تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

حديث الثلاثاء....سورية بلد زراعة ؟ أم صناعة ؟؟ I

 

 
 
سنوات طويلة مرت منذ استقلال سورية وسنوات أخرى كثيرة ستمر ويبقى السؤال مطروحاّ دون إجابة حاسمة ترسم التوجهات وتحدد التخطيط للتعامل مع اقتصاد البلد، والسؤال هل نحن في سورية بلد زراعي أم أننا بلد صناعي أم أننا بلد تجاري (على ما يرغب البعض)؟؟ والمشكلة أن لكل جواب أنصاره والمنافحين عنه  ويدعمون تأييدهم لهذا الخيار أو ذاك بعدد كبير من المعطيات والبراهين والأرقام ووسائل الإقناع  …."السلمية"’ ورغم أن الاقتصاد السوري سار على طريق الاشتراكية سنوات طويلة قبل ثورة آذار وبعدها إلا أنه بقي حتى انعطافته الأخيرة نحو اقتصاد السوق الاجتماعي يسير .. بين بين ..فلا هو اقتصاد اشتراكي بالكامل ولا هو رأسمالي بالكامل لا هو صناعي بالكامل ولا هو زراعي بالكامل ودائماّ هناك مبررات لكل حالة يستطيع من يدرسها أن يصل إلى خلاصة مفادها إنها خصوصيتنا السورية ...
 نحن بلد زراعي ، على أرضنا عرف الانسان الزراعة والحصاد وترك لنا أجدادنا بقايا البذور والقمح في إيبلا واوغاريت والرقة وحلبية و زلبية ... وهارون الرشيد كان يسير من بغداد إلى الرقة "مصيفه المدهش" تحت الأشجار تحفه النباتات والمزروعات ’ و سهل حوران كان اهراءات القمح للامبراطورية الرومانية ، ومن ينظر هذه الأيام إلى جبال الساحل السوري المليئة بالمدرجات والمزروعة بأشكال مختلفة من المزروعات سيدهش بقدرة الفلاح السوري على تطويع الأرض والاستفادة من كل متر منها . والمطبخ السوري المشهور في العالم كله بتنوع أطباقه وغناها يستند في ذلك إلى غنى فريد بأنواع من المزروعات والخضار قل أن توجد بهذا التنوع في دول أخرى ، ومطبخ دمشق وحلب وغيرها من المدن السورية هو الأصل لما يشاع عن المطبخ اللبناني أو المطبخ التركي. حتى اولئك المدهوشون بالمعكرونة الطليانية فلمعلوماتهم أنها لا تصنع إلا بالقمح السوري القاسي ... وأهل الخليج العربي يدفعون أسعاراً عاليةً جداً لأغنام العواس السورية التي تعيش على نباتات البادية السورية لأنها الأطيب ... ولا نريد في هذه العجالة أن ندخل في جدل عقيم مع البعض الذين يحمّلون الاصلاح الزراعي التراجع في الانتاج الزراعي لسورية فيما تلاه من السنين ونحيلهم إلى آلاف بل مئات الآلاف من الهكتارات التي استصلحت وزرعت بفضل السدود التي أقيمت على امتداد مساحة الوطن وأعطت الفلاحين حقهم في أرضهم وهذا ما حمى سورية في أسوأ سنوات الحصارالظالم عليها من أن تمد يدها لتأكل لأننا - وقد نكون حالة وحيدة في الوطن العربي وكثير من دول العالم النامي - نملك انتاجاّ زراعياً متنوعاً يؤمن اكتفاءً لا يعرفه الكثيرون وهذا كما قلنا واحد من عوامل كثيرة تمنع من يريدون شراً بسورية أن يحققوا ما يريدونه ونأتي إلى تلك الكلمة الملعونة .. ولكن ... أين نحن اليوم من بلد زراعي يملك إنتاجاً متنوعاً وفائضاً كبيراً في بعض المحاصيل تقف أمامه إجراءات الحكومة عاجزة إلا عن تصريحات تطلق مع كل موسم دون أن يكون لها على أرض الواقع أي مفعول ’ونبدأ بالقمح الذي ’ إلى سنوات قليلة مضت كان حصاده وتخزينه هماّ للمزارع وللحكومة وما أكثر ما سمعناه عن مشاكل الأكياس والتخزين في العراء وعدم وجود  ما يكفي من الصوامع ’ وضياع حقوق بعض الفلاحين لفساد هنا أوهناك في مفاصل التعامل معهم وغيرها من المشكلات الصغيرة  وكنا نحمد الله أن مشاكلنا هذه وعجز اجراءتنا لا تساوي شيئاً أمام أزمات أشقاء لنا تحول القمح إلى أنشوطة معلقة برقبتهم  .. يكفي تأخير باخرة قمح واحدة من الوصول إلى مرافئهم لتتحول الأنشوطة مشنقة تجعلهم يوافقون على ما لا يوافق عليه .
 
 أما اليوم فإن سوء الادارة للمسؤلين عن الزراعة  والخطوات غير المدروسة والمتخذة في المكاتب المكيفة في العاصمة  ساهمت إلى جانب الظروف الجوية في تحويلنا إلى بلد مستورد للقمح ... وها هي لجنة حكومية تبحث في محافظة الحسكة عن الأسباب التي أدت إلى تراجع مساحة الأراضي المزروعة وهجرة الناس إلى محافظات أخرى ’علها تجد العلاج بعد أن تعرفت على العلة وهي ذهبت إلى هناك ليس بدافع ذاتي من المسؤولية بل بتوجيه يطالب بتقرير عن الوضع والأسباب والاجراءات ... هل ننتقل إلى محاصيل أخرى لدى منتجيها من الفلاحين مشاكل سنوية معها ... ونسأل الحكومة هل ستتكرر مشاكل الفلاحين مع محاصيل مثل  الحمضيات التي وصل تسويقها في بعض المواسم إلى وضع مزر جعل الفلاح يتركها على الشجر لأن أجرة جنيها أعلى من ثمن بيعها .. .. أم الزيتون الذي ننتجه بكميات كبيرة بعد أن انتشرت زراعته على جميع أراضي سورية ولا نعرف  -إذا كان موسمه غير " معاوم " على ما يقول زراعه – كيف نصرف محصوله أو نحمي منتجيه من انخفاض أسعاره إلى ما دون تكاليف الانتاج .
 
ام نتحدث عن البندورة السورية  وهي باعتراف الجميع تملك طعمة متميزة لا تملكها أية بندورة أخرى ، ومحصولها الذي ترك لأكثر من موسم في الأرض سماداً لها لأن جنيه أغلى من ثمن بيعه .
 
 هل نكمل ؟؟ الشوندر السكري ، القطن ، أنواع الفواكه وغيرها من المحاصيل التي نعاني أغلب الأحيان من تصريف انتاجها ... ويتحمل الفلاحون أغلب الأحيان خسائر طائلة وديوناً لا يعرفون كيف يردونها ... هل نحن بعد هذا كله بلد زراعي ؟؟ يشجع فيه الفلاح على زراعة أرضه وريها بعرقه وجهده ؟؟
 لن نغمط حكوماتنا المتعاقبة حقها بأن دعم الفلاحين وتأمين متطلباتهم وإنجاز العديد من المشاريغ الاستراتيجية في الري واستصلاح الأراضي كل هذا كان جزءاً من عمل حكوماتنا ومرة أخرى نقول ... ولكن : لماذا يسمح للفساد أن ينخر المؤسسات المسؤولة عن التعامل مع قضايا الزراعة ويؤدي إلى فشل ينسف كثيراّ من الإنجازات  ويحولها إلى أزمات نتعامل معها بمبدأ الفعل ورد الفعل وننسى بمجرد مرور الأزمة جميع أسبابها وننتظر أزمة أخرى لنعالجها ؟ أين هو التخطيط أين هي المتابعة؟؟ أين هو العمل على الأرض بعيداً عن المكاتب .. والسيارات ...وحفلات الغداء والعشاء.
 
ونطالب هنا بين معترضين كما يقولون – بأن تنقل مكاتب السيد رئيس هيئة تخطيط الدولة إلى المنطقة الشرقية- وهو ابن المنطقة - ليدير من هناك التخطيط والإشراف والمتابعة لخطة الدولة التي اعتبرت المنطقة الشرقية نقطة الاستقطاب الاولى للعمل والمشاريع والانفاق الاستثماري – وعلّ دير الزور تصبح أجمل كما أكد عمنا أبو منير .
 
وبعد كل ما عرضناه نترك السؤال – هل نحن بلد زراعي ؟ - للحكومة علّها تعرض ذلك ويخبرنا فريقها الاقتصادي ( مع أن أعضاء الفريق جميعاً يزعمون أنهم لا يشكلون فريقاً حتى ولا لكرة القدم ) أين هي الخطط التي وضعوها من ضمن خططهم للانتقال بنا إلى اقتصاد السوق الذي أضافوا له ميزة تعبر عن الخصوصية السورية فأسموه اقتصاد السوق الاجتماعي .هل اخذوا بالاعتبار كل المقومات التي تجعلنا بلدا زراعيا بامتياز؟ أم ؟؟؟؟
 
ونتابع في ثلاثاء قادم سؤالاً أصعب أوردناه بداية حديثنا اليوم هل نحن بلد صناعي؟؟
 
كما نتابع رسائلنا إلى السادة الوزراء الجدد الذين لم ننسهم كما ظن البعض فنقول للسيد وزيرشؤون رئاسة الجمهورية : أن جلّ ما نرجوه منكم ياسيدي أن تشكلوا في موقعكم هذا فريقاً يكون مسؤولاً عن متابعة تنفيذ ما يتفق عليه خلال زيارات السيد رئيس الجمهورية إلى الدول العربية الشقيقة والأجنبية الصديقة لأننا نعرف أن هذه الزيارات والجهود العظيمة التي يبذلها السيد الرئيس خلالها ’ تفتح آفاقاً واسعة للتعاون مع هذه البلدان وتكاد لا تخلو زيارة من توقيع عدد من اتفاقات التعاون الاقتصادية والسياحية والثقافية والعلمية وغيرها والتي يبقى جزء كبير منها دون تفعيل لعدم وجود جهاز متابعة لدى الحكومة يكون مسؤولاً عن متابعة التنفيذ مع هذه البلدان ونعتقد أن فريقاً برئاستكم سيكون قادراً على تذليل كثير من العقبات التي تقف أمام متابعة تنفيذ ما يتفق عليه مع الدول الأخرى وفيه الخير كل الخير لسورية واقتصادها وأهلها . ولنا في طريقتكم في العمل بمتابعة أدق التفاصيل الأمل في إنجاز وتحقيق هذا الخير ...
 

قفشة :  أكثر ما يستغربه المرء عندما يشاهد مسؤولينا الحكوميين في جولاتهم على مواقع العمل والانتاج وخاصة في المشاريع والحقول اصرارهم على أن يكونوا بكامل قيافتهم من الطقم "السينية" إلى ربطة العنق على قميص منشى ... مما يجعلهم غير قادرين على البقاء طويلاً في موقع واحد مستعجلين العودة إلى السيارات لإصلاح ما فسد من هذه القيافة وانظروا للتأكد بعض المسؤولين في لجنة الحسكة الاخيرة خلال جولاتهم كم كان منظر بعضهم رائعاً في بعض المواقع بلباسهم "السينية" أمام فلاحين لا يجدون ما يقيتهم...         

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.