تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

القدس.. أذا أُبعـــد أبناؤهـــا عنهـــا ماذا سيتبقى من عروبتها !

 

 

د. ندى الحايك خزمو

تحدثنا في البيادر كثيراً عن القدس، وعن الأخطار التي تحدق بها وبمواطنيها، وعن المخطط الاسرائيلي الشرس الذي يستهدف عروبتها ويسعى الى تهويدها .. وركزنا على موضوع تهجير المقدسيين، والأساليب المتبعة من قبل الاحتلال لتنفيذ هذا المخطط، وشرحنا عن الهوية الزرقاء التي يحملها المقدسيون، وبأنهم يحملون صفة مقيمين وليسوا مواطنين في القدس، وبأنه وبجرة قلم سيتم شطب هذه الاقامة وطرد المقدسي من قدسه التي ولد وترعرع وعاش فيها، ووجهنا النداءات الكثيرة حتى مل القلم من تلك النداءات والتحذيرات وما من مجيب.

وها هو اليوم المخطط يعلن بكل صراحة ووقاحة بعد أن لم يجد الاحتلال من يوقفه عند حده ليكمل تنفيذه، لا يعير اهتماماً لأي كان، ولأي قوانين ومعاهدات دولية، يفعل ما يشاء كيفما يشاء ومتى يشاء.. يطرد، ويهدم البيوت الفلسطينية.. يبني المستوطنات ويوسع المقامة منها، يعلي الجدار أكثر وأكثر، ويزيد من حصاره على الفلسطينيين، ويصرف المليارات لإتمام مشاريعه التهويدية للقدس.

اجراءات اسرائيلية جديدة قديمة، ولكنها أصبحت معلنة، بل موثقة على الهوية، فصفة "مقيم" أضافتها وزارة الداخلية الاسرائيلية على الهوية ، والتي حددت صلاحيتها أيضاً بعشر سنوات، بمعنى أن كل مقدسي ليس مواطناً في القدس، وانما حاصل على حق الاقامة الذي سيسحب منه في أي وقت وتحت أي ذريعة يختلقها الاحتلال، أو تحت طائلة أي قانون يسن من قبله، وما أكثرها من قوانين أصدرها الاحتلال من أجل تطبيق المخططات الاسرائيلية لتهويد القدس وتفريغها من مواطنيها الأصليين، وتوطين اليهود بدلاً منهم.

ولم يكتف الاحتلال بذلك، بل قام باصدار ما سمي "البطاقة الذكية" بعد اصداره لما يسمى بقانون "قاعدة البيانات البيومترية"، والذي تم اقتراحه في العام 2008، وتمت المصادقة عليه بالقراءة الأولى ثم تمت المصادقة عليه في نهاية العام 2009، وأيضاً على التعليمات المرافقة له في العام 2011. القانون يتطلب تجميع البيانات الشخصية لحامل الهوية الاسرائيلية ، من ملامح الوجوه والبصمات ومكان السكن والعمل ومركز الحياة، بمعنى آخر كل التفاصيل الصغيرة والكبيرة عن المواطن وأفراد عائلته وحتى على الحمض النووي.. ان هذا القانون سيكون بمرحلة تجريبية طوعية لمدة عامين – ربما تجدد لمدة أطول- ولكنه سيصبح اجبارياً بعد انتهاء المرحلة التجريبة . وهذا القانون لن يشمل الفلسطينيين فقط بل والاسرائيليين أيضاً، ولكن الذي سيتأثر به هو المواطن العربي فقط، لأنه كلما أراد شخص ما اصدار بطاقة هوية أو تجديد بطاقته القديمة فسيطلب منه كل هذه المعلومات، والتي ستؤدي الى سحب هويته وطرده من القدس في حال عدم استطاعته تقديم كل الاثباتات والمعلومات التي تتضمنها "قاعدة البيانات البيومترية" .

وسيلة أخرى تستهدف المواطن الفلسطيني من ضمن الوسائل والمخططات الكثيرة الأخرى، ضرائب بشتى أشكالها وأنواعها.. هدم بيوت .. حصار شديد.. واعتداءات على المقدسات.. وضغوطات اقتصادية.. ولكن هذه الوسيلة ستكون الأكثر فعالية وأكثر قدرة على تهجير المقدسيين من قدسهم، فكيف للمقدسي أن يلبي جميع المتطلبات التي ستفرض عليه لإثبات أنه "يستحق" الهوية المقدسية، فعدم توفير مطلب واحد فقط كفيل بسحب هويته واقامته من القدس وطرده منها ..

انها القدس.. القدس يا سادة، مواطنوها ومقدساتها تتطلب كل الجهود للحفاظ عليها وعلى عروبتها ، فماذا سيتبقى من عروبتها اذا أُبعد المقدسيون عنها.. من سيحافظ عليها ومن سيحميها من كل تلك المخططات الجهنمية التي تحاك ضدها.. أين العرب مما يحصل؟ يلهونهم بخلافات داخلية وبحروب أهلية لينسوا القدس وينسوا مواطنيها ومقدساتها.. أين "المجاهدين" الذين يحاربون أبناء جلدتهم ويرتكبون المجازر بحقهم، وأقدس مقدساتهم تدنس وسيكون مصيرها الازالة عن الوجود.. أين هم ولماذا لا يهبّون لنجدتها ولمحاربة العدو الحقيقي بدلاً من محاربة أبناء أمتهم ، بل حتى أبناء دينهم .. انهم للأسف ينفذون المخططات الصهيو- أميركية لتدمير دولنا العربية الممانعة والمقاومة، بل جميع دولنا العربية.. وتدمير كل من يعمل من أجل نصرة القدس والقضية الفلسطينية .. فاصحوا يا نيام.. استيقظوا قبل فوات الأوان ..

فيا أهل فلسطين ويا أهل القدس هبوا لنجدة قدسكم ولا تتخاذلوا عنها وعما يحاك ضدها من مؤامرات، فما حك جلدك مثل ظفرك.. اعترضوا بكل قوة على هذه الاجراءات، أوصلوها الى كافة المستويات، فنحن أبناء القدس الأصليون ولا يحق لأحد أن يحرمنا من البقاء فيها..

ان القدس أمانة في أعناقنا.. فلا تتخاذلوا للحظة عن نصرتها والدفاع عنها وعن حقوقنا فيها، فالشجب والاستنكارات لا تكفي، وانما تحتاج الى كل الجهود بكل أشكالها للعمل من أجل بقائها عربية ومن أجل الحفاظ على مقدساتها ، ولتعزيز صمود مواطنيها فيها ..

القدس في خطر .. القدس تنادي ومن واجب الجميع تلبية النداء..

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.