تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

علاء الدين كوكش: «حفلة سمر...» فوق مسرح الغياب

مصدر الصورة
صحيفة الاخبار اللبنانية - sns

 

عاد علاء الدين كوكش هذا العام إلى حلمه القديم وحبه الأول، الكتابة. أنجز المخرج السوري روايته الأولى «المخلوق الأخضر». لم يترك نفسه فريسة لفراغ فُرض عليه، بفعل «الغياب والتغييب عن الساحة الدرامية التلفزيونية». اعتذر عن عدم إخراج الجزء الثاني من «أهل الراية»، ورفض عملاً آخر بسبب ضعف النص. «لم أعد مؤمناً بمنطق الأجزاء المرتجلة، لاستثمار النجاح تجارياً»، يقول. أمّا عن «الغياب والتغييب» فيؤكد أن هذا مرتبط «بشروط الواقع الفني، التي لا تشجِّع على العمل بعدما أصبح المخرج في المرتبة الثالثة، بعد الجهة المنتجة ونجوم العمل... هذه نكسة تصيب الدراما السورية».
الرواية التي أنجزها أخيراً ليست محاولته الأولى، بل سبقتها مجموعة قصصية بعنوان «إنهم ينتظرون موتك» (2006) ومجموعة مسرحيات بعنوان «مسرحيات ضاحكة» (2002) وكتاب «السفر بعيدا ـــــ يوميات رحلة إلى تايلاند وماليزيا» (2009)، وهناك سيناريوهات لثلاثة أفلام تلفزيونية أخرجها هي «لا» و«لن ترحل» و«القلب يحكم أحياناً» (1994)، إضافةً إلى قصص ومسرحيات نشرها في الصحف والمجلات العربية.
منذ تفتّح وعيه على القراءة في المدرسة، ارتبط بعلاقة وثيقة مع الأدب. يخبرنا صاحب «أبو كامل»: «كان والدي تاجر جملة في سوق الهال، وقارئاً متميزاً يملك مكتبة ضخمة من الأدب المترجم والعربي والسير والقصص الشعبية. كنت قارئاً نهماً، وحين فرغت من مكتبة والدي كاملةً، بدأت تأسيس مكتبتي الخاصة». وضع أسرته المادي الميسور، جعله يتفرغ للقراءة، فصار يعيش أحلامه من خلالها ويحلّق خارج حدود حي القيمرية الشعبي في الشام. في بيت دمشقي تقليدي وعريق، ولد علاء الدين كوكش، وكان الطفل الرابع بين سبعة، ثلاثة صبيان وأربع بنات. تمتع والده بشخصية صلبة. «كنت أخاف منه بالرغم من أنني لا أذكر أنه رفع يده علي يوماً، كانت له هيبة». أمّا والدته، فكانت مثل أغلب نساء جيلها بسيطة وذات شخصية ضعيفة وحنونة... مجيء الطفل الثامن أصابها بأزمة قلبية ففارقت الحياة أثناء الولادة، ولحق الطفل بها بعد شهر. حينها لم يكن علاء قد تجاوز الثانية عشرة من عمره. تزوج والده ثانية بعد أشهر على وفاة زوجته الأولى وأنجب ثلاثة صبيان. «كان بحاجة إلى امرأة تعتني به وبنا»، لكنّ زوجة الأب لم تكن قادرة على منح الأطفال جميعهم ما يحتاجون إليه من الحب والحنان. يقول موضحاً اضطراب مشاعره حينها: «كانت زوجة أبي طيبة، لكن يصعب أن تكون بديلة لأمي». غياب الأم المبكر، ترك أثراً لا يمحى، في شخصيته. «كنت دائماً أبحث في وجوه النساء اللواتي أحببتهن عن أمي... أول قصة حب عشتها مراهقاً، كانت مع امرأة تكبرني بسنوات. كانت حالة رومانسية مؤثرة، إذ لم يكن متاحاً أكثر من الحب عن بعد مع تلك المرأة».
في تلك الفترة، كان يكتب القصص القصيرة وينشرها في المجلات الطلابية، ويقرأ نجيب محفوظ ودستويفسكي، وتشارلز ديكنز، ومكسيم غوركي، ويشارك في تظاهرات نظمتها الأحزاب السياسيّة في نهاية الخمسينيات. لكنّ «الولع بالقراءة والأدب حماني من غواية الأحزاب. الأحزاب لم تكن إلا أوهاماً، أغرقت الناس في خيالات عن الديموقراطية». لم يدرس كوكش لا الطب ولا الهندسة، كما أراد والده، واختار حلاً وسطاً بينهما وافق عليه الأب على مضض. انتسب إلى كلية الحقوق. وبعد مرور عام، قرر تركها، لدراسة الفلسفة وعلم النفس. بعد إعلان الوحدة بين مصر وسوريا (1958)، خرج إلى الشوارع مثل معظم السوريين لاستقبال عبد الناصر. كانت نكسة 67 الجرح الأكبر في حياته، وبعد سنوات قليلة (1970 ــ 1971)، أخرج مسرحية «حفلة سمر من أجل 5 حزيران» للمسرحي الراحل سعد الله ونوس. حقق العمل رقماً قياسياً في عدد عروضه، إذ قدّم 47 عرضاً متواصلاً في دمشق وحدها، إضافةً إلى عروض المحافظات السوريّة ولبنان لمدة 15 يوماً. حضرت النجمة الراحلة ملك سكر أحد تلك العروض، فانطلقت الشرارة الأولى في قصة حبهما. تزوجا بعد عام، وأخذت ابنتهما سمر اسمها من «حفلة سمر».
قصّته مع الإخراج بدأت عام 1960، حين عين في «التلفزيون السوري» في شعبة البرامج موظّفاً صغيراً، براتب 180 ل. س. وجد نفسه في هذا العالم، وغرق فيه، وبدأ يهتم بالإخراج. عمل مساعداً للمخرجَين، جميل ولاية وسليم قطايا. عام 1966، أُوفد إلى ألمانيا في دورة تدريبية لمدة سبعة أشهر بترشيح من كبير المخرجين في التلفزيون الألماني ليو بولد، بعدما حضر إلى دمشق وأشرف على دورة تدريبية لكل المخرجين الجدد في التلفزيون السوري. حين عاد من ألمانيا، أخرج أعمالاً تلفزيونية مقتبسة عن قصص عالمية، ثم قدم أول سلسلة قصص منفصلة متصلة، مأخوذة عن مسلسل إذاعي شهير بعنوان «أرشيف أبو رشدي» للكاتب الإذاعي المعروف حكمت محسن، وأعدّها للتلفزيون الكاتب زكريا تامر. بعدها، توالت الأعمال والنجاحات، فأصبح واحداً من أهم المخرجين على الساحة السورية، وبدأ يعد نفسه للانطلاق عربياً، فقدم مسلسل «رأس غليص» سيناريو خالد حمدي، وهو مأخوذ عن قصة بدوية حقيقية. كان العمل أول مسلسل في الوطن العربي يصوَّر بكامله خارج الاستوديو في صحراء دبي. تبعه مسلسل «ساري» عن قصة الشاعر الشعبي عبد الله الفاضل.
بموازاة العمل في التلفزيون، كان علاء الدين كوكش، يخرج المسرحيات، ويشارك في تأسيس المسرح الجوال، ومهرجان دمشق المسرحي، ونقابة الفنانين. «المسرح مثّل حالة ثقافية ساحرة بالنسبة إلى جيلنا. كانت لدينا الطاقة والإمكانية والحماسة والإيمان بأن كل الفنون مرتبط بعضها ببعضها الآخر». يقول ذلك بنبرة يشوبها الكثير من الحنين إلى تلك الأيام.
 
                                                                                إيمان الجابر


5 تواريخ
1942
الولادة في دمشق
1964
عيّن رئيساً لدائرة المنوّعات في التلفزيون السوري
1970
أخرج مسرحيّة «حفلة سمر من أجل 5 حزيران» لسعد الله ونّوس، وبعد خمس سنوات، قدّم مسلسل «أسعد الوراق»
1995
شهادة تقدير في «مهرجان دمشق السينمائي» عن دوره في فيلم «المتبقي» للمخرج الإيراني سيف الله داد
2009
متفرّغ للكتابة، بعدما أنجز روايته الأولى «المخلوق الأخضر»

 
 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.