محطة أخبار سورية
بعد تحرير القصير تحدث سائر أطراف العدوان على سوريا عن اعتزامهم تغيير توازن القوى كما ربطوا السير في جنيف 2 بقلب المعادلة وعكس اتجاه المعارك .
اولا جاء تحرير الخالدية في حمص بكل ما قيل عنها وما يقال ليؤكد ان القصير كانت القاعدة لا الاستثناء خصوصا وقد سبقت استرجاع هذا الحي الرئيسي في حمص القديمة إنجازات كبيرة للجيش العربي السوري وقوات الدفاع الوطني في ريف دمشق والقامشلي والحسكة والرقة وإدلب وبالتالي فالمؤشرات تدل على ان الاستثناء هو ما حصل في خان العسل حيث قامت المخابرات التركية والسعودية بتنفيذ عملية حشدت فيها آلاف المقاتلين عبر الحدود التركية وهدفها إضافة إلى الترويع عبر ارتكاب المجازر التي تستحيل سلاحا ذا حدين فهي كما تخيف وتروع إنما تفرض نهوضا قويا لإرادة القتال عند جنود الجيش العربي السوري ومقاتلي قوات الدفاع الوطني والهدف الثاني من العملية كان منع التحقيق الأممي في استخدام العصابات الإرهابية للسلاح الكيماوي قبل أشهر في البلدة ومع ورود مؤشرات حول تورط تركي وأميركي في تلك الجريمة الموصوفة.
التحول الكبير في التوازنات لصالح الدولة الوطنية وجيشها هو ما وصفته التقارير الغربية الحكومية والإعلامية على السواء خلال الشهرين الأخيرين حيث اوردت الصحف الأميركية و البريطانية روايات عن استفادة ألوف المسلحين من العفو الحكومي وإلقائهم السلاح تحت تأثير أهاليهم من سكان الأرياف الذين كفروا بالتمرد المسلح واكتشفوا حقيقة التكفير الدموية وتهتك الواجهات السياسية المسماة معارضة.
ثانيا من الأهداف الافتراضية وراء مجزرة خان العسل استدراج القوات السورية لتبديل خططها وتخفيف الضغط على أوكار العصابات في حمص وريف دمشق حيث تواصل اندفاعها هجوميا لاستعادة المحافظتين المهمتين ولإحكام السيطرة عليهما وفقا لخطة العمليات الحربية الموضوعة من قبل القيادة العليا للجيش والقوات المسلحة السورية .
كانت خطط تعديل التوازنات العسكرية في سوريا تقضي بحشد وحدات جديدة من الحدود الأردنية والتركية بعدما سدت المنافذ عبر لبنان بنتيجة عملية القصير ومن الواضح ان القوة التي تقرر دفعها من الأراضي الأردنية كانت هي محور الرهان لأنها تتشكل من عشرات آلاف المقاتلين المصريين والفلسطينيين الذين كانوا سوف يشكلون فيلقا تعهد به الرئيس المخلوع محمد مرسي للقادة الأميركيين وألمح إليه في خطبة الجهاد الشهيرة التي ألقاها في القاهرة وهي أثارت قلق قيادة الجيش المصري بالنظر للأولويات والمصالح الوطنية المصرية أما من الناحية التركية فقد نفذ حزب أردوغان الحاكم حصته من التعهدات بالشراكة مع المملكة السعودية بحشد آلاف التكفيريين عبر مناطق الحدود في محافظتي حلب وإدلب إضافة لما تم تسريبه من إرهابيين عبر الحدود الأردنية بترتيب سعودي بندري.
ثالثا أسقطت الانتفاضة المصرية كل رهان على تنفيذ خطة فيلق مرسي بينما تتراجع القدرة على تجييش المزيد من التكفيريين وحشدهم إلى سوريا بسبب الهزائم و الخسائر المتلاحقة في حين يتصاعد الارفضاض الشعبي عن العصابات المسلحة وتتكشف حقيقتها الدموية والإرهابية امام المزيد من السوريين الذين يتحول مزاجهم العام لصالح الدولة الوطنية طلبا لاسترجاع الاستقرار الأمني والاجتماعي .
السيطرة على محافظات ريف دمشق وحمص وحماه هو ما يسعى إليه الجيش العربي السوري لفرض نسبة توازن جديدة في المعادلات تتيح الانتقال لعمليات هجومية واسعة في باقي المحافظات السورية والقيادة العسكرية السورية تنفذ خططها وبرامجها دون اعتبار لأي عامل سياسي او عسكري من خارج معطيات الميدان فالمهمة هي القضاء على الإرهاب و التمرد وإعادة بسط سيطرة الدولة التي باتت مطلبا شعبيا ملحا في مقاومة حرب عالمية طاحنة .
إن تحرير حي الخالدية يمثل إنجازا عسكريا مهما للقوات السورية المسلحة ويسمح بتعجيل إحكام السيطرة على المدينة القديمة وإنهاء وجود العصابات في أحيائها بالنظر لمساحته وموقعه وستكون الخطوات التالية في الرستن وقلعة الحصن وتل بيسة حاسمة لإنجاز استعادة السيطرة على منطقة وسط سوريا بما تمثله استراتيجيا واقتصاديا على طريق قلب المعادلات التي تسير عكس التوقعات والوعود الأطلسية والرجعية العربية.
غالب قنديل
