر من أية طريقة اخرى

                                                            هآرتس 20/5/2009

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.