تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

المنعطفات.. التاريخية.. الخطيرة!!

                                                                                                                         12 /7/2013

منذ أكثر من خمسين عاماً ونحن نقرأ ونسمع أدبيات الأمة العربية وقادتها ومسؤوليها، وتتكرر على مسامعنا كلمات ومفردات، مثل؛ لحظة حاسمة، أطماع الدول الاستعمارية، مرحلة دقيقة، مرحلة تاريخية، منعطفات خطيرة، المرحلة الأكثر خطورة، مرحلة مصيرية... الخ. وربما كان الهدف من استخدام هذه المصطلحات هو التهويل علينا أحياناً للتهوين من أشياء أخرى تمّر تحت هذه الشعارات، وأحياناً كثيرة كانت هذه المصطلحات أقل مما يجب قوله للتعبير عما يجري..

لكن المرحلة التي تمر بها الأمة العربية حالياً ربما هي الأخطر، هذا إذا جاز لنا أن نستخدم مصطلح الأمة العربية!! فأين هي الأمة العربية؟! أصبحت دولاً كثيرة مبعثرة متقاتلة تتبع كل منها سياسات خاصة بها, قد يكون في تنفيذها هلاك بعض أشقائها من الدول الأخرى، أو قد تكون موجهة لهلاك هذه الدول. ونظرة شاملة على هذا الوطن العربي الكبير من الخليج إلى المحيط  تظهر حجم الأخطار التي تتهدده، وحجم التخلف والضعف والهوان الذي يمر به ووصل إليه. لكن الأخطر هو تلك السياسة الرجعية التدميرية التي كانت التي تقودها السعودية وما زالت، وشاركت قطر أيضاً عبر قياداتها السابقة  في استخدام أموالها في لعبة القتل المفتوحة في الدول العربية "الشقيقة".

منذ زمن بعيد، والقيادة السعودية تمارس سياسة إضعافٍ وتدمير ضدّ كل من سورية ومصر والعراق.  وقد مرت علاقاتها مع هذه الدول بفترات من العمل والتعاون الجماعي، لكن العقل السعودي كان دائماً محكوماً بالتوجهات الأمريكية وفيّاً ومنفذاً لها، وهي التي تحرص أولاً وأخيراً على أمن إسرائيل وحمايتها؛ الدولتان الوحيدتان في المنطقة اللتان لم تتعرضا لأي مضايقات من الإدارات الأمريكية المتعاقبة هما إسرائيل والسعودية رغم الفارق الكبير بين طبيعة الأنظمة الثلاثة، ورغم التخلف السعودي في الحكم وابتعاده سنين ضوئية عن الديمقراطية والدساتير والأحزاب والبرلمانات مما تطالب به واشنطن الدول الأخرى فإنها تنسى السعودية، بل إن السعودية تطالب بتحقيق الديمقراطية في الدول الأخرى وتنسى نفسها.

ورغم الأوضاع العربية الخطيرة، فقد يكون هناك بعض الضوء في آخر النفق؛ الشيء الإيجابي الأول هو خروج الخلافات العربية والحرب العربية ـ العربية إلى العلن. لماذا؟! لأنها أنهت عقوداً من النفاق والتكاذب العربي. فقد كانت الكثير من الدول وفي مقدمتها السعودية تمارس سياستين؛ واحدة معلنة وتدعو إلى التعاون العربي وتهلل له في إعلامها المنافق، وأخرى خفيّة ضد هذا التعاون وضد العرب الذي لا يماشون سياساتها تقودها وتمارسها استخباراتها بالتعاون مع الغرب بقيادة الأمريكي. وهذا الأمر انتهى الآن. فقد أصبح واضحاً أن السعودية تتدخل في مصر بالطريقة التي تريدها وساهمت في قلب نظام الإخوان المسلمين، وأن الاستخبارات السعودية تتدخل في العراق وتموّل عمليات القتل والتفجيرات. وأصبحت أكثر وضوحاً وسفوراً قيادة الاستخبارات السعودية للعمليات التخريبية في سورية؛ تمويلاً ودعماً عسكرياً ولوجستياً وإدارياً، بغية قلب نظام الحكم وتدمير الدولة السورية ونشر الفتنة المذهبية.

الأمر الإيجابي الأخر، قد يكون، ومن حيث لا يدري أصحاب الدور التدميري في الوطن العربي، ومن حيث لا يقصدون بالطبع، هو بداية تشكل وعيٍ عربي جديد لحقيقة التخريب الذي تمارسه دولٌ مثل قطر والسعودية. وأصبح أغلب العرب يعرفون الحقيقة وهي أن مثل هذه الدول ساهمت في قلقلة تونس وتدمير ليبيا، وزعزعة استقرار اليمن، وأشرفت على تقسيم السودان ولم تحرّك ساكناً لمنع ذلك، وهي الآن تعبث بالمشرق العربي، فتهدد الأردن وتضغط عليه، وتموّل الحركات الإرهابية في لبنان والعراق وسورية.

الأمر الأخير هو أن المنطقة العربية تغلي على مراجل خطيرة وكبيرة. وهذا الغليان لن يترك الدول المخربة بعيدة عنه. معروفٌ أن من يلعب بالنار يحرق أصابعه، لكن الأيدي الخليجية في قلب النار الكبيرة، التي بدأت تقترب من "الهشير" الخليجي. مسألة وقت وقد نرى السعودية في قلب المعمعة ومعها جيرانها، فالشعب السعودي ليس أقل من غيره، ولن يرضَ بعد الآن قيادة غبية له تقوده إلى حيث أصبح مكروهاً في كلّ مكان من بقاع العالم.

نهاية المنعطفات الخطيرة، قد تكون بداية طريقٍ عريض لمستقبلٍ عربيٍّ أكثر إشراقاً وأكثر وضوحاً وأكثر استقراراً بعد هذا المخاض الأليم.

 

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.