تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

خلطة مرسي ـ أردوغان!!

21/6/2013

هل قدر كل من يسقط أن يرتطم بسورية أولاً ليكون سقوطه مدوياً!! أم أن من يصطدم بسورية قدره السقوط المدوّي؟؟ هاك مثالين؛ رئيس وزراء تركيا رجب طيب أردوغان، ورئيس جمهورية مصر العربية محمد مرسي.

أردوغان بنى قبل عدة سنوات امبراطورية أحلامه عندما كانت سورية تقف معه وتسانده؛ فأعلن مواقف ومارس تصرفات نالت إعجاب العالم ولاسيما الإسلامي منه والعربي؛ في قضية فلسطين، في الإقليم، وفي السياسيات الشرق أوسطية، حتى بدا أن نموذج تركيا الأردوغاني بات يحتذى، من سياسة صفر مشكلات مع الجيران، إلى الاقتصاد والسياحة وصولاً إلى التعاون والتكامل في المنطقة.

وكانت بوابة دمشق كأنها هي المدخل  الرئيسي لكل ما يقوم به ويستلهمه. وعندما انقلب أردوغان على مواقفه وهاجم الشام وقيادتها وخان شعبها والخبز والملح، أغلقت دمشق بوابتها بوجه ناكر الجميل والجار المزعج وانتظرت؛ فأصبح أردوغان وكأنه في سجن عثماني قديم!! يصرخ ملء فِيه ولا أحد يجيب!! عاندته الأيام ووقفت ضده، وكان سقوط النموذج الأردوغاني الذي لم يحصل على موافقة دمشق، أسرع مما توقع الجميع بمن فيهم هو نفسه، وربما كانت هذه غلطته الأكبر والأصعب. لعنة سورية حلّت على أردوغان وستبقى تلازمه حتى ينال كلّ الجزاء والعقاب الذي يستحق. أردوغان الإخواني يسقط بشكل مريع وتنكشف كلّ عظاته الفارغة وكأنه نمر من ورق حملته أول هبّة ريح إلى مكان بعيد وألقته في مساحات الفراغ، فكيف لو هبّت عاصفة قوية على غيمة الصيف الأردوغانية!؟؟

أما الرئيس المصري محمد مرسي، فوضعه مرثي ويرثى له!! كلّما رأيته أتذكر بعض قادة قارة إفريقيا بأشكالهم وألبستهم الغريبة، مع أن مصر تخرج على أيدي مرسي وجماعته من إفريقيا بالكامل، ولا أشعر أبداَ برئيس "مصر العروبة" ولا برئيسٍ يمثّل تياراً إخوانياً يدّعي الإسلام، بعدما كانت سيدة إفريقيا ورمز العروبة أيام الرئيس الراحل جمال عبد الناصر في بداية النصف الثاني من القرن الماضي!!

لم يكن هناك خلال عام مضى أفضل من محمد مرسي ليثبت فشل التجربة الإخوانية في الحكم؛ في الاقتصاد والسياسة والاجتماع والإعلام وكل مظاهر الحكم، مع أن الولايات المتحدة تقف خلفه وتدعم غبائه بكل طاقاتها، ولكن؛ فالج لا تعالج! حوّل موقف مصر إلى قزم صغير بعدما كانت مصر أم الدنيا، و"تاج العلاء فى مفرق الشرق ودراته فرائد عقدها"!!

مصر في عهد مرسي في وضع بائس حقاً، وهذا ما دفع الشعب المصري إلى حملةِ "تمرّد" ضخمة ستكون نتائجها هائلة على وضع مصر بعد الثلاثين من حزيران الحالي، نأمل أن تخرج منها أقوى وتستعيد عافيتها بعد هذه "الوباء الإخواني" الذي حلّ بها. ولكن لكي تحل لعنة سورية على مرسي، أقدم الأخير على قطع العلاقات مع دمشق وشمخ ونفخ في بوق التحريض والتجييش الطائفي، وحرّض ضد سورية، وكأن سورية تقف وراء كلّ مشاكله. ونكتفي بأن نعرض موقف الكاتب المصري الكبير محمد حسنين هيكل، حيث وجّه انتقادات حادّة للرئيس مرسي مشدداً على أن "قطع العلاقات مع سوريا هو قرار لا يملكه، لاعتبارات تتعلق بالأمن القومي المصري"، محذراً من أن "هذه الخطوة تعني خروج مصر من آسيا، في الوقت الذي تواجه فيه مشاكل صعبة في القارة الإفريقية".

إذن؛ إذا قطع مرسي العلاقات مع سورية، ستخرج مصر من قارة أسيا؟! أجل. وهو ستحلّ عليه لعنة سورية وسيخرج وجماعته من الحكم خائباً صاغراً تعيساً غير مأسوف عليه.

قبل قرنين ونصف، ترك لنا الكاتب المسرحي الإغريقي سوفوكليس، مسرحية الملك أوديب(King Oedipus) التي تخبرنا بأن لا أحد يستطيع أن يحكمَ على آخرٍ بأنه سعيد إلا إذا قضى ساعته الأخيره دون أن يتعرض لشرّ ما. وفي العامية نقول "الأمور بخواتيمها"، أو "مَن يضحك أخيراً يضحك كثيراً"! وعليه ليس المهم صراخ أردوغان وترهات مرسي وإعطائهما المواعظ والتوجيهات خلال الفترة السابقة؛ المهم أن يتّعظا هما أولاً ولايبدو أن ذلك قد حصل؛ والمهم النهاية السعيدة للأشياء ولايبدو أن النهاية سعيدة لأي منهما!!

 

 

إضافة تعليق جديد

نص عادي

  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • Web page addresses and email addresses turn into links automatically.
اختبار رمز التحقق هذا السؤال هو لاختبار ما إذا كنت زائرًا بشريًا أم لا ولمنع إرسال الرسائل غير المرغوب فيها تلقائيًا.