تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

تسليح المعارضة السورية ....بالماء!!

23/6/2013

تحدثت أخبار الصحف أمس، عن «لائحة تسوق للأسلحة» بـ15 نوعاً نظر فيها «أصدقاء سوريا» أمس في الدوحة ووزراء خارجياتهم الأحد عشر. اللائحة تشمل صواريخ مضادة للطائرات، والدبابات، ومعدات اتصال متطورة، وذخائر من طراز روسي، ومدفعية هاون، ومدافع عديمة الارتداد، وألبسة للمقاتلين وأسلحة خفيفة، ومستشارين عسكريين ومدربين...

لكن الجو الأوروبي والأمريكي "مُكهرب"!! فالأوروبيون لألف سببب وسبب يترددون بتسليح المعارضة السورية المسلحة أصلاً؛ بعضهم لحسابات داخلية وخلافات بشأن الموضوع مثل بريطانيا التي كانت أول المتحمسين لتسليح المعارضة السورية، ثم بلعت لسانها؛ وبعضهم بسبب الخوف من عودة هذه الأسلحة وحامليها للقتال في ديارهم مثل فرنسا التي تخشى عودة المسلحين للقتال على أراضيها، فيما بعض الدول الأوروبية الأخرى ترفض بالمبدأ إرسال السلاح لجهات غير نظامية وحكومية. أما الولايات المتحدة؛ فلطالما اخترعت الأعذار لتأخير تسليح المعارضة بشكل صريح وواضح والسبب أنها لاتريد أن تظهر بشكل سافر وفجّ في الإطار؛ مع أنها تقود فعلياً كل عمليات التسليح والتدريب ولكن لها حساباتها الخاصة ولا تريد التورط العلني في خسارة حرب أخرى على الارض السورية! ناهيك عن فرملتها لأي سباق تسلّح جديد مع روسيا العائدة للمسرح الدولي بكل قوة وعناد وصلف، إضافة للرفض الشعبي الأمريكي للتورط في حرب خارجية جديدة في سورية!!

وإلاّ؛ هل تملك قطر والسعودية وتركيا حقاً ترف التصرف ضد الرغبة الأمريكية في تسليح المعارضة والمسلحين الأجانب الذين يقاتلون في سورية؟! الجواب واضح، ولاحاجة للمحاججة فيه.

مهما يكن، بالأمس، نقلت صحيفة السفير(22/6/2013) عن قطب سوري معارض قوله إن مؤتمر الدوحة قد يتحول إلى مؤتمر "وداعي لعملية التسليح" التي ستقتصر من بعده على العمليات التي تقوم بها الدول الخليجية وحدها. وبالأمس أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إنه «لا يمكنني أن أتفق مع الكلام القائل بأن الأسد يحارب شعبه. ليس الشعب السوري هو من يحارب ضد الأسد، بل المقاتلون الذين تم تسليحهم من الخارج». هل هذا مؤشر على أي شيء؟ نعم، وبالتأكيد!!

هكذا أصبحت دولُ دعاةِ التسليح في مأزق؛ هي تسلّح جماعات لاتعرف إلى أين تسير بأهدافها؛ جماعاتٌ متطرفة لاهدف واضح لها غير القتل والتخريب وسفك الدماء، جماعاتٌ لابرنامج لها ولا خطة، وهي منقسمة ومشرذمة... والصالح فيها ومنها لايقدر على القيام بشيء. فما العمل، وكيف النزول عن شجرة التصعيد والتسليح والصراخ؟؟

صحيفة الخليج الإماراتية (23/6/2013) تحدثت عن "مقاربة خلاّقة" اعتمدها اجتماع "أصدقاء ـ أعداء سورية" بالأمس، بتأكيد مبدأ دعم المعارضة عسكرياً وسياسياً مع ترك الحرية لكل بلد في المجموعة لتقدير شكل الدعم الذي يريد. أكثر من ذلك، اعتمد الاجتماع “قرارات سرية” لتغيير الوضع على الأرض في سوريا. والسؤال؛ مَن سيحاسب الممولين والمسلِّحين وكيف، ومَن سيراقب كل العمليات التسليحية، وهل ستتم هذه المساعدات فعلاً أم لا، ومَن يقدّر إمكانية كل بلد وقدرته على تقديم المساعدة؛ الأمر متروك لكل بلد وللمقاربة الخلاقة: القرارات السرية!!

وبالأمس أيضاً، طالب اجتماع الدوحة المسلحين بـ «الانسحاب فورا» من سورية، واعتبر أن الطبيعة الطائفية المتزايدة للصراع والتدخلات الخارجية «تعرّض للخطر وحدة سورية وتؤدي إلى توسيع الصراع» في انحاء المنطقة. وعبّر الاجتماع أيضا عن القلق الشديد للحضور المتزايد لـ"عناصر ارهابية" والتشدد المتزايد في سورية. تُرى هل يدين المشاركون في الاجتماع أنفسهم دون أن يعلموا ذلك؟! أليس التسليح تدخلاً خارجياً؟ ألم تقل الأمم المتحدة إن هناك مقاتلين من أكثر من 29 بلداً يحاربون ضد النظام في سورية؟

أذكر حادثة مهمة، أنه في قرية مجاورة لمحافظة طرطوس يشتهر أهلها بالبخل، أن الأهالي قرروا ذات يوم الخروج في نزهة، وبدأوا الحديث عن الاستعدادات وماذا يجب على كل عائلة أن تأخذ معها للنزهة (الخبز واللحم والخضرة... الخ). ولمّا كان البخل سيّد الموقف وأساس اتخاذ القرار عند الجميع، لم يتمكن الجمع من تحديد ماهية ما على كل طرف فعله، فقرروا أن يتركوا الأمر بشكل كيفي، كقرار "أصدقاء سورية" بالأمس؛ أي أن تحضر كل عائلة ما تريد إحضاره. وفي اليوم التالي ومع وصول الجميع إلى مكان النزهة، كانت كل عائلة قد أحضرت كالوناً من الماء ,معتمدة ان الآخرين سيكون لديهم الطعام اللازمِ!!

الماء مفيد للمعارضة السورية ولبعض العرب؛ أولاً، يمكنهم استخدامه لتبريد الرؤوس الحامية لبعض المعارِضة وداعميها، وثانياً، لجعلهم يفكرون بطريقة منطقية وواقعية أكثر ليعرفوا حدود إمكاناتهم وبالتالي تخفيض سقف مطالبهم وتوقعاتهم وتسكين هواجسهم.

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.