تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

يكرّمون أعلامهم وليتنا نكتفي بالصمت

تحدث المتحدثون عن نكران الجميل لكبارنا، ولست أدري السبب الذي يجعلنا سعداء إن صفعنا آباءنا، ورفضنا فضل الرواد، بل ونباهي ونتبختر عندما نلغي هاماتنا وقاماتنا، وقد كتبت حول هذا الأمر ست عشرة مرة، وفي أوقات متفرقة، وفي كل مرة كنت ألوم الجهات الرسمية والوصائية، وكانت الإجابة دوماً في تكريم هؤلاء الكبار، أو الرواد- بغض النظر عن القيمة الفنية لكثير من نتاج الريادة- وانتابني شيء من الذهول وأنا أبحث في دائرة مفرغة عن الأسباب التي تجعلنا نسفّه كبارنا، في الوقت الذي يتغنى فيه أشقاؤنا المصريون بيوسف السباعي كما يتغنون بإحسان عبد القدوس ونجيب محفوظ ومحمد عبد الحليم عبد الله

 
فأعلامهم من شيخ الأزهر إلى أي مهنة أخرى يقابلونهم بالتبجيل والإكبار، بينما نحن عندنا من حاول أن يقفز قفزات عديدة أكبر من طاقته للنيل من نزار قباني ومن غادة السمان فإذا كنا نفعل هذا ماذا ننتظر من الآخر أن يفعل؟ لن أتحدث عمّا قدمه عمل نزار قباني التلفزيوني عن نزار، ولن أستبق الحوادث عن فيلم سمير ذكرى المأخوذ عن الرواية المستحيلة.
المهم أن النيل من الكبار من فؤاد الشايب إلى زكريا تامر ومحمد الماغوط، وأنا أقصد اختيار الأسماء وتصنيفها، صار من خصائص المجتمع المثقف في سورية، وقلت إنني كنت ألوم الجهات الحكومية، ليفاجأ المجتمع المثقف في سورية بما انفردت به «الوطن» للزميل علي الحسن، وسطا عليه صحفيون كثر، يعدون أنفسهم أعلاماً دون إشارة إلى الجريدة التي انفردت بالخبر، ودون إشارة إلى الزميل الذي صاغ المقال بذوب إحساسه وعقله، وقضى سهرتين متتاليتين لإنجاز تحقيق مميز.. وجميع من تداول الموضوع بعد «الوطن»- دون استثناء- لم يحضر المناقشة، أو لم يكن في دمشق، وربما لم يكن في سورية عندما حدثت المنافشة الأكاديمية.. وهؤلاء الذين أخذوا جهد الزميل، ولم يشيروا إلى تميز «الوطن» بمتابعاتها هم أشبه الناس بمن سأتحدث عنهم..
أعود إلى الحادثة- وبغض النظر عن الأطروحة فتلك موضوعات إدارية ليست في مصلحة الأكاديميين على كل حال- ففي هذه المناقشة ترك المناقشون المادة العلمية للتطاول على زكريا تامر ومحمد الماغوط وأدونيس وخالدة سعيد وغيرهم، فكأننا لا نكبر إلا على أنقاض الكبار، هذا إن استطعنا الوصول إليهم، أو إلى فهم ما صنعوه في تاريخنا الأدبي! وبعد أن قرأت ما قرأت لأساتذة أحترمهم- ولا أزال- وعدد منهم تربطني به صداقة طيبة خرجت نادماً لأنني في كل ما كتبت من أجل الكبار كنت ألوم الجهات الرسمية، لأفاجأ بأن أكاديميينا هم الذين ينتقصون أدباءنا، ويريدون منا ألا نكتب ما حدث، وبعضهم سأل: لماذا غطيتم هذه الأطروحة دون سواها؟ أقول: نحن لا نغطي الرسائل الجامعية، ولكن لأن الموضوع هو زكريا تامر ذهبنا، وإكراماً لأستاذ من أساطين القص- وضمن شروطه الموضوعية- ولصديق جمعتني به جلسات جعلته أكبر مما كنت أظن أدباً ومكانة واحتراماً.. لذلك لم نلتفت إلى الرسالة أو الباحثة التي لا نعرفها واكتفينا بالحديث عن زكريا تامر، وما جرى بحق أدبنا ونقدنا..
المهم أن ما جرى جرى، وقدم زميلنا مقالاً غاية في التوثيق والعلمية والمهنية، ولأن عدداً من إعلاميينا يشبهون الأكاديميين في علاقاتهم مع زملائهم لطشوا ما قدمه الزميل علي الحسن وجيروه إلى عبقرياتهم الفذة.. نحن مع إثارة المشكلة، ولكن نستحي نيابة عنهم للطش دون اسم الكاتب والمصدر، وهم يعرفون أنه ما من مرة أخذنا كلمة من أحد، حتى ولو كانت كلمة من حوار شخصي إلا أشرنا إلى صاحبها، ولم تكن المعاصرة حجاباً، ولم تكن الفهلوية اللطشية عنوان الكتاب، على كل حال نحن فخورون بلطش عملنا ويعطينا شهادة جودة الصنعة الإعلامية.
 
اسماعيل مروة

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.