تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

أنا لا أحب الكمون

 

والكمون يارعاكم الله نبتة مشهورة في بلاد الشام تستعمل بكثرة في عدد كبير من الطبخات وهي مفيدة على ما يقولون في معالجة "النفخة" مثلاً، وتروج هذه الأيام موضة تقديمها في مكاتب بعض المسؤولين.. لضيوفهم إلى جانب الشاي والقهوة.. حيث تقدم مع الملح وعصرة ليمونة فوقها، أما الاستخدام الأوسع لاسم الكمون كما هو متعارف عليه في بلاد الشام "على الأقل" فهو عبارة "عالوعد يا كمون".. وهو ذلك الوعد الذي يطلقه صاحبه كفقاعة الصابون تبقى معلقة في الهواء لثوان معدودة.. ثم تنطفئ دون أي أثر.. وهنا بيت القصيد فالذي لم أستطع فهمه هو إصرار بعض المسؤولين ... كبارهم قبل صغارهم على إضافة الكمون إلى قائمة المشاريب التي يقدمونها لضيوفهم سواء كانوا مراجعين أم زواراً عاديين، والمؤكد حتى تاريخ تحرير هذه المادة الصحفية أن العلاقة قوية بين إطلاق الوعود والكمون.. إذ من الواضح عبر تحليل تصريحات عدد كبير من المسؤولين من محافظين ووزراء ومن لف لفهم من مدراء عامين ومدراء مؤسسات أنهم اعتادوا زراعة الكمون وإهداءه مغلفاً بتصريحاتهم الواعدة إلى المواطنين.. والنقطة الأجمل في موضوع الكمون والتصريحات المغلفة به أن مُطلق التصريحات يعرف تمام المعرفة ما يعنيه بدر الكمون (رمي بذور الكمون..) للإخوة المواطنين وإلهاءهم بمتابعة الوعود إلى أن يشاء الله.. وإلا فماذا يعني إطلاق المسؤول لوعود يعرف في قرارة نفسه أنها غير صحيحة ولن ينفذ منها شيئاً وأنها على الوعد.. يا كمون؟؟ ولمن لا يصدق تابعوا معنا نماذج نتركها مع كمونها بين أيديكم:

- سيتم استيراد 1000 باص تعمل على الغاز لتقليل نسبة الانبعاثات الملوثة للبيئة ولحل مشكلة النقل في دمشق والمحافظات الأخرى.. وهذا الوعد تم بذره منذ أكثر من سنة ونصف ويكرر في جميع التصريحات التي يطلقها المسؤولون في الوزارة المعنية بدءاً من السيد الوزير وانتهاء بمدير عام مؤسسة النقل الداخلي.. علماً أن هؤلاء يتناسون ما أخبرتهم به هيئة تخطيط الدولة حول استحالة تأمين الاعتماد لشراء هذه الباصات ويمكنكم الانتظار مع الإخوة المواطنين ... وزراعة الكمون..

- سيتم (لاحظوا السين الوقحة!!) ضبط الأسواق وعدم السماح للتجار التلاعب بقوت الناس وشرابهم وكسائهم وعدم السماح برفع الأسعار حماية للإخوة المواطنين وخاصة أصحاب الدخل المحدود منهم.. وهذا وعد أسمعه منذ نعومة أظفاري على لسان وزراء كثر.. حقول كمونهم تمتد على أراضي البلد كافة ورغم أن الشيب غزا رأسي فإن مثل هذه التصريحات ما تزال تطلق كل يوم دون فائدة تذكر والأسعار تواصل ارتفاعها وما من مادة ارتفع سعرها سواء كانت طعاماً أو شراباً أو لباساً... وخافت من تصريحات المسؤولين بأن عادت إلى سعرها السابق بل حافظت على جديدها وقفزت إلى غيره لأنها تعرف أن التصريحات هي على الوعد.. يا كمون.

- سنعمل على تنفيذ الخطط الموضوعة ونجنب إخوتنا الفلاحين الخسائر التي تحمّلوها في موسم البندورة.. الحمضيات.. الزيتون السابق حيث ستعمل الوزارة على اتخاذ جميع الإجراءات لتأمين تسويق محصول البندورة أو الحمضيات أو غيرها.. وبأسعار مجزية.. وهذا وعد آخر أقرؤه كل عام في صحفنا المحلية منذ أمسكت يداي أول صحيفة قبل سنوات طوال، ومازلت أقرؤها مؤمناً بأن أولادي من بعدي سيتابعون هذه التصريحات التراثية وسيتابعون أيضاً أخبار رمي الفلاحين لمحاصيلهم في الحقول مع كل موسم خيّر لأن تكلفة جنيها أغلى بكثير من سعر بيعها لشافطي جهودهم في أسواق الهال الممتدة على مساحة الوطن..

وكله ناطر على الوعد يا كمون.. هل نكمل..؟؟ أقترح أن يقوم كل واحد من القراء الأعزاء باستذكار وعود المسؤولين وأن يحضّر في جلسة الاستذكار هذه كأساً من الكمون.. وعلى الوعد.. يا كمون..

 

 

- هل عرفتهم الآن لماذا لا أحب الكمون..

 

 

 

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.