تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

العطار تفتتح احتفالية الذكرى المئوية الثانية للموسيقار البولوني شوبان

 

محطة أخبار سورية

افتتحت نائب رئيس الجمهورية الدكتورة نجاح العطار، الأربعاء، معرض "حياة وإنجازات الموسيقار البولوني فريدريك شوبان" في صالة المعارض بدار الأسد للثقافة والفنون إحياء للذكرى المئوية الثانية لولادة هذا الموسيقار المبدع وتخليدا لفنه الرفيع الذي تخطى كل الحدود فأمتع الإنسانية بدون تمييز.

 

وألقت الدكتورة العطار كلمة في بداية الأمسية الموسيقية للفرقة السيمفونية السورية الوطنية على مسرح الأوبرا قدمت في مستهلها العزاء للشعب البولوني الصديق بالفاجعة التي أصابت هذا البلد جراء تحطم طائرة الرئيس البولوني قبل عشرة أيام.

 

وقالت الدكتورة العطار: كنا نتمنى أن نأتي هذه الأمسية في جو آخر مختلف، لكن السفير البولوني وباسم بلده أراد أن يكتفي بأيام الحداد السبعة وألا نرجئ احتفالاً كان مقرراً من قبل بالموسيقي العظيم شوبان في مئويته الثانية.

 

وأضافت نائب رئيس الجمهورية: إذا كانت الموسيقا هي الحياة أصلاً وفرعاً فإن النفس وفي كل حالاتها تحتاج إلى الموسيقا لتترجم عنها.. ومن هنا كان اقتران ألوان المشاعر في صخب الأصوات وتحنانها.. وعصفها وزئيرها.. وما تفيض به النفس من حزن طاغٍ.. أو أسى مؤرق.. أو أشواق وأحلام.. هو النغم الذي من سلمه نقفز جميعاً إلى النجوم.. متخطين اليومي من أحداث حياتنا ومعاناتنا.. إلى كون من الصفاء الإنساني الباعث على التأمل الخلاق.

 

 

وتابعت الدكتورة العطار: الإبداع يرتفع في مداراته الإنسانية إلى آفاق لا تحجبها حدود.. فلا تمايز ولا تمييز.. بل هو بهاء العطاء الفني الشاعري الذي يشكل الرابط الإنساني الأسمى.. ويرسم بأشعته التنويرية.. علاقات تصفو وترتقي.. متخطية كل الحدود.. ذاهبة في مداها إلى أبعد من مسافات الظن.. حيث يسفر الفن المبدع عند نجمة في الأعالي.. وشفق في تخوم الأفق.

 

وقالت الدكتورة العطار: الفن في كل بلد هو كنزه.. مجده وإطلالته على الدنيا.. ألقاً يتضوأ أنغاماً رائقة.. باقية.. دنيا من مباهج الخيال.. في شطحاته المدهشة والبريئة.. الموشاة بإيقاعات الربيع.. وأناقة الأداء.. وحلو الرؤى مشيرة إلى أن المحتفى به المبدع المتفرد واحد من أبرز فناني هذا الكون.. وبموسيقاه العظيمة.. الموارة بالأحاسيس الإنسانية.. النابضة بالنقاء المتحول نغماً.. جدير بهذه الاحتفالية التي تبنتها اليونيسكو.. وبأن نجتمع على اسمه فناناً وإنساناً.. قلبه النابض أبداً في بولونيا.. وجسده مسجى في باريس.. تكرمةً له.. للفن.. لواحد من أبرز مبدعيه.

 

وتابعت الدكتورة العطار: قلت في نفسي وأنا أستمع إليه أول مرة.. منذ زمن بعيد.. حين كنا لا نزال طلاباً.. وفي قاعة تتسع للآلاف في لندن.. تلك هي الموسيقا... موسيقاه التي تحس ولا ترى.. تنساب في فضاءات الزمن.. والحياة.. والكون.. انسياباً ناعماً.. أخاذاً.. آسراً.. في الأذن والقلب والسمع.. وفي ملامستها للروح تحرك أحاسيس غامضة.. بعضها للسكينة والطمأنينة.. وبعضها الآخر للشجن الوجدي.. وتحرك ما سكن في المحيط الأثيري من حولنا.. فهي تتصعد بنا إلى الأسمى.. تحلق.. ترتفع إلى الأعالي.. آخذة بنا معها.. ثم تتطامن شيئاً فشيئاً.. على هون من الرقة.. واضعة أجنحتنا المرنة معها.. في مجرى تيار.. يتحرك بريشه المخملي.. على أديم المحسوس.. من الواقع الذي انطلقت منه.. في رحلة التصعيد.. حيث يأتي بعد ذلك الشعور بالتنزال من حالق كنا فيه نطير.. نسبح.. نرتاد المجهول معها.. إلى الإفاقة من الانخطاف اللاواعي.. إلى الشعور الواعي.. كمن يستيقظ من حلم مهدهد للمشاعر.. عذب.. حلو.. ملون بأطياف الروءى.. يستيقظ مما كنا فيه.. إلى ما صرنا إليه.. وبين انطباق الهدبين.. وافتتاحهما.. ألوان من الجمال.. من دنيانا.. وليست منها في آن.

 

وتساءلت الدكتورة العطار: تراه صحيحاً أن الفنان يجمع في ذاته وداعة الطفل.. وروعة الطبيعة.. وأشواق الإنسان.. وأشجانه.. وبوح الوجود.. كما يحمل في عبقريته أسرار دنياه.. وعوالم المجهول... وحيت نائب رئيس الجمهورية البلدين الصديقين بولونيا وفرنسا متمثلين بسفيريهما وضيوف المناسبة خاتمة بالقول.. أهلاً بكم في دمشق.. رسل شوبان العبقري.. تنزلون بها رحباً.. وتلتقون فيها زملاء ومعجبين وجمهوراً يقدر أصالة الفن.. والمعنى الوجودي العميق له.. معاً ننعم بالآسر من موسيقاكم.. ومعاً نرسم آفاق مستقبل باذخ بروائع الإبداع.

 

وتحدث السفير البولوني بدمشق ميخاو موركوتشينسكي عن الموسيقار شوبان وأعرب عن تقديره للتعاون الذي أبدته سورية في احتضان هذه الفعالية في إطار الاحتفالية المئوية الثانية لميلاد هذا الموسيقار التي تنظمها بولونيا لإحياء عام 2010 عام شوبان.

 

من جانبه قال السفير الفرنسي إيريك شوفالييه إن حياة شوبان الذي يتحدر من أب فرنسي وأم بولونية ودرس في بولونيا وكتب وأنتج معظم نتاجه الموسيقي في فرنسا تعتبر مثالاً على ما يمكن أن ينتجه حوار الحضارات والتلاقح الثقافي.

 

ثم قدمت الفرقة السيمفونية السورية الوطنية بقيادة الموسيقار البولوني فويتشخ تشيبل ومشاركة عازف البيانو البولوني يجيه سترنياك مقطوعات من موسيقا شوبان حركت بعضها أحاسيس الشجن فيما تميزت المقطوعات الأخرى بالفرح تتراقص حينا وتخبو حينا آخر لتعود وتنطلق من جديد.

 

وغلب على المقطوعات المؤداة الجمل الموسيقية البسيطة الهامسة المشحونة بالشاعرية والانفعال ولاسيما أن آلة البيانو استطاعت أن تقود الآلات الأخرى وتتوالف معها إلى حد أمتعت الجمهور وأدخلته إلى عالم موسيقا شوبان المفعمة بالعاطفة والشجن.

 

 

وضم المعرض المرافق للاحتفالية أكثر من 25 صورة ضوئية عن حياة وإنجازات الموسيقار الشهير منذ ولادته وحتى وفاته حيث تضمنت كل لوحة صوراً له ولبعض الأفكار التي كتبها ونماذج من إبداعاته الموسيقية إضافة إلى بعض المقالات الصحفية التي تناولت أعماله وفنه.

 

وجاءت هذه اللوحات مدعمة بشروح بعدة لغات من بينها اللغة العربية يمكن من خلالها تكوين لمحة جيدة عما قدمه شوبان للعالم من مؤلفات وابداعات موسيقية.

 

حضر افتتاح المعرض والأمسية الموسيقية الدكتور غياث بركات وزير التعليم العالي والدكتور محسن بلال وزير الإعلام وعدد من السفراء وأعضاء السلك الدبلوماسي المعتمدون بدمشق وحشد من الموسيقيين والمهتمين.

 

وأقيم المعرض والأمسية بالتعاون بين دار الأسد للثقافة والفنون والسفارتين البولونية والفرنسية بدمشق ومؤسسة تكوين الثقافية في إطار إحياء بولونيا للذكرى المئوية الثانية لميلاد الموسيقار فريدريك شوبان التي تشكل فرصة لبناء جسور بين مختلف الثقافات بلغة الموسيقا.

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.