تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

أمريكا وبعض العرب.. انتظار غودو!!

                  

                                                                                                                                                                                           15/7/2013

ما زال بعض العرب في المنطقة ــ  وتحديداً بعض الخليجيين بقيادة فصيل سعودي ـ ينتظرون أن تلعب أمريكا دوراً كبيراً في الأزمة السورية؛ بشكل أوضح ما زالوا يراهنون أو يحلمون بتدخل عسكري أمريكي في سورية، كرمى عيونهم؛ يؤدي هذا التدخل إلى إسقاط الدولة السورية والنظام السوري ويريحهم من عذاب الضمير الذي يسببه لهم هذا النظام في مسائل عديدة، ليس أقلها مساندة المقاومة الفلسطينية والدفاع عن الأقصى الشريف.

لكن بعض الكتّاب السعوديين بدأ يفقد الثقة في قدرة الأمريكيين على المبادرة والقيام بأي فعل. وهذا ما تعكسه كتاباتهم. ولذلك انتقل للمطالبة بأن تقوم السعودية وبعض المشيخات الخليجية والأردن بتزويد المعارضة السورية بأسلحة ثقيلة (طارق الحميد، الشرق الأوسط 15/7/2013). بل أكثر من ذلك، يتحدث الحميد عن "تخاذل أمريكي". هذا اليأس من الدور الأمريكي يعني منطقياً أن ما تقدمه الإدارة الأمريكية وما تقوم به لتخريب سورية أقل مما هو مرجو عربياً أو بالتحديد سعودياً، ولكنه يعني أيضاً أن الأزمة السورية أخذت مساراً مهمّاً وهو قرب إعلان انتصار الدولة السورية على المخربين والمسلحين. والحقيقة أن التطورات الميدانية تبرر هذا التحليل، خاصة وأن الجيش العربي السوري يضيف كل يوم جديداً لانتصاراته. وربما قريباً سيضطر هؤلاء إلى التراجع خطوة أخرى وإعلان فشلهم بطريقة ما وربما على طريقة الهروب القطري "الحمدي" وبأوامر أمريكية جازمة حازمة.

الأمر الآخر، هو أن هؤلاء العرب ممن ربطوا أنفسهم بالذيل الأمريكي، لا يريدون أن يصدّقوا أن الدور الأمريكي في تراجع وانحسار، وهو يتجه إلى المرتبة الثانية بعد روسيا، وأن الرئيس الأمريكي باراك أوباما ليس متخاذلاً ولا جباناً ولا غبياً كما يصفونه، بل هو براغماتي ويعرف "حدود" قدرة بلاده المتآكلة على الفعل والمبادرة وتراجع دورها العالمي الأخلاقي والقيمي والاقتصادي والعسكري. ولذلك فهو يتجنّب القيام بأي عمل أو خطوة تجبره على القيام بأي عمل عسكري ـ هو وإدارته ودولته ـ غير قادرين على تحمّل أعبائه المادية والعسكرية وردّة الفعل الشعبية الأمريكية الداخلية والدولية، خاصة وأن المسألة السورية مختلفة عن المسألة العراقية والليبية والأفغانية، وهذا لم يعد سرّاً.

وعليه فإن ما يقوم به الرئيس أوباما هو قيادة بلاده بشكل هادئ لتحتل موقعها المتراجع الجديد على الخارطة العالمية، دون ضجيج أو صراخ أو تهوّر، بدل أن تهتز الدولة أو يتهددها تفكك الكيان كما حدث في الاتحاد السوفيتي قبل أكثر من عقدين.

انتظار بعض العرب سقوط سورية كان طويلاً، وانتظارهم الحرب الأمريكية المباشرة على سورية كان أطول من ذلك. ولبعض عرب الخليج تاريخ طويل بالبكاء والوقوف على الأطلال؛ فليجلسوا هناك في انتظار غودو الأمريكي الأوروبي ليأتي راكباً على جمل أحمر فوق رمال الربع الخالي المتحركة.. هذا شأنهم!!

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.