تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

رأي البلد:انفجار مجلس التعاون الخليجي؟!!

                                                                                                                                            5/3/2014

أصدرت السعودية والإمارات والبحرين بيانا مشتركا اليوم الثلاثاء 5/3/2014 تعلن فيه سحب سفرائها في قطر. مضمون البيان صيغ بدقة متناهية، ورغم ذلك، فإنه يعكس ويوضح، كما الواقع الخليجي، عدداً من النقاط:

أولاً، عدم تمكّن دول مجلس التعاون الخليجي من التزام سياسة موحدة، أو على الأقل التنسيق فيما بينها. وهذا الأمر يبدو أنه ينطبق على السياسات الخارجية، والسياسات الداخلية البينية لدول المجلس. ففي السياسة الخارجية كان واضحاً منذ فترة الخلاف والاختلاف بين هذه الدول ولاسيما الإمارات العربية المتحدة والسعودية (والبحرين ضمناً) من جهة، وقطر من جهة أخرى. ويتجلى ذلك على الأقل، في المواقف تجاه الأوضاع المتبدلة في مصر، الحرب على سورية، والعلاقات مع تركيا وإيران.

أما في السياسة الداخلية أو البينية، فقد أكد "البيان الثلاثي" أنه لم يتم الالتزام بالمبادئ التي "تكفل عدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي من دول المجلس بشكل مباشر أو غير مباشر". وهذا يعني ـ بغض النظر عن الطرف الذي لم يلتزم ـ أن هناك مشاكل  قديمة مزمنة يعاني منها مجلس التعاون الخليجي والآن لم يعد ممكناً إخفاءها، فانكسرت الجرّة بين هذه الدول. والحقيقة أن دول مجلس التعاون لم تتمكن من التقدم إلى الأمام في مواضع كثيرة. ولعل أبسطها، مثلاً، تطوير التعاون في الجوانب الاقتصادية مثل الاتفاق على عملة موحدة للمجلس، ناهيك بالطبع، عن الجوانب السياسية والأمنية الأخرى. وعندما يشير "البيان الثلاثي" إلى الجانب الأمني "اضطرت الدول الثلاث للبدء باتخاذ ما تراه مناسباً لحماية أمنها واستقرارها وذلك بسحب سفرائها من دولة قطر"، فهذا يعني أن الثقة لم تعد موجودة تماماً، وأن التدخل في الشؤون الداخلية لكل دولة من قبل كل الدول الأخرى التي يفترض شراكتها أصبح ملموساً وخطيراً. بكلام آخر؛ إن أهم أوجه التعاون بين هذه الإمارات كان التعاون الأمني، وقد سقط الآن.

ثانياً، إن "البيان الثلاثي" يعكس من جانب آخر، الآثار التي تركها أو سببها انتهاج سياسات مختلفة وارتباطات مختلفة من قبل دول مجلس التعاون، كل على حدة، بالدول الأجنبية والأجندات التي يفرضها مثل هذا الارتباط. وبدل أن يحلّ التكامل بين الإمارات والمشايخ الصغيرة، حصل الصدام والتنافر وهو ما قاد إلى تفسخ المجلس بدل تقويته. ويعني ذلك، ويؤكد أنّ عملية من "التكاذب" كانت تنتهج بشكل كامل بين قادة هذه الدول، وهي بعيدة كل البعد عن مصالح الشعوب العربية ولاسيما الخليجية منها. وبالتالي فكلّ ما كان يروّجه إعلام هذه الدول عن العلاقات الأخوية والمحبة والمصالح المشتركة، كان نفاقاً، ولا أساس له من الصحة وهو ضحك على ذقون الشعوب العربية.

ثالثاً، إن ما حصل بين الدول الثلاث السعودية والبحرين والإمارات من جهة، وقطر من جهة أخرى، ليس جديداً على صعيد الخلافات التي تختبئ في رماد العلاقات الخليجية. فقبل هذا طغى الخلاف السعودي العُماني على السطح، ولاسيما قبل وأثناء القمة الخليجية الأخيرة في الكويت. وكان موقف وزير الخارجية العُماني واضحاً في رفض الهيمنة السعودية وتفردها بالقرار الخليجي ولاسيما فيما يخص فرض السياسة الخارجية السعودية على هذه الدول.

رابعاً، لعل النقطة الأبرز في الخلاف الخليجي الجديد، هي أنّ آثاره لن تبقى محصورة في الإطار الخليجي، بل سيتفاقم هذه الخلاف وسيتسع إن لم تتم  "ضبضبته"، وهذا لم يعد وارداً، بعد الخطوة الثلاثية الكبيرة والخطيرة بسحب االسفراء. وهذا يعني أن نشهد "سياسات" خليجية عديدة ـ قد تكون أكثر تنافراً وتناقضاً ـ تجاه قضايا المنطقة برمتها ومع دول المنطقة والعالم. ولن تبقَ الأزمة السورية، أو الموقف من مصر أو العلاقات مع تركيا أو إيران محلّ خلاف فقط، بل قد تبدأ المناكفة الخليجية على الطريقة العربية. إلى أين؟ أصبح سؤالاً مفتوحاً ويحتمل الكثير من الإجابات.

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.