تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

من قتل محمد شطح؟!!

مصدر الصورة
SNS

 

                                                                                                                                                                                            29/12/2013

 

في إحدى المسرحيات الغنائية اللبنانية، يقوم الشاويش "أي الشرطي" بتوقيف مجوعة من الناس بناء على أمر من رئيسه، وعندما يسأل هذا الشاويش رئيسه، بأي تهمة سنوقفهم سِيدْنَا، يردّ رئيسه بالعامية اللبنانية: "هلّق منوقفن، وبعدن مندبرلن تهمة"؟! أليس هذا هو النمط الجاري في لبنان!! قبل أن يقتل أي مسؤول لبناني، يكون الاتهام جاهزاً لدى فريق معيّن ضد الفريق الآخر: يحدث الاغتيال أو القتل، فتصدر التهمة فوراً، دون أي تحقيق أو أدلة أو وقائع، تحت مسمّى الاتهام السياسي، وهذا الاتهام بدعة لبنانية أيضاً.!!

كلّما تم اغتيال شخص من جوقة ما يسمى (14 آذار)، تسعى هذه الجوقة الزجلية إلى اتهام سورية أو أصدقاءها في لبنان بالعملية. المنطق البسيط والعقل يقول إنه بعد الاغتيال الأول والثاني والثالث... الخ، يجب على سورية وحلفاؤها أن يتعلموا ـ مهما كانوا لايتعلمون وهم ليسوا كذلك ـ أن هذه الاغتيالات لا تخدمهم ولا تخدم مصالحهم، وبالتالي لا يجب أن يكرروها. وإذا أخذنا موضوع اغتيال الوزير السابق محمد شطح، لوجدنا أنه بالكاد معروف، واغتياله، لا يقدّم ولا يؤخر بالنسبة لسورية وحزب الله أو أياً من حلفائهما، فلماذا يقومون بذلك؟ بل إن اغتيال شطح يخدم مصالح جوقة 14 آذار مجتمعة وفرادى، ومصالح راعيها الإقليمي وينسجم مع طريقة تعاطيه وأسلوبه في المنطقة!

صباح اليوم (29/12/2013)، أبرزت صحيفة "الشرق الأوسط" السعودية أن جوقة 14 آذار تطالب بالحقائب الأمنية واستبعاد حزب الله، وذكرت أن اغتيال شطح حرّك ملف تشكيل الحكومة اللبنانية. إذاً، وقبل أن يبرد دم شطح، أعلنت الجوقة مصلحتها في اغتياله واستثمارها لدمائه. بل إن سعد الحريري قال في إحدى المداخلات التلفزيونية: «كنا نطالب بحكومة حيادية وربما نطالب بأمر آخر الآن وقد نطالب بحكومة 14 آذار في الأيام المقبلة». إذاً، لا يهم شطح ولا موته ولا دماؤه، ودموع التماسيح والصراخ والعويل ليست على شطح، بل لرفع سقف المطالب والحصص والثمن السياسي والميداني للاغتيال! هل يغتال حزب الله شطح ليعزز موقع اعدائه؟! هذا مثير للسخرية! وإذا أردنا أن نذهب أكثر، فيمكننا القول إن الذين سارعوا بتوجيه الاتهام إلى حزب الله او سورية دون أدلة، أرادوا توجيه التحقيق في مسار بعيد عن القاتل الحقيقي، وهذه جريمة أخرى يقترفونها بحق شطح وغيره ممن تم اغتيالهم.

هذا بالجملة، أما بالمفرق: فيمكن القول إن لفؤاد السنيورة مصلحة شخصية بقتل محمد شطح، لأنه ينتهج خطاً ويقود سياسة مناوئة لمواقف السنيورة ومصالحه، ولأنه قد يشكّل خطراً على موقعه عند آل الحريري وفي تيار المستقبل. وعلّق السنيورة نفسه على فكرة حكومة من قوى 14 آذار بأنه في ضوء متغيرات الأمس هناك وجهات نظر تُعرض في هذا الشأن ينبغي التوقف عندها لكن يبقى الطرح الأساسي المطروح، مشيراً الى تأييد حكومة من غير الحزبيين. إذاً مَن قال إن شطح مهم او محبوب عندهم (من فمك أدينك)؟!!

وإن لسمير جعجع (خبير الاغتيالات ومتعهدها) مصلحة في قتل شطح الذي يمارس نهج الاعتدال مع بكركي والبطريرك بشارة الراعي، وهو أي جعجع، يريد الوصول إلى الرئاسة ولا سبيل إلى ذلك سوى التصعيد والجنون، لأن ممارسة المنطق والعقل والسياسة الواقعية والاعتدال يبعدانه عن الرئاسة والسياسة. ونكتفي بما قاله سعد الحريري أعلاه لنعرف حجم الألم الذي يعتصره بسبب خروجه من الحكومة ومن لبنان وإقامته شبه الجبرية في السعودية، وكم هو متلهف للعودة إلى رئاسة الحكومة والأضواء من جديد، بل وبماذا يفكّر!! إذاً لماذا تغتال سورية أو حزب الله محمد شطح إذا كانت دماء شطح للحصول على حكومة لبنانية جديدة تشكلها جوقة 14 آذار وتوالي السعودية وتكون تحت إمرتها ورهن تمويلها؟!

لا تزال جوقة 14 آذار في عقلية وظروف عام 2005 وحكم جورج بوش الابن وهيمنة القطب الواحد، ولا تدري أن العالم والواقع قد تغيرا، وأن المسرحيات التي تقوم بتمثيلها أصبحت مكررة وممجوجة، وسخيفة، وأن هذا السيل من الاتهامات والشتائم لن يغيّر في موازين القوى أو يزيد في قوة الأوراق المحروقة التي تملكها، لكنه سيرفع منسوب الشحن الطائفي والمذهبي والاحتمالات المفتوحة وخروج الوضع في لبنان عن السيطرة بسبب النفخ في النار الذي تمارسه الجوقة الزّجالة.

الشحن الطائفي والمذهبي والاحتمالات المفتوحة تقول إن التحقيقات قد تأخذ منحى آخر، ربما. هل الجهاديون أو التكفيريون هم من اغتال شطح ولمصلحة مَن؟! لمصلحة تفجير لبنان وزعزعة استقراره وإشغال حزب الله وحلفائه في مشاكل داخلية!! إسرائيل هي التي خططت؟ ربما، لأنها مستفيدة إستراتيجياً من تخريب لبنان، ولأن جوقة14 آذار لا تتهمها ولا تذكرها، لكن "تكتيكياً" فإن الأدوات السعودية ومجموعات "بندر" الإجرامية الجوالة في العراق وسورية واليمن والمنطقة هي التي نفّذت!! ألم يعلن سفير السعودية في لندن قبل أيام مواصلة الحرب على سورية ولبنان!! هل تبقّى لعصابات المخابرات السعودية التكفيرية الوهابية ـ بعدما حاصرتهم الدولة السورية، والآن يقوم العراق بتصفيتهم ـ مثل لبنان المفتوح على كل القوى والمخابرات والجهات المحلية والعربية والإقليمية والدولية لممارسة دورهم التخريبي بشكل أوسع وأسهل!!

ولكن السؤال الجوهري هو: هل تجرؤ السلطات اللبنانية إذا تبيّن أن قاتل شطح هو عصابات بندر، أن تعلن نتائج التحقيق وتكشف الحقيقة؟!! ننتظر وينتظر معنا الكثيرون.

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.