مصدر الصورة
SNS
أخيراً حقق حلمه الذي راوده سنوات عديدة، حلم تحقق بالجهد المتواصل والعمل الدؤوب.
لم تثنه المصاعب و لم يقف في وجهه ضيق ذات اليد، محققاً إنجازاً فردياً، يستفيد منه كل طالب علم ومعرفة وبالمجان.
إنه الدكتور فواز الأزكي مدرس مادة الجيولوجيا في كلية الجغرافية بجامعة تشرين في اللاذقية، الذي أنشأ أول متحف جيولوجي في سورية، من أمواله الخاصة (مرتبه الشهري) في منزله الوحيد الذي ورثه عن أهله.
( محطة أخبار سورية SNS ) زارت متحف الأزكي في قريته التي تبعد حوالي / 20 / كم شمال شرق اللاذقية وأجرت معه اللقاء التالي:
يقول الدكتور الأزكي : "بداية فكرة إنشاء المتحف كانت أثناء دراستي الجامعية، حيث كانت غرفتي الجامعية في العاصمة الرومانية، بخارست، محط زيارة للأصدقاء والأساتذة والزملاء لأنها كانت أشبه بمتحف جيولوجي صغير، حيث كانت تحتوى على رفوف ملأتها بعينات نموذجية من الصخور والفلزات والمستحاثات التي كنت أجمعها أثناء الجولات الحقلية الطلابية في رومانيا، وبينما كنت أرتب تلك العينات هناك، كان يراودني حلم، أن أجد عند عودتي إلى سورية متحفاً جيولوجياً أغني مكوناته بهذه العينات".
و يضيف الدكتور الأزكي "بعد عودتي إلى الوطن رحت أجول سيراً على الأقدام، من سفوح جبل الأقرع حتى سلسلة لبنان الشرقية، وبعد ستة عشر عاماً من العمل الحقلي المتواصل، ملأت العينات التي في حوزتي كل ركن في بيتي بالقرية، وكانت بحاجة إلى تصنيف وترتيب، لذلك قررت في عام / 2001 / تحويل جزء من منزلي الوحيد في قرية قسمين إلى أول متحف جيولوجي في سورية" .
ويتابع "ما تشاهده الآن هو نتيجة جهد وعمل متواصلين على مدى سبع سنوات، من البناء ووضع الرفوف والصناديق، ووضع الهويات على العينات التي بداخلها ، بالإضافة إلى المجسمات الكبيرة للديناصورات الموجودة في البهو الخارجي للمتحف".
وحول أقسام المتحف يقول الدكتور الأزكي: " يتألف المتحف من قسمين، واحد في الهواء الطلق والآخر داخلي، ويشغل الأول مساحة / 1500 / م2ويحتوي، في المدخل، على عينات نموذجية ضخمة لمختلف أنواع الصخور المنتشرة في سورية بأبعاد ما بين /60-230 / سم، وأوزانها ما بين / 40 / كغ وحتى / 1.5 / طن، وقد وضع على كل عينة هوية كتب عليها اسم الصخور بالعربية والإنكليزية ومصدرها.
والجدير ذكره أن مدخل المتحف، رصف من صخور البودينغ من سرير النهر الكبير الشمالي ومن منطقة أم الطيور، كما تم رصف البهو الخارجي بصخور الغابرو المميزة لصخور المعقد الأفيوليتي في منطقة البسيط، بينما وزعت في البهو مقاعد من رخام البدروسية وهي تتسع لـ / 80 / طالباً وتتيح إلقاء المحاضرات في الهواء الطلق"0
وفي أثناء تجوالنا بين الأقسام وجدنا قسماً لافتاً للانتباه، وهو قسم بانوراما الديناصورات فحدثنا عنه الدكتور الأزكي قائلاً: " قمت بتصميم وتنفيذ ديناصور عاشب، وهو أضخم ديناصور سيطر على الأرض في الدور الجوراسي، و كذلك ديناصور آخر لاحم، الذي يعد آخر ديناصور منقرض في نهاية الزمن الطباشيري منذ /65 / مليون سنة، وهو من أشرس الديناصورات التي وجدت على الأرض، بالإضافة إلى الديناصور الطائر اللاحم الذي منه انحدر عالم الطيور, وطوله / 4 / م وطول جناحيه / 4 / م أيضاً ، وجميع الأبعاد المذكورة آنفاً هي أبعاد حقيقة كما أظهرت الحفريات الجيولوجية في العالم".
أما عن المتحف الداخلي فقد أوضح الدكتور الأزكي، "أن عدد أركانه سبعة، أولها ركن المستحاثات، وهو عبارة عن أسطوانة بقطر / 6 / م بسقف دائري مائل، وقد وضعت عليه مجسماً لنجم البحر، لأنه موجود في سورية كمستحاثة في الصخور، ويعيش في البحر المتوسط ككائن، وأنا أعدّه رمزاً للمستحاثات السورية، وعلى السقف الداخلي وضعت مجسمات للشمس وكواكبها بأبعادها النسبية بالنسبة للأرض، وعلى الجدران الداخلية وضعت بانوراما لجغرافيا الأرض أي شكل الأرض منذ / 200 / مليون سنة ، وحتى /50/ مليون سنة، أما على الرفوف فقد وزعت صناديق خشبية نموذجية ذات واجهات زجاجية وفيها أنواع من المستحاثات المكتشفة في سورية وعلى كل صندوق هوية كتب عليها اسم المستحاثة وعمرها ومصدرها.
ثاني الأركان هوركن الفلزات وبني بشكل موشوري، وسقفه معين مائل، كتب عليه بالحجارة:( SIO2)وهي الصيغة الكيميائية لفلز الكوارتز الذي يتبلور بالنظام الموشوري وهو أكثر الفلزات انتشاراً في سورية، وعلى الرفوف وضعت صناديق خشبية بواجهات زجاجية فيها جميع أنواع الفلزات الموجودة في سورية وعلى كل صندوق هوية عليها اسم الفلز بالعربية والإنكليزية".
أما ثالثها فيحمل عنوان: ركن الجيولوجيا الفطرية، ويبين كيف استطاع الإنسان السوري أن يستخدم الصخور بشكل صحيح فطرياً 0
ورابعها هو ركن الثقب الأسود، وهو عبارة عن دهليز مقوس مظلم ينتهي بالركن الخامس وهو نموذج للمغارات المنتشرة في جبالنا الساحلية بصواعدها ونوازلها.
والركن السادس مخصص للصخور المنتشرة في سورية مع هوياتها ، وعلى أحد جدرانه علقت أقدم خارطة جيولوجية لسورية والتي تعود إلى / 1945 / بالإضافة لأحدث خارطة جيولوجية لسورية.
أما الركن السابع والأخير فهو مكتبة المتحف وتحوي أكثر من / 700 / كتاب باللغات العربية والإنكليزية والفرنسية والروسية والرومانية، وتشكل مراجع علمية جيولوجية لجميع الطلاب والباحثين.
وعن آخر أعماله يقول الأزكي: "إنه بانوراما البركان السوري, ويتمثل بمجسم لبركان قطره / 4 / أمتار والفوهة قطرها متر واحد، و يمكن الدخول إليه عن طريق بوابة تشبه بوابة أوغاريت و داخل البركان عينات لستة براكين سورية".
أما مشروع الأزكي المستقبلي فهو كما يقول: " مرصد فلكي لمراقبة القبة السورية على مدار العام".
يختم الدكتور فواز الأزكي حديثه بالقول: "فرحتي تزداد يوماً بعد يوم, بزيارات الأطفال و السائحين لمتحفي، وأنا أضع هذا المتحف تحت تصرف جميع الفعاليات الثقافية والعلمية والتعليمية, وجميع زوار بلدي الحبيب سورية بالمجان، و أتمنى أن يتحول متحفي إلى صرح علمي وسياحي وثقافي لوطني الغالي والحبيب سورية.
يذكرأن الدكتور فواز الأزكي من مواليد سورية عام / 1959 / م وحائز على شهادتي الهندسة والدكتوراه من جامعة بوخارست الرومانية، وهو مؤلف أول موسوعة جيولوجية عربية في دمشق / 2003 / م. كما يمتاز الأزكي بإتقانه لعدة لغات وهي، غير العربية، الانكليزية والفرنسية والرومانية، كما أنه عضو في ست جمعيات علمية محلية ودولية في مجال اختصاصه.
